58ـ كلمة شهر ذي الحجة1432هـ: نحن بأمسِّ الحاجة.....

58ـ كلمة شهر ذي الحجة1432هـ: نحن بأمسِّ الحاجة.....

 

الاعتراف بالذنب دليل الإيمان:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد فيا أيها الإخوة الكرام:

نحن بأمسِّ الحاجة في هذه الآونة إلى المسلم المؤمن، الذي يتَّصف بهذا الصفات:

أولاً: صفة الصدق، نحن بأمسِّ الحاجة إلى المسلم الصادق الذي لا يعرف الكذب، الذي سمع قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى البِرِّ، وَإِنَّ البِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا؛ وَإِيَّاكُمْ وَالكَذِبَ، فَإِنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ، وَإِنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا) رواه مسلم.

ثانياً: صفة الأمانة، نحن بأمسِّ الحاجة إلى المسلم الأمين الذي لا يعرف الخيانة، الذي سمع قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ) رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حديث حسن، وسمع قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ بِالحَدِيثِ ثُمَّ الْتَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ) رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حديث حسن.

نحن بأمسِّ الحاجة إلى الرجل المسلم الأمين، الذي لا يغيِّره الدينار والدرهم، ولا تغيِّره المكانة، ونحن بأمسِّ الحاجة إلى المؤمن الذي هو كالذهب الذي لا يغيِّره شيء، والذي قال عنه الحبيب صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ مَثَلَ المُؤْمِنِ لَكَمَثَلِ القِطْعَةِ مِنْ الذَّهَبِ، نَفَخَ عَلَيْهَا صَاحِبُهَا فَلَمْ تَغَيَّرْ وَلَمْ تَنْقُصْ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ مَثَلَ المُؤْمِنِ لَكَمَثَلِ النَّحْلَةِ، أَكَلَتْ طَيِّبًا وَوَضَعَتْ طَيِّبًا، وَوَقَعَتْ فَلَمْ تُكْسَرْ وَلَمْ تَفْسُدْ) رواه الإمام أحمد.

ثالثاً: صفة الإنصاف، نحن بأمسِّ الحاجة إلى المسلم المنصف، الذي ينصف الآخرين من نفسه، الذي سمع قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ}، وسمع قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون}.

نحن بأمسِّ الحاجة إلى الرجل المسلم المنصف، الذي سمع كلام سيدنا عبد الله بن رواحة رضي الله عنه عندما بعثه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إلى خيبر ليخرص لهم ثمارهم، فأرادوا أن يرشوه، فقال عبد الله: (يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ أَنْتُمْ أَبْغَضُ الخَلْقِ إِلَيَّ، قَتَلْتُمْ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَذَبْتُمْ عَلَى اللَّهِ، وَلَيْسَ يَحْمِلُنِي بُغْضِي إِيَّاكُمْ عَلَى أَنْ أَحِيفَ عَلَيْكُمْ، قَدْ خَرَصْتُ عِشْرِينَ أَلْفَ وَسْقٍ مِنْ تَمْرٍ، فَإِنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ، وَإِنْ أَبَيْتُمْ فَلِي. فَقَالُوا: بِهَذَا قَامَت السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ) رواه الإمام أحمد.

رابعاً: صفة الرحمة، نحن بأمسِّ الحاجة إلى الرجل المسلم الرحيم، الذي يرحم الآخرين، الذي سمع قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ، يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ) رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وسمع قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (لا تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إِلا مِنْ شَقِيٍّ) رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وقال: هذا حديث حسن. وسمع قول الحبيب صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى) رواه البخاري.

خامساً: صفة الرجولة، نحن بأمسِّ الحاجة إلى الرجل المسلم المتَّصف بصفة الرجولة، التي أشار إليها مولانا عز وجل بقوله: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}، وسمع قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ) رواه البخاري ومسلم.

نحن بأمسِّ الحاجة إلى صفة الرجولة التي قال عنها ابن عيينة وحماد بن زيد:

لا تتمُّ الرئاسة للرجال إلا بأربع: علم جامع، وورع تام، وحلم كامل، وحسن تدبير.

فإن لم تكن هذه الأربع: فمائدة منصوبة، وكفٌّ مبسوطة، وبذل مبذول، وحسن المعاشرة مع النّاس.

فإن لم تكن هذه الأربع: فبضرب السَّيف، وطعن الرُّمح، وشجاعة القلب، وتدبير العساكر؛ فإن لم يكن فيه من هذه الخصال شيء فلا ينبغي له أن يطلب الرِّئاسة.

اللهم هيئ لنا من أمرنا رشداً. آمين.

أخوكم أحمد النعسان

يرجوكم دعوة صالحة

**      **      **

 2011-10-27
 34071
الشيخ أحمد شريف النعسان
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  كلمة الشهر

24-06-2025 165 مشاهدة
227ـ أجلنا محتوم

وَدَّعْنَا عَامًا هِجْرِيًّا مَضَى مِنْ عُمُرِنَا وَاسْتَقْبَلْنَا عَامًا هِجْرِيًّا جَدِيدًا، لَا نَدْرِي أَيَنْتَهِي فِيهِ أَجَلُنَا أَمْ لَا. عَلَيْنَا أَنْ نَعْلَمَ عِلْمَ الْيَقِينِ أَنَّ الْمَوْتَ حَتْمٌ لَازِمٌ لَا مَنَاصَ مِنْهُ لِكُلِّ ... المزيد

 24-06-2025
 
 165
27-05-2025 211 مشاهدة
226ـ هل من مغتنم؟

هَذِهِ العَشْرُ قَدْ أَقْبَلَتْ، وَأَبْوَابُ التَّنَافُسِ فِيهَا قَدْ فُتِحَتْ، فَهَلْ مِنْ مُنَافِسٍ فِي الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي يُحِبُّهَا اللهُ تَعَالَى؟ فَالأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ الَّتِي يُحِبُّهَا اللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الأَيَّامِ ... المزيد

 27-05-2025
 
 211
30-04-2025 248 مشاهدة
225ـ لا تحزنوا فالله معكم

الإِيمَانُ الحَقِيقِيُّ يُخْرِجُ العَبْدَ مِنَ الشَّدَائِدِ وَالمِحَنِ وَالكُرُوبِ، وَيَجْعَلُهُ فِي حَالَةِ ارْتِبَاطٍ بِاللهِ تَعَالَى وَاليَوْمِ الآخِرِ، الإِيمَانُ هُوَ دِرْعُ وَسِلَاحُ وَمَنَارُ المُؤْمِنِ وَقْتَ الشَّدَائِدِ القَاسِيَةِ، ... المزيد

 30-04-2025
 
 248
06-04-2025 387 مشاهدة
224ـ ما أجمل الأتقياء وأكرمهم

مَا أَجْمَلَ الأَتْقِيَاءَ وَأَكْرَمَهُمْ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، تَآلَفَتْ قُلُوبُهُمْ فِي اللهِ تَعَالَى وَعَلَى طَاعَتِهِ، وَهَذَا مِنْ فَضْلِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، قَالَ تَعَالَى: ﴿فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ ... المزيد

 06-04-2025
 
 387
04-03-2025 418 مشاهدة
223ـ اعتبروا الناس بأعمالهم

مَنْ حُجِبَ عَنِ العِلْمِ عَذَّبَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى جَهْلِهِ، وَأَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا مَنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ العِلْمُ فَأَدْبَرَ عَنْهُ، وَسَاقَ اللهُ إِلَيْهِ الهُدَى فَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ ... المزيد

 04-03-2025
 
 418
08-01-2025 1038 مشاهدة
221ـ نموذجان من المسلمين اليوم

الإِنْسَانُ خُلِقَ لِلْجَنَّةِ، وَالجَنَّةُ خُلِقَتْ لَهُ، وَالجَنَّةُ هِيَ سِلْعَةٌ، وَسِلْعَةُ اللهِ غَالِيَةٌ، وَثَمَنُهَا فِي الدُّنْيَا؛ فَمَا هُوَ ثَمَنُ الجَنَّةِ؟ ثَمَنُ الجَنَّةِ هُوَ العِبَادَةُ للهِ تعالى، وَالإِسْلَامُ عَقَائِدُ ... المزيد

 08-01-2025
 
 1038

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3236
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424990739
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :