مَا مِنْ نِعْمَةٍ يُسْبِغُهَا اللهُ تعالى عَلَيْنَا في حَيَاتِنَا الدُّنْيَا إِلَّا مِنْ أَجْلِ الاخْتِبَارِ وَالابْتِلَاءِ ﴿لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ﴾. فَإِمَّا أَنْ تَبْقَى النِّعْمَةُ نِعْمَةً بِسَبَبِ الشُّكْرِ، وَإِمَّا أَنْ تَنْقَلِبَ إلى نِقْمَةٍ بِسَبَبِ الكُفْرِ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ. ... المزيد
عَلَيْنَا أَنْ نَهْتَمَّ بِمَا نَقُولُ، عَلَيْنَا قَبْلَ أَنْ نَتَكَلَّمَ أَنْ نَتَعَلَّمَ، لِأَنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ لَهَا أَثَرٌ، فَبِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ تُرْضِي مَوْلَاكَ، وَبِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ يُسْخِطُ العَبْدُ رَبَّهُ، بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ يُرْفَعُ العَبْدُ في الجَنَّةِ دَرَجَاتٍ، وَبِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ يَقَعُ العَبْدُ في دَرَكَاتِ نَارِ جَهَنَّمَ، وَبِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يُلْقِي لَهَا العَبْدُ بَالَاً يُحْبِطُ عَمَلَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي. ... المزيد
مَا مِنْ كَلِمَةٍ يَتَفَوَّهُ بِهَا العَبْدُ إِلَّا وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْهَا، وَمَسْؤُولٌ عَنْ نَتَائِجِهَا؛ وَلِأَهَمِّيَّتِهَا جَعَلَ اللهُ تعالى لَهَا مَلَكَاً مُوَكَّلَاً بِهَا، قَالَ تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾. ... المزيد
﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾. وَيَقُولُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾. ... المزيد
إِنَّ المَعَاصِيَ وَالمُنْكَرَاتِ التي يَقْتَرِفُهَا العِبَادُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ، جِهَارَاً نَهَارَاً، لَهَا آثَارٌ مُدَمِّرَةٌ، عَلَى الفَرْدِ وَالأُسْرَةِ وَالمُجْتَمَعِ. ... المزيد
هَا نَحْنُ نُوَدِّعُ عَامَاً مِنْ أَعْمَارِنَا، وَنَسْتَقْبِلُ عَامَاً جَدِيدَاً، وَدَّعْنَا عَامَاً كَامِلَاً طُوِيَتْ فِيهِ صَحَائِفُ أَعْمَالِنَا، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا يَدْرِي هَلْ طَوَاهَا بِسُوءِ عَمَلِهِ فَسَوَّدَ صَحِيفَةَ أَعْمَالِهِ، أَمْ بِصَالِحِ طَاعَاتِهِ فَبَيَّضَ صَحِيفَةَ عَمَلِهِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا سَيَرَى مَا قَدَّمَ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْـضَرَاً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَاً بَعِيدَاً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾. ... المزيد
أَتَوَجَّهُ إلى الأُمَّةِ كُلِّهَا بِقَضِّهَا وَقَضِيضِهَا، حُكَّامِهَا وَمَحْكُومِيهَا، طَائِعِيهَا وَعَاصِيهَا، وَهِيَ تَسْتَعِدُّ لِإِحْيَاءِ رَأْسِ السَّنَةِ المِيلَادِيَّةِ، لِأَقُولَ لِهَذِهِ الأُمَّةِ: يَا أُمَّةَ الإِسْلَامِ، اتَّقِي اللهَ تعالى، وَاعْلَمِي بِأَنَّ اللهَ تعالى، وَرَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوكِ إلى دَارِ السَّلَامِ، وَإلى الجَنَّةِ وَالمَغْفِرَةِ، قَالَ تعالى: ﴿وَاللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ﴾. وَقَالَ: ﴿وَاللهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ﴾. وَقَالَ عَنْ حَبِيبِهِ المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ﴿وَدَاعِيَاً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجَاً مُنِيرَاً﴾. وَأَمَرَ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ حَبِيبَهُ المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخْبِرَ عَنْ نَفْسِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِأَنَّ سَبِيلَهُمُ الدَّعْوَةُ إلى اللهِ تعالى، فَقَالَ تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ﴾. ... المزيد
إِنَّ مَسْأَلَةَ المَسْجِدِ الأَقْصَى، وَالحَدِيثَ عَنْهُ، وَعَنْ مَوْقِفِ الأُمَّةِ مِنْ أَحْدَاثِ السَّاعَةِ حَوْلَ المَسْجِدِ الأَقْصَى ، يَتَطَلَّبُ مِنَ الأُمَّةِ أَنْ تَقْرَأَ بِتَدَبُّرٍ صَدْرَ سُورَةِ الإِسْرَاءِ: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلَاً مِنَ المَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ * وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلَاً * ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدَاً شَكُورَاً﴾. ... المزيد
أَعْظَمُ مِنَّةٍ مَنَّ اللهُ تعالى بِهَا عَلَى العِبَادِ مِنَّةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ تعالى: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولَاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾. ... المزيد
مِنْ سُنَّةِ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، وَطَرِيقِ الدُّعَاةِ إلى اللهِ تعالى مِنْ بَعْدِهِمْ تَذْكِيرُ الأُمَّةِ بِأَيَّامِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَذَلِكَ امْتِثَالَاً لِأَمْرِ اللهِ تعالى القَائِلِ: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ﴾. ... المزيد
هَا نَحْنُ في شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، شَهْرِ مَوْلِدِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، هَا نَحْنُ في شَهْرِ المَحْبُوبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، الذي أَنْقَذَنَا اللهُ تعالى بِهِ مِنَ الهَوَى إلى الهُدَى، وَنَوَّرَنَا بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَنَا عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِنَا، حَتَّى تَرَكَنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى المَحَجَّةِ البَيْضَاءِ. ... المزيد
هُنَاكَ ظَاهِرَةٌ اجْتِمَاعِيَّةٌ سَيِّئَةٌ انْـتَشَرَتِ انْتِشَارَاً وَاسِعَاً في أَكْثَرِ الأُسَرِ، وَهِيَ عَدَمُ العَدْلِ في العَطِيَّةِ بَيْنَ الأَوْلَادِ؛ كَثِيرٌ مِنَ الآبَاءِ مَنْ يُخَصِّصُ الذُّكُورَ بِهِبَاتٍ مِنْ بُيُوتٍ وَمَحَلَّاتٍ وَيَحْرِمُ الإِنَاثَ؛ وَكَثِيرٌ مِنَ الأُمَّهَاتِ مَنْ تُخَصِّصُ الإِنَاثَ بِهِبَاتٍ مِنْ ذَهَبٍ وَمَالٍ دُونَ الذُّكُورِ؛ هَذَا التَّخْصِيصُ زَرَعَ الأَحْقَادَ وَالعَدَاوَاتِ بَيْنَ أَفْرَادِ الأُسْرَةِ الوَاحِدَةِ، وَزَرَعَ العُقُوقَ تُجَاهَ الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ. ... المزيد
نَحْنُ اليَوْمَ بِأَمَسِّ الحَاجَةِ لِمُرَاقَبَةِ اللهِ تعالى في أَقْوَالِنَا وَأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا، وَفِي جَمِيعِ حَرَكَاتِنَا وَسَكَنَاتِنَا، لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مَحْصِيٌّ عَلَيْنَا ﴿أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾. ... المزيد
آيَتَانِ مِنْ كِتَابِ اللهِ تعالى مُلْفِتَتَانِ للنَّظَرِ، الأُولَى قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾. وَالثَّانِيَةُ قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. الأُولَى جَاءَتْ بَعْدَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْرَاً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ﴾. جَاءَتْ بَعْدَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقَاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾. ... المزيد
شَرُّ الخَلْقِ عَلَى الإِطْلَاقِ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ هُمُ الذينَ يَسْتَغِلُّونَ نِعْمَةَ اللهِ تعالى، وَيَخُونُونَهَا، وَيَسْتَخْدِمُونَهَا في مَعْصِيَةِ اللهِ تعالى ... المزيد
بما أن المُجْتَمَعَ لَا يَقُومُ إِلَّا عَلَى الأُسْرَةِ، لِذَا فَقَد اهْتَمَّ الإِسْلَامُ بِالأُسْرَةِ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهَا، لِكَيْ يُنْشِئَ مُجْتَمَعَاً صَالِحَاً وَسَلِيمَاً، وَحَذَّرَ مِنَ انْهِيَارِهَا، لِأَنَّ انهِيَارَ الأُسْرَةِ انْهَيَارٌ للمُجْتَمَعِ. ... المزيد
عِنْدَمَا تَكُونُ أُسَرُنَا مُتَمَاسِكَةً مُلْتَزِمَةً بِكِتَابِ اللهِ تعالى، وَبِهَدْيِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، تَنْمُو الخِلَالُ الطَّيِّبَةُ، وَتَنْشَأُ الخِصَالُ الكَرِيمَةُ، وَيَنْشَأُ الأَبْنَاءُ عَلَى طَاعَةِ اللهِ تعالى ... المزيد
دِينُنَا وَشَرْعُنَا الحَنِيفُ الذي أَتَمَّهُ اللهُ تعالى وَأَكْمَلَهُ، يَنْظُرُ إلى بُيُوتِ الزَّوْجِيَّةِ بِأَنَّهَا سَكَنٌ وَأَمْنٌ، وَيَنْظُرُ إلى العَلَاقَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِوَصْفِهَا مَوَدَّةً وَرَحْمَةً وَأُنْسَاً، وَيُقِيمُ هَذِهِ العَلَاقَةَ عَلَى الاخْتِيَارِ المُطْلَقِ ... المزيد
التَّفَكُّكُ الأُسَرِيُّ الذي تَشْهَدُهُ الأُمَّةُ اليَوْمَ هُوَ أَمْرٌ خَطِيرٌ، يُؤَدِّي إلى زِيَادَةِ تَمَزُّقِ الأُمَّةِ، وَإلى كَثْرَةِ التَّدَاعِي عَلَيْهَا مِنْ شَرْقٍ وَغَرْبٍ. ... المزيد
إِنَّ تَخَلْخُلَ الأُسْرَةِ وَضَعْفَ تَمَاسُكِهَا لَيْسَ فَسَادَاً للأُسْرَةِ فَقَطْ، أَو شَقَاءً لِأَبْنَائِهَا وَحْدَهُمْ، وَلَكِنَّهُ فَسَادٌ للأُمَّةِ كُلِّهَا، وَدَمَارٌ للبَشَرِيَّةِ جَمْعَاءَ. ... المزيد