فَإِنَّنَا وَللهِ الحَمْدُ في مَطَالِعِ الأَيَّامِ المُبَارَكَةِ، فَالأَيَّامُ العَشْرُ الأُوَلُ مِنْ ذِي الحِجَّةِ هِيَ خَيْرُ أَيَّامِ العَامِ عَلَى الإِطْلَاقِ، كَمَا أَنَّ لَيَالِيَ العَشْرِ الأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ هِيَ خَيْرُ لَيَالِي العَامِ عَلَى الإِطْلَاقِ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟». ... المزيد
هَذِهِ الدُّنْيَا مَلِيئَةٌ بِالحَوَادِثِ وَالفَوَاجِعِ، وَالأَمْرَاضِ وَالقَوَاصِمِ؛ فَبَيْنَا الإِنْسَانُ يَسْعَدُ بِقُرْبِ عَزِيزٍ أَو حَبِيبٍ إِذَا هُوَ يُفْجَعُ وَيُفَاجَأُ بِخَبَرِ وَفَاتِهِ، وَبَيْنَا الإِنْسَانُ في صِحَّةٍ وَعَافِيَةٍ وَسَلَامَةٍ وَسَعَةِ رِزْقٍ إِذَا هُوَ يُفْجَعُ وَيُفَاجَأُ بِمَرَضٍ يُكَدِّرُ حَيَاتَهُ وَيَقْضِي عَلَى آمَالِهِ، أَو بِضَيَاعِ مَالٍ أَو وَظِيفَةٍ فَتَذْهَبُ طُمُوحَاتُهُ، وَتَفْسُدُ مُخَطَّطَاتِهِ وَرَغَباتِهِ. ... المزيد
ذَكَرْتُ في الأُسْبُوعِ المَاضِي فَرْحَةَ الطُّلَّابِ وَذَوِيهِمْ في نَجَاحِهِمْ، وَهَا أَنَا اليَوْمَ أَعُودُ فَأَقُولُ للطُّلَّابِ الذينَ أَكْرَمَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالنَّجَاحِ، والذينَ حُرِمُوا نِعْمَةَ النَّجَاحِ، أَقُولُ لِكُلٍّ مِنَ الطَّرَفَيْنِ: للطُّلَّابِ وَلِذَوِيهِمْ، تَذَكَّرُوا جَمِيعَاً قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾. ... المزيد
الشُّكْرُ للهِ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ نِصْفُ الإِيمَانِ، وَقَالُوا في تَعْرِيفِ الشُّكْرِ: هُوَ الثَّنَاءُ عَلَى اللهِ تعالى المُنْعِمِ بِمَا مَنَحَكَ مِنْ نِعَمٍ وَمَعْرُوفٍ، وَيَكُونُ الشُّكْرُ بِالقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَالجَوَارِحِ. ... المزيد
اقْتَرَبَ وَقْتُ صُدُورِ نَتَائِجِ الامْتِحَانِ للطُّلَّابِ، وَكُلَمَا اشْتَدَّ قُرْبُ الوَقْتِ لِصُدُورِ النَّتَائِجِ رَأَيْتَ وُجُوهَ الطُّلَّابِ في حَالَةِ اضْطِرَابٍ مَعَ ذَوِيهِمْ، يَرْقُبُونَ صُدُورِ النَّتَائِجِ، وَهُمْ يَرْجُونَ اللهَ تعالى النَّجَاحَ. ... المزيد
كُلُّنَا يَعْلَمُ بِأَنَّ كُلَّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، وَأَنَّ الأَصْلَ في الإِنْسَانِ الإِيمَانُ، وَلَكِنَّ الشَيْطَانَ قَدْ يَلْعَبُ بِهَذَا العَبْدِ فَيُخْرِجُهُ مِنَ النُّورِ إلى الظُّلُمَاتِ، وَذَلِكَ بِإضْعَافِ الإِيْمَانِ فِي قَلْبِهِ حَتَّى يُرْدِيهِ هَزِيلَاً وَاهِنَاً تَتَلَاعَبُ بِهِ الأَهْوَاءُ الشَّهَوَاتُ، وَتَتَقَاذَفُهُ أَمْوَاجُهَا، وَتَثْقُلُ عَلَيْهِ الطَّاعَاتُ وَالوَاجِبَاتُ وَكُلُّ مَا يَتَّصِلُ بِدِينِهِ وَعِبَادَتِهِ. ... المزيد
كُونُوا عَلَى يَقِينٍ بِأَنَّا مَا خُلِقْنَا عَبَثَاً، وَلَنْ نُتْرَكَ سُدَىً ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثَاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللهُ المَلِكُ الحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ﴾. ... المزيد
لَقَدْ مَضَى شَهْرُ رَمَضَانَ وَرَحَلَ مَعَ الرَّاحِلِينَ، وَرَحِيلُهُ خَيْرُ شَاهِدٍ عَلَى أَنَّ اللهَ تعالى يَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَهُوَ خَيْرُ الوَارِثِينَ، وَخَيْرُ شَاهِدٍ عَلَى أَنَّهُ مَهْمَا طَالَ اللَّيْلُ لَا بُدَّ مِنَ الفَجْرِ، وَمَهْمَا طَالَ العُمُرُ لَا بُدَّ مِنَ القَبْرِ، وَخَيْرُ شَاهِدٍ عَلَى أَنَّ مَا كَانَتْ لَهُ بِدَايَةٌ فَلَهُ نِهَايَةٌ، فَهَنِيئَاً لِمَنْ كَانَتْ نِهَايَتُهُ طَيِّبَةً. ... المزيد
لَقَدْ كَانَ سَلَفُنَا الصَّالِحُ يَهْتَمُّوْنَ بِقَبُولِ العَمَلِ أَكْثَرَ مِنَ اهْتِمَامِهِم بِالعَمَلِ، وَكَانَوا يَخَافُونَ مِنْ رَدِّ العَمَلِ بَعْدَ القِيَامِ بِهِ، قَالَ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾. ... المزيد
عِيدُ الفِطْرِ المُبَارَكُ يَأْتِي في أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ شَوَّالٍ بَعْدَ صِيَامٍ، وَقِيَامٍ، وَذِكْرٍ للرَّحْمَنِ، وَتِلَاوَةٍ للقُرْآنِ، وَبَعْدَ ذَلِكَ الإِحْسَانِ. ... المزيد
هَذِهِ اللَّيْلَةُ المُقْبِلَةُ عَلَيْنَا هِيَ لَيْلَةُ السَّابِعِ وَالعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، نَرْجُو اللهَ تعالى أَنْ تَكُونَ هِيَ اللَّيْلَةُ التي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، أَوَلَيْسَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ القَائِلُ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾؟ ... المزيد
هَا نَحْنُ عَلَى أَعْتَابِ الثُّلُثِ الأَخِيرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ المُبَارَكِ، وَلَعَلَّهُ آنَ الأَوَانُ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُحَاسِبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا نَفْسَهُ قَبْلَ انْقِضَائِهِ، وَكُلُّنَا يَدْعُو: اللَّهُمَّ تَقَبَلْ مِنَّا الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالقِيَامَ وَتِلَاوَةَ القُرْآنِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ العُتَقَاءِ مِنَ النَّارِ. ... المزيد
نَحْنُ نَعِيشُ في سَيِّدِ الشُّهُورِ، في شَهْرِ القِيَامِ وَالطَّهُورِ، شَهْرِ الصِّيَامِ وَالسُّحُورِ، فَيَا سَعَادَةَ مَنْ عَاشَ أَيَّامَ رَمَضَانَ، وَكَانَ حَظُّهُ طَاعَةَ مَوْلَاهُ بِالقِيَامِ وَتِلَاوَةِ القُرْآنِ، وَيَا خَيْبَةَ وَخَسَارَةَ مَنْ كَانَ حَظُّهُ مُجَرَّدَ الحِرْمَانِ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ. ... المزيد
هَا هُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ قَدْ عَادَ إِلَيْنَا، وَمَرَّةً أُخْرَى يُنَادِينَا المُنَادِي: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَهَا هُوَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ الغَنِيُّ عَنَّا يُنَادِينَا بِقَوْلِهِ: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعَاً أَيُّهَ المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾. ... المزيد
قَدْ أَظَلَّنَا شَهْرُ رَمَضَانَ المُبَارَكُ، الذي مَيَّزَهُ اللهُ تعالى عَنْ غَيْرِهِ مِنَ الشُّهُورِ، هَذَا الشَّهْرُ العَظِيمُ المُبَارَكُ لَهُ مَنْزِلَةٌ عِنْدَ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ، حَيْثُ أَوْدَعَ اللهُ تعالى فِيهِ مِنَ الخَيْرِ وَالبَرَكَةِ مَا لَا يُوصَفُ مِنْ مُضَاعَفَةِ الحَسَنَاتِ، وَتَكْفِيرِ السَّيِّئَاتِ، وَالعِتْقِ مِنَ النَّارِ، وَتَصْفِيدِ الشَّيَاطِينِ، وَفَتْحِ أَبْوَابِ الجِنَانِ، وَإِغْلَاقِ أَبْوَابِ النِّيرَانِ؛ وَجَعَلَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ جَزَاءَ الصَّوْمِ خَاصَّاً بِهِ مِنْ سَائِرِ الأَعْمَالِ، وَأَوْدَعَ فِيهِ لَيْلَةً هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ. ... المزيد
الكَثِيرُ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَعِيشُ في هَمٍّ وَغَمٍّ وَكَرْبٍ وَقَلَقٍ وَاضْطِرَابٍ، لِأَنَّهُمْ مَا عَرَفُوا أَيْنَ تَكْمُنُ السَّعَادَةُ، بَعْضُهُمْ ظَنَّ السَّعَادَةَ بِالمَالِ الوَفِيرِ، وَالقَنَاطِيرِ المُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَبَعْضُهُمْ ظَنَّ السَّعَادَةَ بِالمَنَاصِبِ وَالسِّيَادَةِ وَالرِّيَادَةِ، بَعْضُهُمْ ظَنَّ السَّعَادَةَ بِالوَلَدِ. ... المزيد
هَذِهِ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ قَدْ أَقْبَلَتْ عَلَيْنَا، وَكُلُّنَا حَرِيصٌ عَلَى أَنْ يَتَعَرَّضَ فِيهَا لِنَفَحَاتِ اللهِ تعالى، لِأَنَّهَا مِنَ اللَّيَالِي المُبَارَكَةِ التي يُلْتَمَسُ فِيهَا الخَيْرُ، روى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ فَتَعَرَّضُوا لَهُ، لَعَلَّهُ أَنْ يُصِيبَكُمْ نَفْحَةٌ مِنْهَا فَلَا تَشْقَوْنَ بَعْدَهَا أَبَدَاً». ... المزيد
لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا وَتَفَضَّلَ عِنْدَمَا خَلَقَ لَنَا مِنْ أَنْفُسِنَا أَزْوَاجَاً، لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا وَتَفَضَّلَ عِنْدَمَا أَحَلَّ لَنَا النِّكَاحَ وَحَرَّمَ عَلَيْنَا السِّفَاحَ، لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا وَتَفَضَّلَ عِنْدَمَا أَكْرَمَنَا بِنِعْمَةِ الزَّوَاجِ الذي بِهِ يُقْطَعُ الشَّرُّ، وَيَشِيعُ الطُّهْرُ، وَيُحْفَظُ الفَرْجُ، وَيُغَضُّ البَصَرُ. ... المزيد
كُلَّمَا عَظُمَ الإِيمَانُ في قَلْبِ العَبْدِ، وَاسْتَقَامَتْ جَوَارِحُهُ عَلَى طَاعَةِ اللهِ تعالى كُلَّمَا اشْتَدَّ ابْتِلَاؤُهُ، وَمِنْ هَذَا المُنْطَلَقِ كَانَ الأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ أَشَدَّ النَّاسِ بَلَاءً، ثُمَّ الصَّالِحُونَ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ. ... المزيد
لَقَدْ حَثَّ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ العَظِيمِ عَلَى الزَّوَاجِ وَالإِنْكَاحِ، فَقَالَ تعالى: ﴿وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾. أَمْرٌ إِلَهِيٍّ فِيهِ تَوْجِيهُ الغَرِيزَةِ نَحْوَ المَجَالِ الشَّرْعِيِّ، وَذَلِكَ مِنْ أَجْلِ سَلَامَةِ المُجْتَمَعِ وَطَهَارَتِهِ، وَمِنْ أَجْلِ القَضَاءِ عَلَى الفَسَادِ، وَدَفْنِ الفَاحِشَةِ وَالرَّذِيلَةِ، لِأَنَّ انْتِشَارَ الفَاحِشَةِ وَالرَّذِيلَةِ سَبَبٌ لِخَرَابِ البِلَادِ، وَفَسَادِ العِبَادِ. ... المزيد