وَاللهِ الذي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، لَو عَرَفْنَا المَغْزَى مِنَ العِيدِ كَمَا أَرَادَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، لَكَانَ مُجْتَمَعُنَا مُتَمَاسِكَاً، لَكَانَ كَالبُنْيَانِ المَرْصُوصِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضَاً. عِيدٌ يَضْحَكُ فِيهِ النَّاسُ وَيُحْزِنُ قَلْبَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ عِيدَاً، بَلْ هُوَ مَأْتَمٌ عِنْدَ العُقَلَاءِ. ... المزيد
هَا هُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ المُبَارَكُ أَظَلَّنَا، وَهَا هِيَ الفُرْصَةُ الثَّمِينَةُ التي لَا تُعَوَّضُ، هَا هُوَ شَهْرُ الزَّادِ لضَمَانِ مُتَابَعَةِ طَرِيقِنَا إلى الآخِرَةِ. عَلَيْنَا أَنْ نُبَادِرَ بِالتَّوْبَةِ الصَّادِقَةِ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، لِأَنَّ العَبْدَ يُحْرَمُ مِنْ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ بِسَبَبِ الذُّنُوبِ ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾. وَلَا مُصِيبَةَ أَعْظَمَ مِنْ حِرْمَانِ العَبْدِ مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ. ... المزيد
هَذَا شَهْرُ شَعْبَانَ قَدْ أَدْرَكَكُمْ، فَاسْتَغِلُّوهُ بِالصِّيَامِ وَفِعْلِ الخَيْرَاتِ، مُتَأَسِّينَ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَهُوَ مِنْ مَوَاسِمِ الخَيْرِ التي يَجِبُ عَلَى المُسْلِمِ أَنْ يَسْتَغِلَّهَا، كَمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ فَأَفْطَرَهُ لِعُذْرٍ، أَو لِغَيْرِ عُذْرٍ، أَنْ يَتَدَارَكَ نَفْسَهُ وَيَصُومَهُ قَبْلَ مَجِيءِ شَهْرِ الخَيْرِ وَالإِحْسَانِ، شَهْرِ رَمَضَانَ المُبَارَكِ. ... المزيد
أُخَاطِبُ كُلَّ رَجُلٍ وَكُلَّ امْرَأَةٍ، انْطَلِقُوا في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ مُنْطَلَقِ: رَضِيتُ بِاللهِ تعالى رَبَّاً، وَبِالإِسْلَامِ دِينَاً، وَبِسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نَبِيَّاً وَرَسُولَاً. فَيَا مَنْ رَضِيَ بِاللهِ تعالى رَبَّاً، وَآمَنَ بِأَنَّ الجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، هَلْ تَذْكُرُونَ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرَاً مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرَاً مِنْهُنَّ﴾؟ ... المزيد
كَمْ نَحْنُ بِحَاجَةٍ إلى تَدَبُّرِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولَاً نَبِيَّاً﴾. لَقَدْ قَدَّمَ اللهُ تعالى وَصْفَ صِدْقِ الوَعْدِ عَلَى وَصْفِ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِيَلْفِتَ النَّظَرَ إلى شَرَفِ هَذِهِ الخَصْلَةِ وَسُمُوِّ هَذَا الخُلُقِ. ... المزيد
مَنْ أَسَرَّ سَرِيرَةً أَلبَسَهُ اللهُ تعالى رِدَاءَهَا، وَمَن أَكْرَمَهُ اللهُ تعالى بِخُلُقِ الحَيَاءِ فَقَدْ أَكْرَمَهُ اللهُ تعالى بِخُلُقِ الكِرَامِ، أَهْلِ المُرُوءَةِ وَالشَّرَفِ، وَأَهْلِ الفَضْلِ وَالعَقْلِ؛ وَمَنْ حُرِمَ هَذَا الخُلُقَ فَقَدْ حُرِمَ الخَيْرَ كُلَّهُ. ... المزيد
لَقَدْ عَاشَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَصْحَابِهِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَفْضَلَ وَأَكْرَمَ وَأَعْظَمَ عِيشَةٍ عَاشَتْهَا البَشَرِيَّةُ جَمْعَاءَ، وَانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ قَوْلُ القَائِلِ: لَوْ عَلِمَ المُلُوكُ وَأَبْنَاءُ المُلُوكِ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ لَجَالَدُونَا بِالسُّيُوفِ أَيَّامَ الْحَيَاةِ عَلَى مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ لَذِيذِ الْعَيْشِ. ... المزيد
نِعَمُ اللهِ تعالى عَلَى خَلْقِهِ كَثِيرَةٌ، وَلَا يُحْصِيهَا العَادُّونَ، كَمَا قَالَ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾. ... المزيد
كُلَّمَا دَخَلَ شَهْرُ صَفَرٍ الخَيْرِ هُنَاكَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَشَاءَمُ وَيَتَطَيَّرُ، وَهَذَا يُدْخِلُ إلى القَلْبِ الحُزْنَ وَالكَآبَةَ. ... المزيد
هَا نَحْنُ نُوَدِّعُ عَامَاً هِجْرِيَّاً، وَنَبْدَأُ بِعَامٍ هِجْرِيٍّ جَدِيدٍ، انْطَوَى عَامٌ هِجْرِيٌّ كَامِلٌ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا يَعْلَمُ بأَيِّ شَيْءٍ انْطَوَى عَنْهُ هَذَا العَامُ، بِسُوءِ عَمَلٍ يُسَوِّدُ الوَجْهَ، أَم بِعَمَلٍ صَالِحٍ يُبَيِّضُهُ؟ ﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ﴾. ... المزيد
الأُخُوَّةُ في اللهِ تعالى وَاجِبَةٌ لِكُلِّ مَنِ انْتَسَبَ إلى هَذَا الدِّينِ الحَنِيفِ، وَكَانَ صَادِقَاً في هَذَا الانْتِسَابِ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾. ... المزيد
لَمَّا خَالَفَ بَعْضُ الرُّمَاةِ أَمْرَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَتَرَكُوا مَوَاقِعَهُمْ، صَعِدَ أَبُو سُفْيَانَ قِمَّةَ الجَبَلِ وَقَالَ: أَفِي القَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ ـ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ـ. ... المزيد
إِنَّ حَيَاتَنَا في هَذِهِ الدُّنْيَا مَحْدُودَةُ الآجَالِ، وَأَيَّامَنَا سَرِيعَةُ الانْقِضَاءِ وَالزَّوَالِ، وَإِنَّ الوَاحِدَ مِنَّا يَنْتَقِلُ مِنْ حَالٍ إلى حَالٍ، وَمِنْ دَارٍ إلى دَارٍ، حَتَّى يَكُونَ المَآلُ في جَنَّةٍ أَو نَارٍ لَا قَدَّرَ اللهُ تعالى. ... المزيد
لَقَدْ أَرْسَلَ اللهُ تعالى سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِلَيْنَا لِيَدُلَّنَا عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ... المزيد
مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللهِ تعالى عَلَيْنَا بَعْدَ الإِيمَانِ أَنَّهُ يَمُدُّ في آجَالِنَا، حَتَّى نَغْتَنِمَ مِنْ أَيَّامِ عُمُرِنَا لِآخِرَتِنَا، وَنَحْرُثَ فِيهَا مَا اسْتَطَعْنَا، وَنَبْذُرَ فِيهَا مِنَ الأَعْمَالِ مَا اسْتَطَعْنَا. ... المزيد
لِنَحْذَرْ مِنْ أَسْبَابِ سَخَطِ اللهِ تعالى، وَلْنَسْتَيْقِظْ مِنْ هَذِهِ الغَفْلَةِ، لَقَدْ أَوْقَعَتْنَا الغَفْلَةُ في ارْتِكَابِ المُحَرَّمَاتِ، حَتَّى صَارَ الكَثِيرُ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَفْعَلُهَا جِهَارَاً نَهَارَاً دُونَ حَيَاءٍ وَلَا مُبَالَاةٍ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا بِسَبَبِ البُعْدِ عَنِ اللهِ تعالى، وَعَمَّا يُقَرِّبُ إِلَيْهِ تَبَارَكَ وتعالى، وَمَنْ غَفَلَ عَنِ اللهِ تعالى وَنَسِيَهُ، يَنْسَاهُ اللهُ تعالى ﴿جَزَاءً وِفَاقَاً﴾. ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾. ... المزيد
نَقْرَأُ كَلَامَ اللهِ تعالى وَنَسْمَعُهُ، وَكَأَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِينَا، وَلَا يُغَيِّرُ مِنْ مَوَاقِفِنَا وَأَقْوَالِنَا وَأَفْعَالِنَا؛ نَقْرَأُ كَلَامَ اللهِ تعالى وَنَسْمَعُهُ، وَلَا يُؤَثِّرُ في سُلُوكِنَا وَأَخْلَاقِنَا، وَنَحْنُ على مَا نَحْنُ عَلَيْهِ، على عَكْسِ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، الذينَ كَانُوا يَتَأَثَّرُونَ بِهِ وَيَنْفَعِلُونَ لَهُ أَشَدَّ الانْفِعَالِ، حَتَّى صَارُوا مَضْرِبَ مَثَلٍ للمُجْتَمَعِ المِثَالِيِّ، مُجْتَمَعِ العِزَّةِ، مُجْتَمَعِ الخُضُوعِ للهِ تعالى، لَا للأَهْوَاءِ وَالعَصَبِيَّاتِ، مُجْتَمَعِ المَحَبَّةِ الصَّادِقَةِ، مُجْتَمَعِ الوُضُوحِ وَالصِّدْقِ في التَّعَامُلِ. ... المزيد
الحَيَاةُ الحَقِيقِيَّةُ هِيَ الحَيَاةُ الدَّائِمَةُ التي لَا تَنْتَهِي بِالمَوْتِ، وَهَذِهِ لَا تَكُونُ إِلَّا في الآخِرَةِ، قَالَ تعالى: ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾. ... المزيد
مِنْ مُنْطَلَقِ الشَّفَقَةِ وَالرَّحْمَةِ، لَعَلَّ اللهَ تعالى أَنْ يَرْحَمَنَا، أَتَوَجَّهُ إلى كُلِّ مَنْ عَاثَ في هَذَا البَلَدِ فَسَادَاً، بِأَيِّ صُورَةٍ مِنْ صُوَرِ الفَسَادِ، وَأَقُولُ لَهُ: أَلَسْتَ على يَقِينٍ أَنَّكَ سَتَسْكُنُ القَبْرَ؟ ... المزيد
فَيَا سَيِّدِي يَا رَسُولَ اللهِ، لَقَدْ حَمَلْتَ هُمُومَ الأُمَّةِ، وَأَرَدْتَهَا أَنْ تَكُونَ عَالِيَةً مِنَ الأُمَمِ، فَجَعَلْتَهَا أُمَّةً مِنْ خَيْرِ الأُمَمِ، بِشَهَادَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ القَائِلِ: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ ... المزيد