لَقَدْ كُنَّا نَعِيشُ في هَذَا البَلَدِ بِفَضْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ آمِنِينَ مُطْمَئِنِّينَ، يَأْتِينَا رِزْقُنَا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، وَلَكِنْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ لَا يُقَدِّرُ نِعْمَةَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ، فَبَارَزَ اللهَ تعالى بِالمَعَاصِي وَالمُنْكَرَاتِ جِهَاراً نَهَاراً، وَالكَثِيرُ مِنَّا مَا كَانَ يَأْمُرُ بِالمَعْرُوفِ وَلَا يَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ، بَلْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَأْمُرُ بِالمُنْكَرِ وَيَنْهَى عَنِ المَعْرُوفِ، فَأَذَاقَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِبَاسَ الجُوعِ وَالخَوْفِ، وَعَمَّتِ الفِتْنَةُ وَأَصَابَتِ الجَمِيعَ، لِأَنَّ سُنَّةَ اللهِ تعالى في خَلْقِهِ كَمَا قَالَ: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾. عَمَّتِ الظَّالِمَ وَغَيْرَ الظَّالِمِ، لِأَنَّ غَيْرَ الظَّالِمِ مَا كَانَ نَاصِحاً وَلَا آمِراً بِالمَعْرُوفِ، وَلَا نَاهِياً عَنِ المُنْكَرِ. ... المزيد
إِنَّ الابْتِلَاءَاتِ سُنَّةٌ رَبَّانِيَّةٌ يَبْتَلِي بِهَا مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ مَنْ يَدَّعِي الإِيمَانَ، لِأَنَّ الادِّعَاءَ سَهْلٌ، لَكِنَّ إِثْبَاتَ صِحَّةِ هَذَا الادِّعَاءِ أَمْرٌ عَسِيرٌ، مِنَ السَّهْلِ جِدَّاً أَنْ يَدَّعِيَ الإِنْسَانُ أَنَّهُ يَمْلِكُ قُصُورَاً وَذَهَبَاً وَمَالَاً، لَكِنْ إِذَا طُلِبَ مِنْهُ إِثْبَاتُ مِلْكِيَّتِهِ بِالدَّلَائِلِ الصَّرِيحَةِ الوَاضِحَةِ، فَإِنَّهُ مِنَ الصَّعْبِ أَنْ يُثْبِتَهُ إِلَّا إِذَا كَانَ صَادِقَاً في هَذَا الادِّعَاءِ. ... المزيد
النَّاسُ بِحَاجَةٍ إلى كَنَفٍ رَحِيمٍ، وَرِعَايَةٍ حَانِيَةٍ، وَبَشَاشَةٍ سَمْحَةٍ؛ هُمْ بِحَاجَةٍ إلى وُدٍّ يَسَعُهُمْ، وَحِلْمٍ لَا يَضِيقُ بِجَهْلِهِمْ، وَلَا يَنْفِرُ مِنْ ضَعْفِهِمْ. ... المزيد
لَقَدْ كُنْتَ حَرِيصَاً عَلَيْنَا كُلَّ الحِرْصِ حَتَّى نَفُوزَ بِجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ، لَقَدْ كُنْتَ حَرِيصَاً عَلَيْنَا كُلَّ الحِرْصِ أَنْ لَا نَقَعَ في النَّارِ، وَلَكِنَّ الكَثِيرَ مِنَّا مَنْ يَتَفَلَّتُ مِنْكَ، وَصَدَقَ فِينَا قَوْلُكَ: «مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَارَاً، فَجَعَلَ الْجَنَادِبُ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهَا، وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ عَنْهَا، وَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ مِنْ يَدِي» رواه الإمام مسلم عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. ... المزيد
فَيَا سَيِّدِي يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا شَهْرُ رَبِيعٍ الأَنْوَرُ قَدْ عَادَ إِلَيْنَا مَرَّةً أُخْرَى، وَهُوَ يَحْمِلُ لَنَا في طَيَّاتِهِ ذِكْرَى مَوْلِدِكَ، التي كَانَتْ رَحْمَةً للعَالَمِينَ وَهُدَىً وَنُورَاً. ... المزيد
جَاءَ شَهْرُ صَفَر الخَيْرِ وَالكَثِيرُ مِنَ النَّاسِ يَتَشَاءَمُ فِيهِ، مَعَ العِلْمِ بِأَنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَذَّرَنَا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَةَ، وَلَا صَفَرَ، وَفِرَّ مِنَ المَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. ... المزيد
كُلَّمَا جَاءَ شَهْرُ اللهِ المُحَرَّمُ ذَكَرَ المُسْلِمُونَ هِجْرَةَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ ذِكْرَى يَوْمِ هِجْرَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ المُكَرَّمَةِ إلى المَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ تُعْطِي الأُمَّةَ دُرُوسَاً عَمَلِيَّةً لِتُصَحِّحَ سَيْرَهَا إلى اللهِ تعالى. ... المزيد
هَذِهِ أَيَّامُ عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ قَدْ أَقْبَلَت ْعَلَيْنَا بِفَضْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَهَا فَضْلٌ عَظِيمٌ، فَهِيَ مِنْ مَوَاسِمِ الطَّاعَاتِ وَالخَيْرَاتِ وَالقُرُبَاتِ، بَلْ إِنَّهَا أَفْضَلُ الأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ تعالى، وَقَدْ أَقْسَمَ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى بِهَا، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾. ... المزيد
لَقَدْ خَلَقَنَا اللهُ تعالى وَجَعَلَ مِنْ طَبِيعَتِنَا البَشَرِيَّةِ الخَطَأَ، وَبَيَّنَ ذَلِكَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» رواه الحاكم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. ... المزيد
الإِنْسَانُ المُسْلِمُ الحَقُّ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا هُوَ صَاحِبُ رِسَالَةٍ عَظِيمَةٍ، وَفِي عُنُقِهِ أَمَانَةٌ جَسِيمَةٌ تَتَمَثَّلُ في تَحْقِيقِ العُبُودِيَّةِ الخَالِصَةِ للهِ تعالى، وَالاسْتِقَامَةِ عَلَى شَرِيعَتِهِ، وَعَدَمِ الغَفْلَةِ عَنْهَا طَرْفَةَ عَيْنٍ. ... المزيد
هَا هُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ قَدْ عَادَ إِلَيْنَا، وَمَرَّةً أُخْرَى يُنَادِينَا المُنَادِي: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَهَا هُوَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ الغَنِيُّ عَنَّا يُنَادِينَا بِقَوْلِهِ: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعَاً أَيُّهَ المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾. ... المزيد
بَعْدَ أَيَّامٍ تُصَادِفُنَا لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، حَيْثُ يَتَعَرَّضُ فِيهَا المُسْلِمُونَ لِنَفَحَاتِ اللهِ تعالى، رَاجِينَ مِنَ اللهِ تعالى أَنْ يَشْمَلَهُمْ بِعَفْوِهِ وَمَغْفِرَتِهِ، وَأَنْ يُفِيضَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْوَارِهِ وَتَجَلِّيَاتِهِ. ... المزيد
شَهْرُ رَجَبٍ مِنَ الأَشْهُرِ الحُرُمِ الأَرْبَعَةِ التي قَالَ اللهُ تعالى فِيهَا: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرَاً فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾. ... المزيد
أما بعد، فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ يَغَارُ، وَإِنَّ المُؤْمِنَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللهِ أَنْ يَأْتِيَ المُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ». وفي رِوَايَةٍ لَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «المُؤْمِنُ يَغَارُ، وَاللهُ أَشَدُّ غَيْرَاً». ... المزيد
مَا مِنْ شَيْءٍ في الوُجُودِ إِلَّا وَيَشْهَدُ لِسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِالنُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ، فَهُوَ رَسُولُ اللهِ حَقَّاً وَصِدْقَاً، وَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَقٌّ، وَنُبُوَّتُهُ حَقٌّ، وَرِسَالَتُهُ حَقٌّ، وَنَحْنُ نَشْهَدُ بِذَلِكَ وَنُقِرُّ قَلْبَاً وَلِسَانَاً، حَالَاً ومَقَالاً. ... المزيد
مِنْ تَمَامِ نِعْمَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا أَنْ أَكْرَمَنَا اللهُ تعالى بِنِعْمَةِ الإِيمَانِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْلَا الإِذْنُ مِنَ اللهِ تعالى مَا آمَنَّا، أَلَمْ يَقُلْ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ في كِتَابِهِ العَظِيمِ: ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ كِتَابَاً مُؤَجَّلَاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ﴾؟ ... المزيد
كَمْ هُوَ فَضْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا كَبِيرٌ بِأَنْ جَعَلَنَا مِنْ أُمَّةِ هَذَا الحَبِيبِ الأَعْظَمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، الذي أَرْسَلَهُ اللهُ تعالى للنَّاسِ كَافَّةً، حَيْثُ كَانَ يُرْسِلُ كُلَّ نَبِيٍّ لِقَوْمِهِ، قَالَ تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعَاً﴾؟ ... المزيد
أَهَلَّ عَلَيْنَا شَهْرُ صَفَرَ الخَيْرِ، وَنَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَجْعَلَهُ هِلَالَ خَيْرٍ وَرُشْدٍ، وَأَنْ يُهِلَّهُ عَلَى الأُمَّةِ بِاليُمْنِ وَالإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالإِسْلَامِ، لَنَا وَلِسَائِرِ المُسْلِمِينَ في مَشَارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا. ... المزيد
نَحْنُ بَيْنَ مَخَافَتَيْنِ، بَيْنَ أَجَلٍ قَدْ مَضَى لَا نَدْرِي مَا اللهُ صَانِعٌ فِيهِ، وَبَيْنَ أَجَلٍ قَدْ بَقِيَ لَا نَدْرِي مَا اللهُ قَاضٍ وَمُقَدِّرٌ فِيهِ، فَالعَاقِلُ مَنْ أَخَذَ لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ، وَمِنْ دُنْيَاهُ لِآخِرَتِهِ، وَمِنْ فَرَاغِهِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَغِلَ، لِأَنَّهُ لَا حِيلَةَ بَعْدَ المَوْتِ، وَمَا بَعْدَ المَوْتِ إِلَّا جَنَّةٌ أَو نَارٌ. المَوْتُ بَـابٌ وَكُـلُّ النَّاسِ دَاخِلُهُ *** فَلَيْتَ شِعْرِي بَعْدَ البَابِ مَا الدَّارُ ... المزيد
لَا حَيَاةَ بِلَا إِيمَانٍ بِاللهِ تعالى وَاليَوْمِ الآخِرِ، بَلْ إِنَّ الإِيمَانُ هُوَ الحَيَاةُ، لِذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الإِيمَانُ أَمْرَاً هَامِشِيَّاً في حَيَاةِ العَبْدِ، الإِيمَانُ هُوَ قَضِيَّةُ القَضَايَا، كَيْفَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَهُوَ أَمْرٌ يَتَعَلَّقُ بِوُجُودِ الإِنْسَانِ وَمَصِيرِهِ؟ ... المزيد