لَقَدْ تَوَاتَرَتِ النُّصُوصُ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ على تَحْرِيمِ التَّفَاخُرِ بِالأَحْسَابِ وَالأَنْسَابِ على وَجْهِ الاسْتِكْبَارِ وَالاسْتِحْقَارِ، قَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبَاً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾. ... المزيد
هَذَا شَهْرُ اللهِ تعالى المُحَرَّمُ قَدْ أَقْبَلَ على الأُمَّةِ، وَهُوَ أَوَّلُ السَّنَةِ الهِجْرِيَّةِ، وَهُوَ مِنَ الأَشْهُرِ الحُرُمِ، التي قَالَ اللهُ تعالى فِيهَا: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرَاً فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾. ... المزيد
إِنَّ المُسَافِرَ إلى رَبِّهِ جَلَّ جَلَالُهُ يُهَيِّئُ الزَّادَ الذي يُوصِلُهُ إلى رِضَاءِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وإلى جَنَّاتِهِ، وَأَهَمُّ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا هُوَ الزُّهْدُ فِيهَا، وَالانْصِرَافُ عَنْهَا، وَعَدَمُ الرَّغْبَةِ فِيهَا، طَلَبَاً لِمَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا. ... المزيد
النَّاسُ يَشْهَدُونَ انْفِصَالَاً بَيْنَ القَوْلِ وَالعَمَلِ، بَيْنَ الدَّعْوَى وَالحَقِيقَةِ، وَالمِثَالِ وَالوَاقِعِ، وَالمِثَالُ دَائِمَاً كَانَ فَوْقَ الوَاقِعِ، وَالدَّعْوَى أَكْبَرُ مِنَ الحَقِيقَةِ، وَالقَوْلُ أَعْظَمُ مِنَ الفِعْلِ. ... المزيد
إِنَّ نِعْمَةَ الإِيمَانِ بِاللهِ تعالى وَاليَقِينِ بِهِ نِعْمَةٌ لَا تُوَازِيهَا نِعْمَةٌ، لِأَنَّ العَبْدَ إِذَا مَنَّ اللهُ تعالى عَلَيْهِ بِنِعْمَةِ اليَقِينِ، فَإِنَّهُ يَذُوقُ حَلَاوَةَ الإِيمَانِ، وَيَتَلَذَّذُ بِطَاعَةِ اللهِ تعالى، وَيَأْنَسُ بِذِكْرِ اللهِ تعالى، وَيَسْتَغِلُّ حَيَاتَهُ بِالقُرْبِ مِنَ اللهِ تعالى في سَائِرِ أَحْوَالِهِ، وَتَنْزِلُ السَّكِينَةُ وَالطُّمَأْنِينَةُ في قَلْبِهِ، وَيَنْشَرِحُ صَدْرُهُ، وَيَتَقَلَّبُ بَيْنَ عِبَادَتَيْنِ مِنْ أَعْظَمِ العِبَادَاتِ، عِبَادَةِ الصَّبْرِ وَعِبَادَةِ الشُّكْرِ. ... المزيد
يَا ابْنَ بِلَادِ الشَّامِ، يَا مَنْ يَرَى مَا حَلَّ في بَلَدِهِ، يَا مَنْ يَرَى سَفْكَ الدِّمَاءِ البَرِيئَةِ، وَسَلْبَ الأَمْوَالِ، وَتَهْدِيمَ البُيُوتِ، وَتَرْمِيلَ النِّسَاءِ، وَتَيْتِيمَ الأَطْفَالِ، وَهُوَ مَا زَالَ مُـصِرَّاً على إِيقَادِ نَارِ هَذِهِ الحَرْبِ، تَذَكَّرْ أَنَّ مِنْ وَرَائِكَ المَوْتَ وَلَو سَلِمْتَ مِنَ الآفَاتِ وَالأَمرَاضِ. ... المزيد
المُسْلِمُ الحَقُّ هُوَ الذي يَنْظُرُ إلى المُسْلِمِينَ جَمِيعَاً كُلِّهِم إِخْوَانَاً لَهُ، لَا يَتَوَانَى عَنْ خِدْمَتِهِم، وَلَا يَتَوَانَى في تَفْرِيجِ كُرُبَاتِهِم، وَقَضَاءِ حَوَائِجِهِم، لِأَنَّ هَذَا مِنْ أَجَلِّ الطَّاعَاتِ، وَأَعْظَمِ القُرُبَاتِ، وَأَفْضَلِ المُنْجِيَاتِ مِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ القِيَامَةِ. ... المزيد
قَالَ اللهُ تعالى: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرَّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَامَاً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾. وَقَالَ تعالى عَنْ مُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ: ﴿يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحَاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾. ... المزيد
نَحْنُ اليَوْمَ بأَمَسِّ الحَاجَةِ أَنْ نُفَتِّشَ عَن قُلُوبِنَا، وَأَنْ نَتَفَقَّدَهَا، لِأَنَّ مَوْضُوعَ القَلْبِ جَلِيلٌ وَخَطِيرٌ، فَهُوَ كَثِيرُ التَّقَلُّبِ، ولا يَثْبُتُ على حَالٍ، لِذَا كَانَ سَيِّدُنا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو وَيَتَضَرَّعُ إلى اللهِ تعالى أَنْ يُثَبِّتَ قَلْبَهُ على دِينِهِ، فَيَقُولُ: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» رواه الإمام أحمد والحاكم عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ. ... المزيد
الغَدْرُ صِفَةٌ ذَمِيمَةٌ، وُخُلُقٌ مَرْذُولٌ، وَالغَادِرُ يُرْفَعُ لَهُ يَوْمَ القِيامَةِ لِوَاءٌ ويُفْضَحُ على رُؤُوسِ الأَشْهَادِ، جَزَاءً وِفَاقَاً على مَا كَانَ يَحْمِلُ في صَدْرِهِ من السُّوءِ. ... المزيد
فيا أيُّها الإِخوِةُ الكِرَامُ: لا يُوجَدُ في النَّاسِ من يُقَارِبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في الوَفَاءِ، وَحُسْنِ العَهْدِ، وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ، وَقَد عُرِفَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ في مَكَّةَ بالصَّادِقِ الأَمِينِ، وَمِمَّا لا شَكَّ فِيهِ بِأَنَّ الصَّادِقَ الأَمِينَ هُوَ صَاحِبُ وَفَاءٍ وَلَو غُدِرَ بِهِ، صَاحِبُ وَفَاءٍ وَلَو أُسِيءَ إِلَيْهِ، صَاحِبُ وَفَاءٍ وَلَو أَصَابَهُ الأَذَى، الصَّادِقُ الأَمِينُ لا يَعْرِفُ الغَدْرَ، وَلَو مَعَ الذي غَدَرَ بِهِ. ... المزيد
جَمِيعُ الأُمُورِ بِيَدِ اللهِ تعالى مَقَادِيرُهَا، فلا يَأْتِي للعَبْدِ مِنْهَا إلا مَا قُدِّرَ لَهُ، قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اللهُ تعالى السَّمَاواتِ والأَرْضَ، فَمَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ. ... المزيد
لَقَد حَذَّرَ اللهُ تعالى أَصْحَابَ النِّعَمِ من تَرْكِ صِنَاعَةِ المَعْرُوفِ، فَقَالَ تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾. ... المزيد
لَقَد وَدَّعْنَا عَامَاً هِجْرِيَّاً اشْتَمَلَ على أَحْزَانٍ وَهُمُومٍ وَأَكْدَارٍ مِمَّا يَجْرِي في بَلَدِنَا هذا ـ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلا باللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ ـ لَقَد وَدَّعْنَا عَامَاً كَامِلاً كَمَا سَبَقَتْهُ أَعْوَامٌ، فيهِ وَفِيهَا مَن شَارَفَ على الهَلَكَةِ ثمَّ مَتَّعَهُ اللهُ تعالى إلى حِينٍ ... المزيد
هذا هُوَ اليَوْمُ الأَوَّلُ من عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ التي رَغَّبَ فِيهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ بالعَمَلِ الصَّالِحِ، فَقَالَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ». ... المزيد
إِنَّ من أَزْكَى الأَعْمَالِ عِنْدَ اللهِ تعالى، ومن أَحَبِّهَا إلى الرَّحْمَنِ، ومن أَعْلاهَا شَرَفَاً، ومن أَكْرَمِهَا مُرُوءَةً، الإِحْسَانَ إلى الضُّعَفَاءِ والمَرْضَى وأَصْحَابِ الحَوَائِجِ واليَتَامَى والأَرَامِلِ والمَسَاكِينِ، والقِيَامَ على حَوَائِجِهِمْ. ... المزيد
كُلُّ مَعْصِيَةٍ وكُلُّ جَرِيمَةٍ يَرْتَكِبُهَا الإِنْسَانُ بِسَبَبَ غَفْلَتِهِ عن اللهِ تعالى واليَوْمِ الآخِرِ، ومَن اسْتَحْضَرَ اللهَ تعالى والدَّارَ الآخِرَةَ سُعِدَ واطْمَأَنَّ قَلْبُهُ، وكَانَ سَدَّاً مَنِيعَاً دُونَ الهُمُومِ والأَحْزَانِ. ... المزيد
إِنَّ في تَارِيخِ العُظَمَاءِ لَخَبَرَاً، وإِنَّ في سِيَرِ العُلَمَاءِ لَعِبَرَاً، وإِنَّ في أَحْوَالِ النُّبَلاءِ لَمُدَّكَرَاً. ... المزيد
مَا وُجِدَ شَرٌّ في الدُّنيَا ولا في الآخِرَةِ إلا بِسَبَبِ الذُّنُوبِ والمَعَاصِي، فَبِسَبَبِ المَعْصِيَةِ خَرَجَ آدَمُ من الجَنَّةِ، وبِسَبَبِ المَعْصِيَةِ طُرِدَ إِبْلِيسُ من مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، وبِسَبَبِ المَعْصِيَةِ أَغْرَقَ اللهُ تعالى قَوْمَ سَيِّدِنَا نُوحٍ عَلَيهِ السَّلامُ، ... المزيد
: أُوصِي نَفْسِي وإِيَّاكُم أن نُقَدِّمَ لأَنفُسِنَا خَيْرَاً، وأن نَعْمَلَ صَالِحَاً، اِسْتِعْدَادَاً لِيَومٍ تَبْيَضُّ فيهِ وُجُوهٌ، وتَسْوَدُّ فِيهِ وُجُوهٌ، اِسْتِعْدَادَاً لِيَومٍ قَالَ اللهُ تعالى فِيهِ: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}. ... المزيد