يَا مَنْ أَسْعَدَكُمُ اللهُ تعالى بِالإِيمَانِ، وَشَرَحَ صُدُورَكُمْ للإِسْلَامِ، اعْلَمُوا أَنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ لَكُمْ مِيرَاثًا، إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ نِلْتُمْ مَا نَالَهُ الصَّحَابَةُ مِنْ هَذِهِ الخَيْرِيَّةِ التي شَهِدَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ بِهَا، فَقَالَ: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ﴾. ... المزيد
لَقَدْ شَاءَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا تَكُونَ حَياَةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ طَوِيلَةً، فَكَانَتِ الأَرْبَعُونَ عَامًا مِنْهَا تَهْيِئَةً رَبَّانِيَّةً للمُهِمَّةِ العَظِيمَةِ الجَلِيلَةِ الفَرِيدَةِ المِثَالِ ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾. ... المزيد
في شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ يَتَجَدَّدُ في قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ حُبُّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، الذي هُوَ أَصْلُ شَرَفِنَا وَمَصْدَرُ فَخْرِنَا وَعِزِّنَا في هَذَا العَالَمِ. نَعَمْ، إِنَّ أُمَّةَ هَذَا السَّيِّدِ العَظِيمِ، وَالسَّنَدِ الرَّفِيعِ مَزَّقَتْ مُلْكَ كِـسْرَى، وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَرْقُدُ عَلَى الحَصِيرِ، نَعَمْ إِنَّ أُمَّةَ هَذَا السَّيِّدِ العَظِيمِ وَالسَّنَدِ الرَّفِيعِ نَامَتْ عَلَى أَسِرَّةِ المُلُوكِ، وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَبِيتُ اللَّيَالِيَ لَا يَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ. ... المزيد
يَا مَنْ أَكْرَمَنَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِالانْتِمَاءِ لِهَذَا الدِّينِ الحَنِيفِ، وَجَعَلَ هُوِيَّتَنَا الإِسْلَامَ وَالإِيمَانَ بِاللهِ تعالى وَبِاليَوْمِ الآخِرِ، يَا مَنْ أَكْرَمَنَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ فَجَعَلَنَا عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِنَا، فَقَالَ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾. ... المزيد
فَقْدُ الهُوِيَّةِ وَضَيَاعُهَا هِيَ مَأْسَاتُنَا في هَذِهِ الآوِنَةِ، لَقَدْ أَضَاعَ بَعْضُ المُسْلِمِينَ هُوِيَّتَهُمُ التي مَيَّزَهُمُ اللهُ تعالى بِهَا، وَشَرَّفَهُمْ بِهَا، فَقَدُوهَا شَكْلًا وَمَضْمُونًا، لَقَدْ ضَيَّعَ بَعْضُهُمْ شَرَفَ الانْتِمَاءِ لِسَيِّدِ السَّادَاتِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ القَائِلِ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَبِيَدِي لِوَاءُ الحَمْدِ وَلَا فَخْرَ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ يَوْمَئِذٍ آدَمَ فَمَنْ سِوَاهُ إِلَّا تَحْتَ لِوَائِي، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ وَلَا فَخْرَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. ... المزيد
هَلْ خَطَرَ عَلَى بَالِ أَحَدِنَا أَنْ يَتَسَاءَلَ مَعَ نَفْسِهِ: مَنْ أَنَا؟ وَمَا هُوِيَّتِي؟ قَدْ يَسْتَغْرِبُ الجَمِيعُ مِنْ هَذَا السُّؤَالِ، لِأَنَّ الجَوَابَ يَأْتِي مُبَاشَرَةً: أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، أَنَا المُهَنْدِسُ، أَنَا الطَّبِيبُ، أَنَا التَّاجِرُ، أَنَا الضَّابِطُ، أَنَا الشَّيْخُ، وَهَكَذَا. وَلَكِنْ لَيْسَ هَذَا المَقْصُودَ مِنَ السُّؤَالِ، المَقْصُودُ هُوَ أَنْ يَأْتِيَ الجَوَابُ المُوَفَّقُ المُسَدَّدُ: أَنَا مُسْلِمٌ، وَهُوِيَّتِي الإِسْلَامُ وَالإِيمَانُ وَالاتِّبَاعُ. ... المزيد
نَحْنُ في أَيَّامِ فِتَنٍ وَمِحَنٍ وَعَقَبَاتٍ كَبِيرَةٍ، وَمَشَقَّاتٍ صَعْبَةٍ، تَعْصِفُ بِالأُمَّةِ عَصْفًا، فَالمُؤْمِنُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ صُلْبًا في إِيمَانِهِ دَائِمًا وَأَبَدًا، وَيَسْتَحْضِرَ سَاعَةَ الوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَسْتَحْضِرَ الجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَيَسْتَحْضِرَ الخِطَابَ: ﴿فَرِيقٌ في الجَنَّةِ وَفَرِيقٌ في السَّعِيرِ﴾. فَتَهُونَ عَلَيْهِ جَمِيعُ الفِتَنِ وَالعَقَبَاتِ وَالمَشَقَّاتِ. ... المزيد
الخُسْرَانُ كُلُّ الخُسْرَانِ أَنْ تَكُونَ صِلَةُ العَبْدِ بِرَبِّهِ هَزِيلَةً وَمُتَقَلِّبَةً، إِنْ رَأَى خَيْرًا اطْمَأَنَّ، وَإِلَّا أَعْرَضَ وَاعْتَرَضَ، قَالَ تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾. فَالخَسَارَةُ كُلُّ الخَسَارَةِ إِذَا لَمْ يَفْقَهِ العَبْدُ عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وتعالى، وَعَنْ غَايَةِ خَلْقِهِ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَعَنْ مَا كَلَّفَهُ اللهُ تعالى بِهِ. ... المزيد
أَقُولُ في بِدَايَةِ هَذِهِ الخُطْبَةِ: اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ في قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الكُفْرَ وَالفُسُوقَ وَالعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ الرَّاشِدِينَ ﴿رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ﴾. اللَّهُمَّ أَرِنَا الحَقَّ حَقًّا وَارْزُقْنَا اتِّبَاعَهُ وَحَبِّبْنَا فِيهِ، وأَرِنَا البَاطِلَ بَاطِلًا وَأَلْهِمْنَا اجْتِنَابَهُ وَكَرِّهْنَا فِيهِ؛ اللَّهُمَّ وَفقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، سُلُوكًا وَعَمَلًا وَأَخْلَاقًا. ... المزيد
لَقَدْ أَمَرَنَا اللهُ تعالى بِتَجْدِيدِ الإِيمَانِ وَتَقْوِيَتِهِ، لِأَنَّ الإِيمَانَ يَزِيدُ بِفِعْلِ الطَّاعَاتِ، وَيَنْقُصُ بِفِعْلِ المَعَاصِي وَالمُنْكَرَاتِ؛ وَالتَّقْصِيرُ مِنْ طَبِيعَتِنَا، وَالذُّنُوبُ شَاكِلَتُنَا إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ تعالى، وَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ». رواه الإِمامُ مُسلِمٌ عَن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. ... المزيد
الإِيمَانُ بِاللهِ تعالى وَاليَوْمِ الآخِرِ يُذْهِبُ الهُمُومَ، وَيُزِيلُ الغُمُومَ، وَهُوَ قُرَّةُ عَيْنِ المُؤمِنِينَ، وَسُلْوَةُ العَابِدِينَ. المُؤْمِنُ بِاللهِ تعالى وَاليَوْمِ الآخِرِ لَا يَنْظُرُ إلى مَا مَضَى ِأَنَّهُ فَاتَ وَمَاتَ وَانْقَضَى، وَيَرْضَى بِالقَضَاءِ المَحْتُومِ، وَالرِّزْقِ المَقْسُومِ، لِأَنَّهُ عَلَى يَقِينٍ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ اللهُ تعالى بِقَدَرٍ، فَيَقُولُ لِنَفْسِهِ: لِمَاذَا الضَّجَرُ؟ ... المزيد
مِنْ فَضْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنَّتِهِ عَلَيْنَا، أَنَّنَا في بَدْءِ كُلِّ عَامٍ هِجْرِيٍّ نَبْدَأُ وَقَدْ مَنَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا بِمِنَّةِ المَغْفِرَةِ لِذُنُوبِنَا، رَحْمَتُهُ مُقَسَّمَةٌ عَلَى قِسْمَيْنِ، قِسْمٍ في آخِرِ العَامِ الهِجْرِيِّ المُنْصَرِمِ، وَقِسْمٍ في بَدْءِ العَامِ الهِجْرِيِّ الجَدِيدِ، كَيْ نَبْدَأَ العَامَ في طُهْرٍ وَسَلَامَةٍ مِنْ أَيِّ عَائِقٍ يَمْنَعُ مِنَ الانْطِلَاقِ في مُتَابَعَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، بِنُفُوسٍ طَاهِرَةٍ، وَعُقُولٍ مُنَوَّرَةٍ، وَأَرْوَاحٍ مُشْرِقَةٍ. ... المزيد
ذِكْرُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ شَأْنُهُ عَظِيمٌ، وَمَنْزِلَتُهُ عَالِيَةٌ في الدِّينِ، فَمَا تَقَرَّبَ المُتَقَرِّبُونَ مِنْ حَضْرَةِ مَوْلَانَا إِلَّا بِهِ، وَمَا شُرِعَتِ العِبَادَاتُ كُلُّهَا إِلَّا لِأَجْلِهِ، قَالَ تعالى: ﴿فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾. ... المزيد
لَقَدْ جَعَلَ اللهُ تعالى مَوَاسِمَ للأُمَّةِ، وَنَفَحَاتِ خَيْرٍ وَعَطَاءٍ؛ وَمِنْ أَعْظَمِهَا مَوْسِمُ الحَجِّ المُبَارَكِ، حَيْثُ يُعْلِنُ حُجَّاجُ بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ اسْتِجَابَتَهُمْ لِأَمْرِ رَبِّهِمُ عَزَّ وَجَلَّ القَائِلِ: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ﴾ فَيَقُولُونَ بِلِسَانِ الحَالِ وَالمَقَالِ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ. ... المزيد
مَنْ أَحَبَّ صَلَاحَ الحَالِ فَلْيُصلِحِ الأَعْمَالَ، وَمَنْ أَحَبَّ دَوَامَ العَافِيَةِ فَلْيَتَّقِ اللهَ تعالى رَبَّهُ، وَلَا يَعْرِفُ العَبْدُ الزِّيَادَةَ مِنَ النُّقْصَانِ إِلَّا إِذَا حَاسَبَ نَفْسَهُ. يَا عِبَادَ اللهِ: مَنْ رَأَى تَكْدِيرًا في حَيَاتِهِ فَلْيَعْلَمْ أَنَّ نِعْمَةً أُسْبِغَتْ عَلَيْهِ فَلَمْ يَشْكُرْ، أَو زَلَّةً وَقَعَتْ مِنْهُ فَلَمْ يَسْتَغْفِرْ، وَلْيَحْذَرِ العَبْدُ مِنْ نَفَادِ النِّعَمِ وَمُفَاجَأَةِ النِّقَمِ، مَنْ صَفَا صُفِّيَ لَهُ، وَمَنْ كَدَّرَ كُدِّرَ عَلَيْهِ، قَالَ تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾. ... المزيد
العَقْلُ السَّلِيمُ لَا يَرْضَى بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الصَّادِقِ وَالكَاذِبِ، وَلَا يَرْضَى بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ المُؤْمِنِ وَالكَافِرِ، وَلَا يَرْضَى بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا وَمَنْ كَانَ مِنَ المُفْسِدِينَ، وَلَا يَرْضَى بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ المُتَّقِينَ وَالفُجَّارِ. هَذَا هُوَ دِينُنَا، وَهَذَا هُوَ إِرْشَادُ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ تعالى: ﴿أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ﴾. ... المزيد
في هَذِهِ الأَيَّامِ المُبَارَكَةِ يَعِيشُ طُلَّابُ وَطَالِبَاتُ المُسْلِمِينَ هُمُومَ الامْتِحَانَاتِ وَالاخْتِبَارَاتِ، أَسْأَلُ اللهَ تعالى العَلِيَّ القَدِيرَ أَنْ يُعِينَهُمْ وَيُوَفِّقَهُمْ وَيَشْرَحَ صُدُورَهُمْ، وَيُذَكِّرَهُمْ مَا نَسُوهُ، وَيُعَلِّمَهُمْ مَا جَهِلُوهُ، وَيَفْتَحَ عَلَيْهِمْ فُتُوحَ عِبَادِهِ المُوَفَّقِينَ، وَيَجْعَلَهُمْ قُرَّةَ عَيْنٍ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلِوَالِدِيهِمْ وَللمُسْلِمِينَ عَامَّةً، وَلِأَهْلِ هَذَا البَلَدِ خَاصَّةً. ... المزيد
أَقُولُ لِنَفْسِي، وَلِكُلِّ مَنْ أَرَادَ حُسْنَ الخَاتِمَةِ: يَا مُرِيدَ حُسْنِ الخَاتِمَةِ، كُنْ حَرِيصًا عَلَى سَلَامَةِ صَدْرِكَ وَطَهَارَةِ قَلْبِكَ مِنَ الغِلِّ وَالحِقْدِ وَالحَسَدِ وَالبَغْضَاءِ، وَتَذَكَّرْ صِفَةَ الرِّجَالِ الأَطْهَارِ الذينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَالذينَ قَالَ اللهُ تعالى فِيهِمْ: ﴿وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾. ... المزيد
حُسْنُ الخَاتِمَةِ أَقْصَى مَا يَتَمَنَّاهُ العَبْدُ المُؤْمِنُ، لِأَنَّ الأُمُورَ بِخَوَاتِيمِهَا، فَمَنْ أُكْرِمَ بِحُسْنِ الخَاتِمَةِ لَا يَضُرُّهُ مَا فَاتَهُ مِنَ الدُّنْيَا، وَمَنْ حُرِمَ حُسْنَ الخَاتِمَةِ لَنْ يَنْفَعَهُ شَيْءٌ وَلَو جَمَعَ حُطَامَ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا، وَتَذَكَّرُوا قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ في حَقِّ مَنْ مَاتَ عَلَى سُوءِ الخَاتِمَةِ، وَقَدْ حَازَ عَلَى نِعَمِ الدُّنْيَا مَا لَا يَخْطُرُ عَلَى بَالٍ: ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ﴾. ... المزيد
مَنْ مِنَّا لَا يَتَمَنَّى حُسْنَ الخَاتِمَةِ؟ وَكُلُّنَا يَعْلَمُ أَنَّ الأُمُورَ بِخَوَاتِيمِهَا، يَقُولُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيَدْخُلُهَا» رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. ... المزيد