الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد أخرَجَ الترمذي عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ التُّجَّارَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فُجَّاراً، إِلَّا مَن اتَّقَى اللهَ وَبَرَّ وَصَدَقَ».
وقَولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِلَّا مَن اتَّقَى اللهَ» يَعنِي لم يَرتَكِبْ كَبِيرَةً ولا صَغِيرَةً، من غِشٍّ وخِيَانَةٍ، فَهُوَ مُحْسِنٌ إلى النَّاسِ في تِجَارَتِهِ، وقَائِمٌ في طَاعَةِ رَبِّهِ وعِبَادَتِهِ، وصَادِقٌ في يَمِينِهِ وسَائِرِ كَلامِهِ.
وقَد وَصَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ التُّجَّارِ بالفُجُورِ، بِسَبَبِ الحَلْفِ الكَاذِبِ، وإِخلافِ الوَعْدِ، روى الإمام أحمد والحاكم عَن عَبْدِ الرَّحمَنِ بنِ شِبْلٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ التُّجَّارَ هُمُ الْفُجَّارُ».
قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوَلَيْسَ قَدْ أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ؟
قَالَ: «بَلَى، وَلَكِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ فَيَكْذِبُونَ، وَيَحْلِفُونَ فَيَأْثَمُونَ».
وبناء على ذلك:
فَمَا وَرَدَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: كُلُّ التُّجَّارِ يَدْخُلُونَ النَّارَ إلا المُتَّقِينَ؛ ولَكِنَّ المَعنَى صَحِيحٌ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |