الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: إِعْطَاءُ الوَكَالَةِ للزَّوْجِ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجَةِ لِإِدَارَةِ مَالِهَا لَيْسَ وَاجِبَاً شَرْعِيَّاً عَلَيْهَا، وَلَيْسَ مِنَ الحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ المُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهَا، وَلَهَا أَنْ تُبَاشِرَ شُؤُونَهَا بِنَفْسِهَا، أَو بِمَنْ تَشَاءُ، وَلَو كَانَ غَيْرَ الزَّوْجِ، وَامْتِنَاعُهَا عَنْ تَوْكِيلِهِ لَيْسَ مَعْصِيَةً وَلَا نُشُوزَاً.
ثانياً: لَا يَحِقُّ للزَّوْجِ أَنْ يَتَصَرَّفَ في مَالِ زَوْجَتِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهَا صَراحَةً أَو دِلَالَةً، وَلَا يَحِقُّ للزَّوْجَةِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهَا لِإِدَارَةِ أَمْوَالِهَا بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا، لِأَنَّ بِوُسْعِهَا أَنْ تُوَكِّلَ مَنْ تَثِقُ بِهِ وَتَطْمَئِنُّ إِلَيْهِ.
ثالثاً: يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُعَامِلَ زَوْجَتَهُ بِالمَعْرُوفِ، فَلَا يُسِيءُ إِلَيْهَا، لِأَنَّ الشَّرْعَ هُوَ الذي أَعْطَاهَا هَذَا الحَقَّ، فَإِنْ أَسَاءَ في المُعَامَلَةِ كَانَ ذَلِكَ مُنَافِيَاً لِمَا كُلِّفَ بِهِ الزَّوْجُ مِنْ خِلَالِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ﴾. وَكَانَ ذَلِكَ تَعَدِّيَاً لِحُدُودِ اللهِ تعالى، وَقَدْ قَالَ تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾. وَكَانَ ذَلِكَ خُرُوجَاً عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ﴾.
رابعاً: يَنْبَغِي للزَّوْجَيْنِ أَنْ يُدِيرَا شُؤُونَ حَيَاتِهِمَا بِطَرِيقِ الحِكْمَةِ وَاللُّطْفِ، حَتَّى يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ، وَيَصْلُحَ أَمْرُهُمَا، وَتَدُومَ المَحَبَّةُ وَالمَوَدَّةُ بَيْنَهُمَا، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونَ بِإيثَارِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَرْضَاةَ اللهِ تعالى عَلَى مَرْضَاةِ نَفْسِهِ، وَمَحَبَّةِ اللهِ تعالى عَلَى مَحَبَّةِ نَفْسِهِ، وَذَلِكَ هُوَ الخَيْرُ كُلُّهُ وَالسَّعَادَةُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللهُ سُبْحَانَهُ وتعالى هُوَ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ، وَالهَادِي إلى سَوَاءِ السَّبِيلِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |