علاج الغضب

9022 - علاج الغضب

08-07-2018 2156 مشاهدة
 السؤال :
أنا إنسان شديد الغضب، وسريع الانفعال، وأخرج عن طوري، وأشعر بأني أخسر كل من حولي، فما هو السبيل للتخلص من هذه الصفة الذميمة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9022
 2018-07-08

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَخَيْرُ عِلَاجٍ للتَّخَلُّصِ مِنْ صِفَةِ الغَضَبِ وَسُرْعَةِ الانْفِعَالِ، هُوَ مَا أَرْشَدَنَا إِلَيْهِ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مِنْ ذَلِكَ:

أولاً: اسْتَعِذْ بِاللهِ تعالى مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ إِذَا غَضِبْتَ، روى الشيخان عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ جَالِسَاً مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَرَجُلَانِ يَسْتَبَّانِ، فَأَحَدُهُمَا احْمَرَّ وَجْهُهُ، وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ، لَوْ قَالَ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ».

فَقَالُوا لَهُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَعَوَّذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ».

فَقَالَ: وَهَلْ بِي جُنُونٌ؟

وروى الطَّبَرَانِيُّ في الأَوْسَطِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمْ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ذَهَبَ غَضَبُهُ ـ أَوْ سَكَنَ غَضَبُهُ ـ ».

ثانياً: الْزَمِ السُّكُوتَ في سَاعَةِ الغَضَبِ وَالانْفِعَالِ حَتَّى لَا تَخْرُجَ عَنْ طَوْرِكَ فَتَتَلَفَّظَ بِكَلِمَاتٍ رُبَّمَا أَخْرَجَتْكَ عَنِ المِلَّةِ، أَو تَتَلَفَّظَ بِلَعْنٍ أَو سَبٍّ وَشَتْمٍ، أَو كَلِمَاتٍ جَارِحَةٍ، وَكُلُّهَا تَجْلِبُ لَكَ العَدَاوَةَ، وَتَدْفَعُكَ للاعْتِذَارِ، روى الإمام أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «عَلِّمُوا، وَيَـسِّرُوا، وَلا تُـعَسِّرُوا، وَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْكُتْ».

ثالثاً: تَحَوَّلْ عَنِ الحَالَةِ التي أَنْتَ فِيهَا إِذَا غَضِبْتَ وَانْفَعَلْتَ، روى الإمام أحمد وأبو داود عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنَا: «إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ، فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ، وَإِلَّا فَلْيَضْطَجِعْ».

يَقُولُ العَلَّامَةُ الخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: القَائِمُ مُتَهَيِّئٌ للحَرَكَةِ وَالبَطْشِ، وَالقَاعِدُ دُونَهُ في هَذَا المَعْنَى، وَالمُضْطَجِعُ مَمْنُوعٌ مِنْهُمَا، فَيُشَبَّهُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَمَرَهُ بِالقُعُودِ وَالاضْطِجَاعِ لِئَلَّا يَبْدُرَ مِنْهُ في حَالِ قِيَامِهِ وَقُعُودِهِ بَادِرَةٌ يَنْدَمُ عَلَيْهَا فِيمَا بَعْدُ. اهـ.

رابعاً: تَذَكَّرْ عِنْدَ غَضَبِكَ وَصِيَّةَ مَنْ تُحِبُّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلَاً قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: أَوْصِنِي.

قَالَ: «لَا تَغْضَبْ».

فَرَدَّدَ مِرَارَاً، قَالَ: «لَا تَغْضَبْ».

وفي رِوَايَةِ الإمام أحمد قَالَ الرَّجُلُ: فَفَكَّرْتُ حِينَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ، فَإِذَا الغَضَبُ يَجْمَعُ الشَّرَّ كُلَّهُ.

خامساً: تَذَكَّرْ عِنْدَ غَضَبِكَ مَا تَتَمَنَّاهُ، أَلَا تَتَمَنَّى أَنْ تَكُونَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ؟ قَالَ تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ﴾.

روى الترمذي وأبو داود عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَظَمَ غَيْظَاً وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ، دَعَاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رُؤُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ اللهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ مَا شَاءَ».

أَخِيرَاً: تَذَكَّرْ عِنْدَ غَضَبِكَ أَخْلَاقَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، الذي قَالَ عَنْهُ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾. لَقَدْ تَجَسَّدَ فِيهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَوْلُ اللهِ تعالى: ﴿وَالكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ﴾. وَقَوْلُهُ تعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾. وَقَوْلُهُ تعالى: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.

أَسْأَلُ اللهَ تعالى بِعِلْمِهِ الغَيْبَ، وَقُدْرَتِهِ عَلَى الخَلْقِ، أَنْ يَرْزُقَنَا حُسْنَ الأَخْلَاقِ، وَسَعَةَ الصَّدْرِ، وَكَظْمَ الغَيْظِ، وَكَلِمَةَ الإِخْلَاصِ في الرِّضَا وَالغَضَبِ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2156 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  الأسرة والعلاقات الاجتماعية

 السؤال :
 2021-08-29
 2555
إِنْسَانٌ أَسَاءَ إِلَيَّ كَثِيرًا، وَأَنَا أَسُبُّهُ وَأَشْتُمُهُ في نَفْسِي، فَهَلْ في ذَلِكَ مِنْ حَرَجٍ شَرْعِيٍّ عَلَيَّ؟
 السؤال :
 2020-12-30
 1222
هَلِ الحَيَاةُ الزَّوْجِيَّةُ مُرْتَبِطَةٌ بِاسْمِ كُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ شَقَاءً وَضَنْكًا أَو سَعَادَةً؟
 السؤال :
 2020-06-30
 597
هَلْ مِنْ نَصِيحَةٍ لِحَمَاةِ الزَّوْجَةِ، لَعَلَّ اللهَ تعالى أَنْ يُصْلِحَ حَالَهَا؟
 السؤال :
 2020-03-01
 937
أُمِّي مُقِيمَةٌ في بَلْدَةٍ غَيْرِ التي أَنَا أُقِيمُ فِيهَا، وَتَطْلُبُ مِنِّي زِيَارَتَهَا، وَعِنْدِي أَوْلَادٌ لَا أَسْتَطِيعُ السَّفَرَ بِهِمْ، وَزَوْجِي صَاحِبُ عَمَلٍ، وَهُوَ لَا يُعَارِضُ بِشَأْنِ زِيَارَةِ أُمِّي، وَلَكِنْ يَرْجُونِي أَنْ لَا أَجْعَلَهُ في حَرَجٍ في سَفَرِي، فَمَاذَا أَفْعَلُ؟
 السؤال :
 2020-03-01
 2350
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ، وَيَأْمُرُهَا وَالِدَاهَا بِزِيَارَتِهِمَا كَثِيرًا، وَالزَّوْجُ يَرْفُضُ هَذَا إِلَّا في حُدُودِ المَعْقُولِ وَالمُتَعَارَفِ، فَلِمَنْ تُطِيعُ الزَّوْجَةُ في هَذَا الحَالِ؟
 السؤال :
 2020-03-01
 3901
أَخِي تَزَوَّجَ مِنِ امْرَأَةٍ، وَهِيَ تَسْكُنُ عِنْدَنَا في البَيْتِ، وَلَكِنَّهَا سَيِّئَةُ الأَخْلَاقِ، وَلَا أَدْرِي كَيْفَ نَتَعَامَلُ مَعَهَا؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3162
المكتبة الصوتية 4798
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414514268
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :