الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: يَجِبُ عَلَيكَ أَنْ تُسْرِعَ إلى التَّوبَةِ للهِ عزَّ وجلَّ، وأَنْ تَعْلَمَ بِأَنَّهُ مَن تَابَ إلى اللهِ وصَدَقَ اللهَ في تَوْبَتِهِ، فَإِنَّ اللهَ تعالى يَقْبَلُ تَوْبَتَهُ، لأَنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُنَادِي عِبَادَهُ الذينَ أَسْرَفُوا على أَنْفُسِهِم، بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعَاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم﴾. هذهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ ذَكَرَ اللهُ تعالى فِيهَا الرَّحْمَةَ مَرَّتَيْنِ، والمَغْفرَةَ مَرَّتَيْنِ، لذلكَ قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءُ: هذهِ أَرْجَى آيَةٍ في كِتَابِ اللهِ عزَّ وجلَّ.
ثانياً: يَجِبُ عَلَيكَ أَنْ تَعْلَمَ بِأَنَّ اللهَ تعالى يَغْفِرُ ذُنُوبَ العَبدِ، ولَو بَلَغَتْ ذُنُوبُهُ السَّحَابَ، إذا اسْتَغْفَرَ اللهَ تعالى، وأَنَّ اللهَ تعالى يَغْفِرُ ذُنُوبَهُ مَهمَا بَلَغَتْ، روى الترمذي عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ يَقُولُ: «قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئَاً لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً».
ثالثاً: يَجِبُ عَلَيكَ أَنْ تَعْلَمَ بِأَنَّ من أَعْظَمِ الذُّنُوبِ، ومن أَعْظَمِ الجُرْمِ، القُنُوطُ من رَحْمَةِ اللهِ تعالى، واليَأْسُ من رَوْحِ اللهِ تعالى، قَالَ تعالى: ﴿وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾. ولا يَقْنَطُ من رَحْمَةِ اللهِ إلا الضَّالُّونَ، قَالَ تعالى مُخْبِرَاً عَن سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيهِ السَّلامُ: ﴿وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ﴾.
رابعاً: يَجِبُ عَلَيكَ أَنْ تَأْمُرَ بالمَعْرُوفِ، وتَنْهَى عَن المُنْكَرِ، إذا كُنْتَ لا تَخْشَى على نَفْسِكَ من التَّأَثُّرِ بِمَنْ تُجَالِسُ من أَهْلِ المُنْكَرَاتِ.
وبناء على ذلك:
فَيَجِبُ عَلَيكَ أَنْ تُسْرِعَ إلى التَّوبَةِ، ولا تَيْأَسْ من رَحْمَةِ اللهِ تعالى، وانْظُرْ إلى سِعَةِ رَحْمَةِ اللهِ تعالى، فَمَهمَا كَانَ ذَنْبُكَ عَظِيمَاً فَعَفْوُ اللهِ تعالى ورَحْمَتُهُ أَوْسَعُ.
وعَلَيكَ أَنْ تَنْصَحَ هؤلاءِ الشَّبَابَ الذينَ كُنْتَ سَبَبَاً في غِوَايَتِهِم إذا كُنْتَ تَأْمَنُ على نَفْسِكَ بِأَنْ لا تَرْجِعَ إلى مَا كُنْتَ عَلَيهِ، وإلا فلا، وإذا صَدَقْتَ في تَوْبَتِكَ للهِ عزَّ وجلَّ، فَإِنَّكَ لا تَتَحَمَّلُ أَوْزَارَهُم يَومَ القِيَامَةِ إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى. هذا، واللهُ تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |