أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

9231 - آناء الليل وأطراف النهار

22-10-2018 40329 مشاهدة
 السؤال :
يقول الله تعالى ﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى﴾. ما هو المقصود بآناء الليل وأطراف النهار؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9231
 2018-10-22

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَطْلُبُ اللهُ تعالى مِنْ عَبْدِهِ أَنْ يُسَبِّحَهُ تَسْبِيحَاً دَائِمَاً وَمُتَوَالِيَاً، كَمَا أَنَّ نِعَمَ اللهِ تعالى عَلَى العَبْدِ دَائِمَةً وَمُتَوَالِيَةً، وَلَا يَخْلُو العَبْدُ لَحْظَةً مِنَ اللَّحَظَاتِ إِلَّا وَالنِّعَمُ تَتْرَى عَلَيْهِ بِلَا عَدٍّ وَلَا حَدٍّ وَلَا تَنْتَهِي.

قَالَ تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا﴾. فَنِعَمُهُ دَائِمَةٌ عَلَى عَبْدِهِ، هُوَ نَائِمٌ وَهُوَ مُسْتَيْقِظٌ، هُوَ طَائِعٌ وَهُوَ عَاصٍ، هُوَ مُقْبِلٌ وَهُوَ مُدْبِرٌ، وَكُلُّ نِعْمَةٍ مِنَ النِّعَمِ تَسْتَحِقُّ الحَمْدَ وَالشُّكْرَ، وَكُلُّ نِعْمَةٍ تَحْمِلُ في طَيَّاتِهَا نِعَمَاً لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللهُ تعالى.

فَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ يَطْلُبُ مِنَ العَبْدِ المُنْعَمِ عَلَيْهِ أَنْ يُسَبِّحَهُ في كُلِّ الأَوْقَاتِ ﴿قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ﴾. هذا أولاً.

ثانياً: آنَاءُ اللَّيْلِ أَيْ: سَاعَاتُ اللَّيْلِ؛ وَكَلِمَةُ آنَاءَ هِيَ جَمْعُ: أَنْيٌ وَإِنيٌ، وَهُوَ الجُزْءُ مِنَ الزَّمَنِ أَو السَّاعَةُ مِنْهُ، حَيْثُ يُقْصَدُ بِالسَّاعَةِ الجُزْءُ مِنَ الزَّمَنِ وَلَيْسَ السَّاعَةَ المَعْهُودَةَ.

يَعْنِي: سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ في أَجْزَاءِ اللَّيْلِ كُلِّهَا، وَكُلُّ عَبْدٍ يُسَبِّحُ في أَجْزَاءِ اللَّيْلِ حَسْبَ هِمَّتِهِ، وَهَذَا يَخْتَلِفُ مِنْ عَبْدٍ إلى عَبْدٍ، وَهُنَاكَ مِنَ العِبَادِ مَنْ لَا يَفْتُرُ عَنِ التَّسْبِيحِ لَحْظَةً وَاحِدَةً مِنْ لَحَظَاتِهِ، مُتَأَسِّيَاً بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي كَانَ يَذْكُرُ اللهَ تعالى عَلَى سَائِرِ أَحْيَانِهِ.

أَمَّا قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَأَطْرَافَ النَّهَارِ﴾. يَعْنِي أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ.

فَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ طَلَبَ التَّسْبِيحَ مِنْ عَبْدِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ، يَعْنِي في أَجْزَاءِ اللَّيْلِ كُلِّهَا، وَأَمَّا في النَّهَارِ فَطَلَبَ مِنْهُ التَّسْبِيحَ طَرَفَيِ النَّهَارِ، لِأَنَّ النَّهَارَ مَحَلٌّ للعَمَلِ وَالسَّعْيِ، وَهَذَا مَا أَكَّدَهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرَاً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَآنَاءُ اللَّيْلِ هِيَ أَجْزَاءُ اللَّيْلِ كُلُّهَا، وَأَطْرَافُ النَّهَارِ هِيَ عِنْدَ طُلُوعِ الفَجْرِ، وَأَذَانِ المَغْرِبِ.

فَاللهُ تعالى يُرِيدُ مِنْ عَبْدِهِ أَنْ يَذْكُرَهُ فَلَا يَنْسَاهُ، لِأَنَّ نِعَمَهُ لَا تُعَدُّ وَلَا تُـحْصَى، وَحَتَّى لَا تَشْغَلُهُ النِّعْمَةُ عَنِ المُنْعِمِ.

يَقُولُ بَعْضُ العَارِفِينَ بِاللهِ تعالى: اجْعَلْ مُرَاقَبَتَكَ لِمَنْ لَا تَخْلُو عَنْ نَظَرِهِ إِلَيْكَ، وَاجْعَلْ شُكْرَكَ لِمَنْ لَا تَنْقَطِعُ نِعَمُهُ عَنْكَ، وَاجْعَلْ طَاعَتَكَ لِمَنْ لَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ، وَاجْعَلْ خُضُوعَكَ لِمَنْ لَا تَخْرُجُ عَنْ مُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
40329 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2025-05-07
 127
مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ مَا مِنْ عَبْدٍ خَلَقَهُ اللهُ تَعَالَى إِلَّا أَسْبَغَ عَلَيْهِ نِعَمًا لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى، حَتَّى وَلَو كَانَ كَافِرًا، فَإِذَا كَانَ هَذَا الكَلَامُ صَحِيحًا فَكَيْفَ نَفْهَمُ قَوْلَهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الفَاتِحَةِ: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾؟ هَلْ مِنَ المَعْقُولِ أَنْ نَطْلُبَ مِنَ اللهِ تَعَالَى أَنْ يَهْدِيَنَا طَرِيقَ الكُفَّارِ؟
رقم الفتوى : 13617
 السؤال :
 2024-08-01
 1121
مَا تَفْسِيرُ الآيَتَيْنِ الكَرِيمَتَيْنِ: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾ ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ﴾؟
رقم الفتوى : 13237
 السؤال :
 2024-07-25
 534
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾؟
رقم الفتوى : 13230
 السؤال :
 2024-07-25
 750
مَا دَامَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ فَتَحَ بَابَ التَّوْبَةِ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ، فَكَيْفَ نُوَفِّقُ بَيْنَ هَذَا، وَبَيْنَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ﴾؟
رقم الفتوى : 13229
 السؤال :
 2024-07-25
 498
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾؟
رقم الفتوى : 13228
 السؤال :
 2023-08-07
 669
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3235
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424669589
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :