الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
يَجِبُ أَنْ يَتَوَلَّى تَعْلِيمَ المَرْأَةِ تِلَاوَةَ القُرْآنِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ القُرْآنِ، وَهَذَا الأَسْلَمُ لِدِينِ المَرْأَةِ، وَأَبْعَدُ عَنِ الفِتْنَةِ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ ذَلِكَ فَلْيَكُنِ التَّعَلُّمُ عَنْ طَرِيقِ المُسَجِّلِ أَو الحَاسُوبِ. هَذَا أَوَّلًا.
ثَانِيًا: إِنْ لَمْ تُوجَدِ المُدَرِّسَةُ، وَتَعَذَّرَ التَّعْلِيمُ عَنْ طَرِيقِ المُسَجِّلِ أَو الحَاسُوبِ، فَلَا حَرَجَ مِنْ أَنْ يُعَلِّمَ الرَّجُلُ المَرْأَةَ القُرْآنَ الكَرِيمَ بِالشُّرُوطِ الآتِيَةِ:
1ـ أَنْ يَكُونَ التَّدْرِيسُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ.
2ـ أَنْ لَا تَكُونَ هُنَاكَ خَلْوَةٌ بَيْنَهُمَا.
3ـ أَنْ يَكُونَ التَّعْلِيمُ عَلَى قَدْرِ الحَاجَةِ فَقَطْ.
4ـ أَنْ يُرَاقِبَ اللهَ تعالى كُلٌّ مِنْهُمَا، فَإِنْ شَعَرَ أَحَدُهُمَا بِمَيْلِ القَلْبِ أَو التَّلَذُّذِ بِصَوْتِ المُعَلِّمِ أَو المُتَعَلِّمَةِ، فَيَجِبُ الانْسِحَابُ، لِأَنَّ دَرْءَ المَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ المَصَالِحِ.
5ـ يَنْبَغِي عَلَى المُدَرِّسِ أَنْ يَكُونَ كَبِيرَ السِّنِّ، وَأَنْ يَكُونَ مُتَزَوِّجًا، وَمَعْرُوفًا بِالصَّلَاحِ وَالاسْتِقَامَةِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَإِذَا كَانَ وَلَدُكَ شَابًّا عَازِبًا فَلْيَكُنْ عَلَى حَذَرٍ مِنْ إِقْدَامِهِ عَلَى مِثْلِ هَذَا الأَمْرِ، لِأَنَّ دَرْءَ المَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ المَصَالِحِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ رَجُلًا تَقَدَّمَ فِيهِ العُمُرُ وَكَانَ مُتَزَوِّجًا، فَأَنْصَحُهُ أَنْ يُعَلِّمَ زَوْجَتَهُ لِتُعَلِّمَ النِّسَاءَ.
لِأَنَّ الانْضِبَاطَ بِالشُّرُوطِ التي ذَكَرْنَاهَا قَلَّمَا تَتَحَقَّقُ؛ وَحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ. هذا، والله تعالى أعلم.