ختم القرآن في ثلاثة أيام

13525 - ختم القرآن في ثلاثة أيام

17-03-2025 28 مشاهدة
 السؤال :
مَا الحُكْمُ الشَّرْعِيُّ فِي خَتْمِ القُرْآنِ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 13525
 2025-03-17

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ وَرَدَ الزَّجْرُ عَنْ أَنْ يَخْتِمَ العَبْدُ القُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ أَقْرَبَ إلى التَّدَبُّرِ وَالتَّفَهُّمِ، رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللهِ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَفْقَهُ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ».

وَرَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ».

قَالَ: أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَمَا زَالَ حَتَّى قَالَ: «صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا».

فَقَالَ: «اقْرَأِ القُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ».

قَالَ: إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ فَمَا زَالَ، حَتَّى قَالَ: «فِي ثَلَاثٍ».

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَيُسَنُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ تِلَاوَةِ القُرْآنِ العَظِيمِ، مَعَ التَّدَبُّرِ وَالتَّعَقُّلِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾. وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ﴾.

وَكَانَ للسَّلَفِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ عَادَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ فِي قَدْرِ مَا يَخْتِمُونَ فِيهِ.

فَمِنْهُمْ مَنْ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مَرَّةً، وَبَعْضُهُمْ مَرَّتَيْنِ، وَانْتَهَى بَعْضُهُمْ إِلَى ثَلَاثٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْتِمُ فِي الشَّهْرِ.

قَال النَّوَوِيُّ: وَالاخْتِيَارُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الأَشْخَاصِ، فَمَنْ كَانَ يَظْهَرُ لَهُ بِدَقِيقِ الْفِكْرِ لَطَائِفُ وَمَعَارِفُ فَلْيَقْتَصِرْ عَلَى قَدْرِ مَا يَحْصُلُ لَهُ كَمَالُ فَهْمِ مَا يَقْرَؤُهُ، وَكَذَا مَنْ كَانَ مَشْغُولًا بِنَشْرِ الْعِلْمِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ مُهِمَّاتِ الدِّينِ وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الْعَامَّةِ، فَلْيَقْتَصِرْ عَلَى قَدْرٍ لَا يَحْصُلُ بِسَبَبِهِ إِخْلَالٌ بِمَا هُوَ مُرْصَدٌ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ فَلْيَسْتَكْثِرْ مَا أَمْكَنَهُ مِنْ غَيْرِ خُرُوجٍ إِلَى حَدِّ الْمَلَلِ وَالْهَذْرَمَةِ.

وَقَدْ كَرِهَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ الْخَتْمَ فِي كُل يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.

وَقَال أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ: أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو أَنْ يَخْتِمَ فِي سَبْعٍ أَوْ ثَلَاثٍ، يَحْتَمِلُ أَنَّهُ الأَفْضَلُ فِي الْجُمْلَةِ، أَوْ أَنَّهُ الأَفْضَلُ فِي حَقِّ ابْنِ عَمْرٍو، لِمَا عُلِمَ مِنْ تَرْتِيلِهِ فِي قِرَاءَتِهِ، وَعُلِمَ مِنْ ضَعْفِهِ عَنِ اسْتِدَامَتِهِ أَكْثَرَ مِمَّا حُدَّ لَهُ، وَأَمَّا مَنِ اسْتَطَاعَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا تُمْنَعُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ؛ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُل يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ، فَقَال: مَا أَحْسَنَ ذَلِكَ؛ إِنَّ الْقُرْآنَ إِمَامُ كُلِّ خَيْرٍ. كَذَا فِي المَوْسُوعَةِ الفِقْهِيَّةِ الكُوَيْتِيَّةِ.

وَأَنَا أَنْصَحُ بِالمُحَافَظَةِ عَلَى خَتْمِ القُرْآنِ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً، فَإِنْ تَيَسَّرَ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ خَيْرٌ عَظِيمٌ، وَلِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَخْتِمَ فِي أَقَلَّ مِنْ سَبْعٍ، وَالأَفْضَلُ أَنْ لَا يَخْتِمَهُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ أَقَلُّ مَا أَرْشَدَ إِلَيْهِ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ وَهَذَا أَدْعَى لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ التِّلَاوَةِ وَالتَّدَبُّرِ.

وَللهِ رِجَالٌ يَبْسُطُ اللهُ لَهُمْ فِي الزَّمَنِ مَا لَا يَبْسُطُهُ لِغَيْرِهِمْ، فَهُمْ فِي زَمَنٍ قَلِيلٍ يُكْثِرُونَ مِنَ التِّلَاوَةِ، وَرُبَّمَا يَخْتِمُ أَحَدُهُمُ القُرْآنَ الكَرِيمَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مَعَ التَّدَبُّرِ.

أَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَنْفَعَنَا بِأَهْلِ القُرْآنِ، الَّذِينَ قَرَؤُوا وَتَدَبَّرُوا وَعَمِلُوا. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

28 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  فتاوى متعلقة بالقرآن الكريم

 السؤال :
 2023-02-25
 1931
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ سُورَةَ الإِخْلَاصِ تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ؟
 السؤال :
 2023-02-25
 490
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ﴾؟
 السؤال :
 2023-02-06
 2044
مَا مَعْنَى قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾؟
 السؤال :
 2023-01-30
 969
يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ﴾. وَيَقُولُ تعالى: ﴿وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ * لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ﴾. فَبِأَيِّ الأَمْرَيْنِ تَمَّتْ نَجَاةُ سَيِّدِنَا يُونُسَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ بَطْنِ الحُوتِ؟
 السؤال :
 2023-01-30
 810
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿وَاللهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾؟
 السؤال :
 2022-10-03
 1258
في قِصَّةِ ابْنَيْ آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عِنْدَمَا قَتَلَ قَابِيلُ هَابِيلَ قَالَ تعالى عَنْ قَابِيلَ القَاتِلِ: ﴿فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ﴾. وَمِنَ المَعْلُومِ أَنَّ النَّدَمَ تَوْبَةٌ، فَلِمَاذَا كُلَّمَا قَتَلَ إِنْسَانٌ آخَرَ ظُلْمًا يَتَحَمَّلُ قَابِيلُ وِزْرَهُ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5682
المقالات 3210
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 422813864
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :