طاعة المرأة لزوجها في المعصية

305 - طاعة المرأة لزوجها في المعصية

02-05-2007 310 مشاهدة
 السؤال :
رجل يأمر زوجته أن تخرج متبرجة أمام أقاربه من الرجال فتأبى، فيقول لها: لي عليك حق الطاعة، وأنا أتحمل المسؤولية أمام الله تعالى يوم القيامة، وأتحمل هذا الوزر وهو في رقبتي، فهل تطيع الزوجة زوجها في معصية الله تعالى؟ وهل تعتبر عاصية لزوجها إن لم تمتثل أمره؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 305
 2007-05-02

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: مِنَ المَعْلُومِ أَنَّ طَاعَةَ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا وَاجِبَةٌ، بَلْ هِيَ أَوْجَبُ مِنْ طَاعَتِهَا لِوَالِدَيْهَا، وَلَكِنْ في حُدُودِ طَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِذَا أَمَرَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ بِمَا نَهَى اللهُ عَنْهُ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهَا طَاعَتُهُ بَلْ تَحْرُمُ، لِأَنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْهَا مِنَ اللهِ شَيْئَاً، وَعَلَيْهَا أَنْ تَتَحَمَّلَ أَذَاهُ وَتَصْبِرَ عَلَى ذَلِكَ في سَبِيلِ مَرْضَاةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَعُودَ إلى مَا أَمَرَ اللهُ تعالى بِهِ.

ثانياً: يَجِبُ عَلَى المَرْأَةِ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهَا إِبْدَاءُ زِينَتِهَا إِلَّا أَمَامَ مَنْ أَبَاحَ اللهُ تعالى لَهَا إِبْدَاءَ زِينَتِهَا أَمَامَهُمْ، وَهُمْ كَمَا قَالَ تعالى: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعَاً أَيُّهَ المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.

مِنْ خِلَالِ هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ للمَرْأَةِ أَنْ تُوَاجِهَ إِخْوَةَ الزَّوْجِ، وَلَا أَعْمَامَهُ، وَلَا أَخْوَالَهُ، وَلَا أَصْهَارَهُ، فَضْلَاً عَنْ أَصْدِقَائِهِ، فَإِذَا أَمَرَهَا بِمُوَاجَهَةِ غَيْرِ الذينَ ذَكَرَهُمُ اللهُ تعالى في الآيَةِ، وَهُمُ ـ الزَّوْجُ، وَالأَبُ، وَأَبُ الزَّوْجِ، وَالابْنُ، وَابْنُ الزَّوْجِ، وَالأَخُ، وَابْنُ الأَخِ، وَابْنُ الأُخْتِ، وَالمَرْأَةُ المُسْلِمَةُ، فَإِنَّهُ أَمْرٌ بِمَعْصِيَةٍ، فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا طَاعَتُهُ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ». متفق عليه.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ في مَعْصِيَةِ الخَالِقِ». رواه أبو نعيم في الحلية.

ثالثاً: أَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّهُ يَتَحَمَّلُ الوِزْرَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَفِي رَقَبَتِهِ، هَذَا صَحِيحٌ فَإِنَّهُ سَيَتَحَمَّلُ الوِزْرَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَيَكُونُ الوِزْرُ عَلَيْهِ مُضَاعَفَاً، لِأَنَّهُ آمِرٌ بِمَعْصِيَةٍ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى، لِأَنَّ الذي يَفْعَلُ المَعْصِيَةَ دُونَ أَنْ يَأْمُرَ بِهَا فَعَلَيْهِ وِزْرُ مَعْصِيَتِهِ، أَمَّا إِذَا فَعَلَهَا وَأَمَرَ بِهَا فَعَلَيْهِ وِزْرَانِ، وِزْرُ المَعْصِيَةِ، وَوِزْرُ الأَمْرِ بِهَا، وَالعِيَاذُ بِاللِه تعالى. وَإِذَا فَعَلَتِ المَرْأَةُ مَا أَمَرَهَا بِهِ زَوْجُهَا مِنْ مَعْصِيَةٍ فَعَلَيْهَا الوِزْرُ كَذَلِكَ مَعَ زَوْجِهَا.

رابعاً: لَا شَكَّ أَنَّ  طَاعَةَ الزَّوْجِ وَاجِبَةٌ في غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ كُنْتُ آمِرَاً أَحَدَاً أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللهِ، لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا تُؤَدِّي المَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا، وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى قَتَبٍ لَمْ تَمْنَعْهُ». رواه الإمام ابن ماجه.

وَمَعْنَى عَلَى قَتَبٍ: أَيْ لَو كَانَتْ عَلَى ظَهْرِ بَعِيرٍ. فَطَاعَتُهَا لِزَوْجِهَا وَاجِبَةٌ، وَلَكِنْ إِبْدَاءُ الزِّينَةِ لِمَنْ لَا يَحِلُّ النَّظَرُ إِلَيْهَا حَرَامٌ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا طَاعَتُهُ، وَلْتَكُنِ المَرْأَةُ في حَذَرٍ شَدِيدٍ مِنْ أَنْ تُطِيعَ زَوْجَهَا في مَعْصِيَةِ اللهِ تعالى لِحَدِيثِ: «مَنِ التَمَسَ رِضَاءَ اللهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنِ التَمَسَ رِضَاءَ النَّاسِ بِسَخَطِ اللهِ وَكَلَهُ اللهُ إِلَى النَّاسِ». رواه الترمذي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.

نَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يُصْلِحَنَا جَمِيعَاً. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
310 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  الأسرة والعلاقات الاجتماعية

 السؤال :
 2021-08-29
 2551
إِنْسَانٌ أَسَاءَ إِلَيَّ كَثِيرًا، وَأَنَا أَسُبُّهُ وَأَشْتُمُهُ في نَفْسِي، فَهَلْ في ذَلِكَ مِنْ حَرَجٍ شَرْعِيٍّ عَلَيَّ؟
 السؤال :
 2020-12-30
 1218
هَلِ الحَيَاةُ الزَّوْجِيَّةُ مُرْتَبِطَةٌ بِاسْمِ كُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ شَقَاءً وَضَنْكًا أَو سَعَادَةً؟
 السؤال :
 2020-06-30
 596
هَلْ مِنْ نَصِيحَةٍ لِحَمَاةِ الزَّوْجَةِ، لَعَلَّ اللهَ تعالى أَنْ يُصْلِحَ حَالَهَا؟
 السؤال :
 2020-03-01
 936
أُمِّي مُقِيمَةٌ في بَلْدَةٍ غَيْرِ التي أَنَا أُقِيمُ فِيهَا، وَتَطْلُبُ مِنِّي زِيَارَتَهَا، وَعِنْدِي أَوْلَادٌ لَا أَسْتَطِيعُ السَّفَرَ بِهِمْ، وَزَوْجِي صَاحِبُ عَمَلٍ، وَهُوَ لَا يُعَارِضُ بِشَأْنِ زِيَارَةِ أُمِّي، وَلَكِنْ يَرْجُونِي أَنْ لَا أَجْعَلَهُ في حَرَجٍ في سَفَرِي، فَمَاذَا أَفْعَلُ؟
 السؤال :
 2020-03-01
 2349
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ، وَيَأْمُرُهَا وَالِدَاهَا بِزِيَارَتِهِمَا كَثِيرًا، وَالزَّوْجُ يَرْفُضُ هَذَا إِلَّا في حُدُودِ المَعْقُولِ وَالمُتَعَارَفِ، فَلِمَنْ تُطِيعُ الزَّوْجَةُ في هَذَا الحَالِ؟
 السؤال :
 2020-03-01
 3897
أَخِي تَزَوَّجَ مِنِ امْرَأَةٍ، وَهِيَ تَسْكُنُ عِنْدَنَا في البَيْتِ، وَلَكِنَّهَا سَيِّئَةُ الأَخْلَاقِ، وَلَا أَدْرِي كَيْفَ نَتَعَامَلُ مَعَهَا؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3162
المكتبة الصوتية 4798
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414391231
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :