الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَحُقُوقُ الوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ كَثِيرَةٌ جِدَّاً، وَمَنْ أَرَادَ مَعْرِفَتَهَا عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ مَا كُتِبَ في تَرْبِيَةِ الأَبْنَاءِ مِنْ عُلَمَاءِ مُسْلِمِينَ أَجِلَّاءَ، عَلَى سَبِيلِ المِثَالِ كِتَابُ: تَرْبِيَةِ الأَوْلَادِ في الإِسْلَامِ للشَّيْخِ عَبْدِ اللهِ عُلْوَانَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى.
وَنَحْنُ نَذْكُرُ بَعْضَ الحُقُوقِ هُنَا:
أولاً: أَنْ يَخْتَارَ الأَبُ أُمَّ وَلَدِهِ عَلَى أَسَاسٍ مِنَ الدِّينِ وَالخُلُقِ، وَذَاتَ حَسَبٍ، لِأَنَّ دَنَاءَةَ الأَصْلِ تَسْرِي إلى أَخْلَاقِ الوَلَدِ، وفي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «فَانْكِحُوا الْأَكْفَاءَ، وَأَنْكِحُوا إِلَيْهِمْ». أَخْرَجَهُ ابن ماجه.
ثانياً: أَنْ يَخْتَارَ لَهُ اسْمَاً حَسَنَاً، لِمَا روى أبو داود عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ، وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ، فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ».
ثالثاً: أَنْ يُؤَذِّنَ في أُذُنِهِ اليُمْنَى عِنْدَ وِلَادَتِهِ وَيُقِيمَ في اليُسْرَى، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ في أُذُنِهِ سُورَةَ الإِخْلَاصِ، وَآيَةَ: ﴿وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾.
رابعاً: أَنْ يَذْبَحَ عَنْهُ عَقِيقَتَهُ في سَابِعِ وِلَادَتِهِ، وَيَحْلِقَ رَأْسَهُ، وَيَتَصَدَّقَ بِزِنَةِ شَعْرِهِ ذَهَبَاً أَو فِضَّةً، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ غُلَامٍ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ» رواه أحمد.
خامساً: أَنْ يُرَبِّيَهُ تَرْبِيَةً حَسَنَةً، وَيُعَلِّمَهُ الأَدَبَ في أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَنَوْمِهِ وَكَلَامِهِ وَمُعَاشَرَتِهِ للأَقَارِبِ وَالأَبَاعِدِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدَاً مِنْ نَحْلٍ أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ» أَخْرَجَهُ الترمزي.
سادساً: أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ حَتَّى يُصْبِحَ قَادِرَاً عَلَى الكَسْبِ، وَالأُنْثَى حَتَّى تَتَزَوَّجَ، وَلَا يَعْنِي هَذَا أَنْ يَقْطَعَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ بَعْدَ ذَلِكَ، بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُوَاصِلَ بِرَّهُ وَإِحْسَانَهُ لِوَلَدِهِ، فَإِنَّهُ مِنْ أَقْرَبِ الأَقَارِبِ، وَصِلَتُهُ مِنْ أَعْظَمِ الصِّلَاتِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ أَوْلَادِهِ في العَطِيَّةِ.
سابعاً: أَنْ يَأْمُرَهُ بِالصَّلَاةِ وَيُنَشِّئَهُ عَلَيْهَا، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي المَضَاجِعِ». أخرجه أحمد.
ثامناً: أَنْ يُعَلِّمَهُ تِلَاوَةَ القُرْآنِ الكَرِيمِ، وَمَحَبَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَمَحَبَّةَ أَهْلِ البَيْتِ الكِرَامِ، وَصَحَابَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَمَحَبَّةَ الأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ مِنْ سَلَفِ الأُمَّةِ وَخَلَفِهَا.
تاسعاً: أَنْ يُعَلِّمَهُ حِرْفَةً وَصَنْعَةً تَكُونُ لَائِقَةً في حَقِّهِ.
عاشراً: وَهُوَ الأَهَمُّ في حَيَاةِ شَبَابِنَا ـ وَاللُه تعالى أَعْلَمُ ـ أَنْ يُزَوِّجَهُ إِذَا كَبُرَ، لِيَصُونَ دِينَهُ، وَرَحِمَ اللهُ وَالِدَاً أَعَانَ وَلَدَهُ عَلَى بِرِّهِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |