من هم الذين تكلموا في المهد؟

5284 - من هم الذين تكلموا في المهد؟

17-06-2012 79353 مشاهدة
 السؤال :
من هم الذين تكلَّموا في المهد؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5284
 2012-06-17

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإنَّ المتَّفقَ عليه ممن تكلَّم في المهدِ أربعةٌ:

أوَّلهم: سيدُنا عيسى عليه السلام:

قال تعالى: ﴿فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ﴾، وقال تعالى: ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِين * وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِين﴾.

ثانيهم وثالثهم: صاحب جريج العابد والرضيعُ الذي تمنَّتْ أمُّه أن يكونَ مثلَ رجل جَبَّار:

روى البخاريُّ ومسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي المَهْدِ إِلا ثَلاثَةٌ: عِيسَى.

وَكَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: جُرَيْجٌ، كَانَ يُصَلِّي جَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ، فَقَالَ: أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ المُومِسَاتِ، وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَتَعَرَّضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى، فَأَتَتْ رَاعِيًا فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَلَدَتْ غُلامًا، فَقَالَتْ: مِنْ جُرَيْجٍ، فَأَتَوْهُ فَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ وَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الغُلامَ، فَقَالَ: مَنْ أَبُوكَ يَا غُلامُ؟ قَالَ: الرَّاعِي، قَالُوا: نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: لا، إِلا مِنْ طِينٍ.

 وَكَانَتْ امْرَأَةٌ تُرْضِعُ ابْنًا لَهَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ رَاكِبٌ ذُو شَارَةٍ، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ ابْنِي مِثْلَهُ، فَتَرَكَ ثَدْيَهَا وَأَقْبَلَ عَلَى الرَّاكِبِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيِهَا يَمَصُّهُ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَمَصُّ إِصْبَعَهُ، ثُمَّ مُرَّ بِأَمَةٍ فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْ ابْنِي مِثْلَ هَذِهِ، فَتَرَكَ ثَدْيَهَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا، فَقَالَتْ: لِمَ ذَاكَ؟ فَقَالَ: الرَّاكِبُ جَبَّارٌ مِنَ الجَبَابِرَةِ، وَهَذِهِ الأَمَةُ يَقُولُونَ: سَرَقْتِ زَنَيْتِ، وَلَمْ تَفْعَلْ».

رابعهم: الطفلُ الذي خاطبَ أمَّهُ في قصَّة أصحاب الأخدود:

روى الإمام مسلم عن صهيب أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال في قصة أصحاب الأخدود: «... فَأَمَرَ بِالأُخْدُودِ فِي أَفْوَاهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ، وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ، وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ فِيهَا، أَوْ قِيلَ لَهُ: اقْتَحِمْ، فَفَعَلُوا، حَتَّى جَاءَتْ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا، فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا، فَقَالَ لَهَا الغُلامُ: يَا أُمَّهْ اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الحَقِّ».

وهناك ثلاثةٌ اختلفَ العلماءُ فيهم:

الأول: صبيُّ ماشطةِ بنتِ فرعون:

روى الإمام أحمد والطبرانيُّ والحاكمُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي أُسْرِيَ بِي فِيهَا أَتَتْ عَلَيَّ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ؟ فَقَالَ: هَذِهِ رَائِحَةُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ وَأَوْلادِهَا، قَالَ: قُلْتُ: وَمَا شَأْنُهَا؟ قَالَ: بَيْنَا هِيَ تُمَشِّطُ ابْنَةَ فِرْعَوْنَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ سَقَطَتْ المِدْرَى مِنْ يَدَيْهَا، فَقَالَتْ: بِسْمِ اللهِ، فَقَالَتْ لَهَا ابْنَةُ فِرْعَوْنَ: أَبِي؟ قَالَتْ: لا، وَلَكِنْ رَبِّي وَرَبُّ أَبِيكِ اللهُ، قَالَتْ: أُخْبِرُهُ بِذَلِكَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَأَخْبَرَتْهُ فَدَعَاهَا، فَقَالَ: يَا فُلانَةُ وَإِنَّ لَكِ رَبًّا غَيْرِي؟ قَالَتْ: نَعَمْ رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ، فَأَمَرَ بِبَقَرَةٍ مِنْ نُحَاسٍ فَأُحْمِيَتْ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا أَنْ تُلْقَى هِيَ وَأَوْلادُهَا فِيهَا، قَالَتْ لَهُ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، قَالَ: وَمَا حَاجَتُكِ؟ قَالَتْ: أُحِبُّ أَنْ تَجْمَعَ عِظَامِي وَعِظَامَ وَلَدِي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَتَدْفِنَنَا، قَالَ: ذَلِكَ لَكِ عَلَيْنَا مِنَ الحَقِّ، قَالَ: فَأَمَرَ بِأَوْلادِهَا فَأُلْقُوا بَيْنَ يَدَيْهَا وَاحِدًا وَاحِدًا، إِلَى أَنْ انْتَهَى ذَلِكَ إِلَى صَبِيٍّ لَهَا مُرْضَعٍ، وَكَأَنَّهَا تَقَاعَسَتْ مِنْ أَجْلِهِ، قَالَ: يَا أُمَّهْ اقْتَحِمِي فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ، فَاقْتَحَمَتْ». قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: (تَكَلَّمَ أَرْبَعَةٌ صِغَارٌ: عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلام، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ، وَشَاهِدُ يُوسُفَ، وَابْنُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ).

الثاني: شاهدُ سيدِنا يوسفَ عليه السلام:

قال الله تعالى فيه: ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا﴾. روى الحاكم في المستدرَك عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لم يتكلَّمْ في المَهدِ إلا ثلاثةٌ: عيسى ابنُ مريمَ، وشاهدُ يوسفَ، وصاحبُ جُرَيجٍ، وابنُ ماشِطَةِ بنتِ فِرعَوْنَ». وقال ابنُ عباس رضي الله عنهما: (تَكَلَّمَ أَرْبَعَةٌ صِغَارٌ: عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلام، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ، وَشَاهِدُ يُوسُفَ، وَابْنُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ) رواه الإمام أحمد.

الثالث: سيدنا يحيى عليه السلام.

كما ذكر ذلك الحافظ بن حجر في فتح الباري: وَزَعَمَ الضَّحَّاك فِي تَفْسِيره أَنَّ يَحْيَى تَكَلَّمَ فِي الْمَهْد، أَخْرَجَهُ الثَّعْلَبِيّ.

وبناء على ذلك:

فالذين تكلَّموا في المهد بيقين أربعةٌ، هم: سيدُنا عيسى عليه السلام، والرَّضيعُ الذي تمنَّتْ أمُّه أن يكونَ مثلَ رجلٍ وَجيهٍ، والطفلُ الذي كلَّم أمَّه في قصةِ أصحابِ الأُخدود، وصاحبُ جُرَيْجٍ، والباقون مختلَفٌ فيهم. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
79353 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  العلم وآداب المتعلم

 السؤال :
 2016-11-13
 3804
من فضل الله عَلَيَّ أني أحب الاستماع للدروس والمواعظ، فهل بالإمكان إرشادي إلى آداب المستمع للموعظة والدرس؟
رقم الفتوى : 7696
 السؤال :
 2016-02-15
 4525
هل صحيح بأن استعمال السواك يسهل خروج الروح؟
رقم الفتوى : 7175
 السؤال :
 2015-09-02
 44633
ما صحة حديث: ملعون من جلس وسط الحلقة؟
رقم الفتوى : 7000
 السؤال :
 2015-05-15
 4021
هل يجوز شرعاً أن يقول الإنسان لواحد من البشر: يا سيد، أو: يا سيدي؟
رقم الفتوى : 6890
 السؤال :
 2015-04-29
 4647
من هم الفقهاء السبعة؟ ومن هم الأئمة الأربعة؟
رقم الفتوى : 6855
 السؤال :
 2015-02-22
 374
أحياناً عند السؤال المحرج أقول للمسؤول لا حياء في الدين، ثم أسأله، فهل هذه الكلمة فيها حرج؟
رقم الفتوى : 6766

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413546284
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :