{وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّون}

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَقولُ الله تعالى في سُورَةِ الحَجِّ: ﴿وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّون﴾. ويَقولُ في سُورَةِ السَّجدَةِ: ﴿يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّون﴾. ويَقولُ في سُورَةِ المَعارِجِ: ﴿تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَة﴾. هذا أولاً.

ثانياً: أخرَجَ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ مِن طَرِيقِ سِمَاكٍ عَن عِكرِمَةَ عَن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما مِن أَنَّ يَومَ الأَلفِ فِي سُورَةِ الحَجِّ هُوَ أَحَدُ الأَيَّامِ السِتَّةِ التِي خَلَقَ اللهُ فِيهَا السَّماوَاتِ والأَرضِ، وَيَومَ الأَلفِ فِي سُورَةِ السَّجدَةِ هُو مِقدَارُ سَيرِ الأَمرِ وعُرُوجِهِ إِليهِ تَعَالى، ويَومَ الخَمسِينَ ألفاً هُوَ يَومُ القِيَامَة .

ثالثاً: روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ صَاحِبِ كَنْزٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهُ إِلَّا أُحْمِيَ عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُجْعَلُ صَفَائِحَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبَاهُ وَجَبِينُهُ، حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَ عِبَادِهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ.

وبناء على ذلك:

فلا تَعارُضَ بَينَ الآياتِ الكَريماتِ، فاليَومُ عِندَ الله عزَّ وجلَّ ألفُ سَنَةٍ، ويَومُ القِيامَةِ قَبلَ أن يَدخُلَ أهلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، وأهلُ النَّارِ النَّارَ خَمسونَ ألفَ سَنَةٍ، واليَومُ في الحَياةِ الدُّنيا أربَعٌ وعِشرونَ سَاعَةً. هذا، والله تعالى أعلم.