سبق لسانه إلى الكفر من غير قصد

6726 - سبق لسانه إلى الكفر من غير قصد

10-02-2015 4844 مشاهدة
 السؤال :
كيف يفهم المؤمن حديث سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «للهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ، وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ»؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6726
 2015-02-10

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد أَخرَجَ الإمام مسلم عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ «للهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ، وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ».

يُفهَمُ من هذا الحَدِيثِ:

أولاً: أنَّ اللهَ تعالى يَفرَحُ بِتَوبَةِ عَبدِهِ أَشَدَّ مِمَّن يَفرَحُ بوُجُودِ نَاقَتِهِ التي ضَلَّتْ بِأَرضِ فَلاةٍ، وفَرَحُ اللهِ تعالى لَيسَ كَفَرَحِ العَبدِ، لأنَّ اللهَ تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ؛ وهذا من بَابِ المُشَاكَلَةِ.

ثانياً: فِيهِ تَرغِيبٌ للعَبدِ بالتَّوبَةِ للهِ عزَّ وجلَّ من ذُنُوبِهِ، وهذهِ التَّوبَةُ نِعمَةٌ أَنعَمَ اللهُ تعالى بِهَا على هذهِ الأُمَّةِ دُونَ غَيرِهَا من الأُمَمِ، وكَانَت تَوبَةُ بَنِي إسرَائِيلَ قَتْلَ أَنفُسِهِم، فَللهِ الحَمْدُ على هذهِ النِّعمَةِ.

ثالثاً: اِتَّفَقَ الفُقَهَاءُ على تَكفِيرِ من صَدَرَ مِنهُ قَولٌ مُكَفِّرٌ، سَوَاءٌ أَقَالَهُ استِهزَاءً، أم عِنَادَاً، أم اعتِقَادَاً، لِقَولِهِ تعالى: ﴿قُلْ أَباللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾.

وأمَّا من سَبَقَ لِسَانُهُ إلى الكُفْرِ من غَيرِ قَصْدٍ، لِشِدَّةِ فَرَحٍ أو دَهَشٍ أو غَيرِ ذلكَ، فإنَّهُ لا يُكفَرُ، كَقَولِ من أَرَادَ أن يَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنتَ رَبِّي وأَنَا عَبدُكَ، فَقَالَ غَلَطَاً: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ.

وكذلكَ من أُكْرِهَ على قَولِ الكُفرِ، فإنَّهُ لا يُكفَرُ، لِقَولِهِ تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ﴾. ولِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» رواه الحاكم وابن ماجه ـ واللَّفظ لَهُ ـ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
4844 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  المسائل المتعلقة بالعقيدة

 السؤال :
 2023-03-25
 894
لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ بَعْضِ طُلَّابِ العِلْمِ مَنْ يَقُولُ: اليَهُودُ وَالنَصَارَى يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، وَهَذَا مَا ثَبَتَ في القُرْآنِ العَظِيمِ، فَهَلْ كَلَامُهُ صَحِيحٌ؟
 السؤال :
 2023-02-06
 653
مَا هُوَ الفَارِقُ بَيْنَ العَقْلِ وَالقَلْبِ، وَأَيْنَ مَحَلُّ العَقْلِ مِنْ جِسْمِ الإِنْسَانِ؟
 السؤال :
 2022-12-25
 6130
إِذَا كَانَتِ المَرْأَةُ المُسْلِمَةُ صَائِمَةً وَمُصَلِّيَةً، إِلَّا أَنَّهَا مُتَبَرِّجَةٌ، فَهَلْ تَكُونُ مِنَ الخَالِدِينَ في النَّارِ بِسَبَبِ تَبَرُّجِهَا وَغِوَايَتِهَا؟
 السؤال :
 2022-12-25
 592
هَلْ دُخُولُ الجَنَّةِ بِالفَضْلِ أَمْ بِالعَمَلِ؟ فَإِنْ كَانَ بِالفَضْلِ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ تعالى: ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾؟
 السؤال :
 2022-10-03
 565
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ الإِنْسَانَ المُؤْمِنَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَدَفْنِهِ يَرَى سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
 السؤال :
 2022-09-02
 282
لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ قَرِيبٍ عَنِ الدَّعْوَةِ إلى الدِّيَانَةِ الإِبْرَاهِيمِيَّةِ، فَمَا هِيَ هَذِهِ الدِّيَانَةُ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3162
المكتبة الصوتية 4798
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414417055
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :