﴿وَالْـمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ﴾

7397 - ﴿وَالْـمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ﴾

11-07-2016 2347 مشاهدة
 السؤال :
ما هو تفسير قول الله تعالى: ﴿وَالْـمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمَاً حَكِيمَاً * وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلَاً أَنْ يَنْكِحَ الْـمُحْصَنَاتِ الْـمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْـمُؤْمِنَاتِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْـمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْـمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7397
 2016-07-11

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

تَفْسُيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَالْـمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللهِ عَلَيْكُمْ﴾. هُوَ عَطْفٌ على المُحَرَّمَاتِ اللَّاتِي سَبَقَ ذِكْرُهُنَّ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾. وَيَكُونُ مَعْنَى الآيَةِ: أَيْ: وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ نِكَاحُ المَرْأَةِ المُتَزَوِّجَةِ ﴿إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾. يَعْنِي: إلا مَا مَلَكْتُمُوهُنَّ بِالسَّبْيِ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَكُمْ وَطْؤُهُنَّ إِذَا اسْتَبْرَأْتُمُوهُنَّ.

﴿كِتَابَ اللهِ عَلَيْكُمْ﴾. أَيْ: هَذَا التَّحْرِيمُ كِتَابٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكُمْ، فَالْزَمُوا كِتَابَهُ، وَلَا تَخْرُجُوا عَنْ حُدُودِهِ، وَالْزَمُوا شَرْعَهُ وَمَا فَرَضَهُ.

﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾. أَيْ: مَا عَدَا مَنْ ذُكِرَ مِنَ المَحَارِمِ هُنَّ لَكُمْ حَلَالٌ.

﴿أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ﴾. أَيْ: تَحْصُلُوا بِأَمْوَالِكُمْ مِنَ الزَّوْجَاتِ إلى أَرْبَعٍ أَو السَّرَارِي مَا شِئْتُمْ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ.

﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً﴾. أَيْ: كَمَا تَسْتَمْتِعُونَ بِهِنَّ عَنْ طَرِيقِ الزَّوَاجِ، فَآتُوهُنَّ مُهُورَهُنَّ مُقَابِلَ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلَاً أَنْ يَنْكِحَ الْـمُحْصَنَاتِ الْـمُؤْمِنَاتِ﴾. يَعْنِي: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعِ الزَّوَاجَ بِالمُحْصَنَاتِ ـ وَالمَقْصُودُ هُنَا الحَرَائِرُ، بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِنَّ بِالمَمْلُوكَاتِ ـ بِسَبَبِ عَدَمِ الغِنَى وَالفَضْلِ الزَّائِدِ مِنَ المَالِ، فَلْيَنْكِحْ مِنَ الإِمَاءِ، قَالَ تعالى: ﴿فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْـمُؤْمِنَاتِ﴾. لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ نِكَاحُ الإِمَاءِ الكَافِرَاتِ.

قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾. يَعْنِيِ أَنَّكُمْ يَا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ مُكَلَّفُونَ بِظَوَاهِرِ الأُمُورِ، وَاللهُ تعالى يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ، فَاعْمَلُوا على الظَّاهِرِ في الإِيمَانِ، وَالإِيمَانُ الظَّاهِرُ في الأَمَةِ كَافٍ.

قَوْلُهُ تعالى: ﴿فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ﴾. اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ على أَنَّ نِكَاحَ الأَمَةِ وَالعَبْدِ مَشْرُوطٌ بِإِذْنِ السَّيِّدِ.

قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾. يَعْنِي لَا بُدَّ مِنَ المَهْرِ للأَمَةِ، فَهِيَ مِنْ حَيْثُ المَهْرُ كَالحُرَّةِ، وَالمَهْرُ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ هُوَ للسَّيِّدِ.

قَوْلُهُ تعالى: ﴿مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾. شَرْطُ نِكَاحِ الإِمَاءِ وَدَفْعُ المَهْرِ أَنْ يَكُنَّ عَفَائِفَ، وَأَنْ تَتَزَوَّجُوهُنَّ، لَا مُسْتَأْجَرَاتٍ للبِغَاءِ جَهْرَاً، وَهُنَّ المُسَافِحَاتِ، وَلَا سِرَّاً، وَهُنَّ مُتَّخِذَاتِ الأَخْدَانِ.

قَوْلُهُ تعالى: ﴿فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْـمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾. بَيَّنَ اللهُ تعالى عُقُوبَةَ الحَدِّ على الزَّانِيَةِ الأَمَةِ، فَجَعَلَ عُقُوبَتَهَا نِصْفَ عُقُوبَةِ الحُرَّةِ، وَحَدُّ المَرْأَةِ الحُرَّةِ مِئَةُ جَلْدَةٍ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾. فَحَدُّ الأَمَةِ هُوَ خَمْسُونَ جَلْدَةٍ، لِأَنَّهُ لَا رَجْمَ للإِمَاءِ، لِأَنَّ الرَّجْمَ لَا يَتَنَصَّفُ.

قَوْلُهُ تعالى: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ﴾. هُوَ شَرْطٌ آخَرُ لِإِبَاحَةِ نِكَاحِ الإِمَاءِ، وَهُوَ الخَوْفُ مِنَ الزِّنَا.

قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. يَعْنِي: صَبْرُكُمْ عَنْ نِكَاحِ الإِمَاءِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ نِكَاحِهِنَّ، وَإِنْ أُبِيحَ ذَلِكَ لَكُم للضَّرُورَةِ بِشُرُوطٍ، وَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْرِيضِ الوَلَدِ للرِّقِّ؛ وَقَدْ وَرَدَ: الْحَرَائِرُ صَلاحُ الْبَيْتِ، وَالإِمَاءُ هَلاكُ الْبَيْتِ.

وَعَلَى كُلِّ حَالٍ في يَوْمِنَا هَذَا لَا يُوجَدُ رِقٌّ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2347 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 242
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1444
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 632
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1686
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1438
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 958
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3162
المكتبة الصوتية 4798
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414328431
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :