﴿لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ﴾

7419 - ﴿لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ﴾

18-07-2016 2332 مشاهدة
 السؤال :
كيف نوفق بين قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾. وقوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7419
 2016-07-18

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَوْلُهُ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللهُ عَنْهَا وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾. هَذَا كَانَ خَاصَّاً في زَمَنِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ زَمَنِ تَنَزُّلِ الوَحْيِ، وَكَانَ رَحْمَةً مِنَ اللهِ تعالى بِالمُسْلِمِينَ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَعْظَمَ المُسْلِمِينَ جُرْمَاً، مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ، فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ» رواه الشيخان عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وروى الترمذي عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلَاً﴾.

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفِي كُلِّ عَامٍ؟

فَسَكَتَ؛ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفِي كُلِّ عَامٍ؟

قَالَ: «لَا، وَلَوْ قُلْتُ: نَعَمْ ، لَوَجَبَتْ».

فَأَنْزَلَ اللهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾.

وفي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ في الكَبِيرِ، فَغَلِقَ كَلَامُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَغَضِبَ، وَمَكَثَ طَوِيلَاً، ثُمَّ تَكَلَّمَ، فَقَالَ: «مَنْ هَذَا السَّائِلُ؟».

فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: أَنَا ذَا يَا رَسُولَ اللهِ.

فَقَالَ: «وَيْحَكَ، مَاذَا يُؤْمِنُكَ أَنْ أَقُولَ نَعَمْ، وَاللهِ لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَتَرَكْتُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ لَكَفَرْتُمْ؛ أَلَا إِنَّهُ إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَئِمَّةُ الْحَرَجِ، وَاللهِ لَوْ أَنِّي أَحْلَلْتُ لَكُمْ جَمِيعَ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ، وَحَرَّمْتُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ خُفِّ بَعِيرٍ لَوَقَعْتُمْ فِيهِ».

فَنَزَلَتْ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾.

وروى الشيخان عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا نَبِيَّ اللهِ، مَنْ أَبِي؟

قَالَ: «أَبُوكَ فُلاَنٌ». وَنَزَلَتْ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾.

فَكَانَ النَّهْيُ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الأَسْئِلَةِ في زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِذَا نُهُوا عَنْ ذَلِكَ رَحْمَةً مِنَ اللهِ تعالى بِهِمْ، فَقَدْ روى الحاكم عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ حَدَّ حُدُودَاً فَلَا تَعْتَدُوهَا، وَفَرَضَ لَكُمْ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا، وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا، وَتَرَكَ أَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ مِنْ رَبِّكُمْ، وَلَكِنْ رَحْمَةٌ مِنْهُ لَكُمْ، فَاقْبَلُوهَا وَلَا تَبْحَثُوا فِيهَا».

أَمَّا بَعْدَ انْقِطَاعِ الوَحْيِ، وَبَعْدَ تَمَامِ الشَّرِيعَةِ، فَيَجِبُ على كُلِّ مُسْلِمٍ يَجْهَلُ أَمْرَاً مِنْ أُمُورِ الدِّينِ أَنْ يَسْأَلَ العُلَمَاءَ المُخْتَصِّينَ، وَهَذَا هُوَ مَعْنَى قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.

وبناء على ذلك:

فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الآيَتَيْنِ الكَرِيمَتَيْنِ، فَالأُولَى عِنْدَ نُزُولِ الوَحْيِ في زَمَنِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ تعالى بِالأُمَّةِ حَتَّى لَا يُفْرَضَ عَلَيْهِمْ أَمْرٌ بِسَبَبِ سُؤَالِهِمْ؛ وَأَمَّا بَعْدَ تَمَامِ الدِّينِ وَانْقِطَاعِ الوَحْيِ، فَلَا بُدَّ مِنَ السُّؤَالِ للتَّعَلُّمِ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2332 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 240
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1444
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 632
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1686
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1438
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 958
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3162
المكتبة الصوتية 4798
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414325255
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :