طاعة الزوج أم الأبوين

7755 - طاعة الزوج أم الأبوين

17-12-2016 723 مشاهدة
 السؤال :
إذا تعارض أمر الزوج مع أمر الوالدين، فأيهما يقدم بالنسبة للزوجة المأمورة بطاعة زوجها، وبطاعة والديها؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7755
 2016-12-17

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ نَفَقَةٍ عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّى إِلَيْهِ شَطْرُهُ».

وروى الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّتِ المَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ».

وروى الحاكم عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ أَتَى الشَّامَ فَرَأَى النَّصَارَى يَسْجُدُونَ لِأَسَاقِفَتِهِمْ وَقِسِّيسِيهِمْ وَبَطَارِقَتِهِمْ، وَرَأَى الْيَهُودَ يَسْجُدُونَ لِأَحْبَارِهِمْ وَرُهْبَانِهِمْ وَرُبَّانِيهِمْ وَعُلَمَائِهِمْ وَفُقَهَائِهِمْ.

فَقَالَ: لِأَيِّ شَيْءٍ تَفْعَلُونَ هَذَا؟

قَالُوا: هَذِهِ تَحِيَّةُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.

قُلْتُ: فَنَحْنُ أَحَقُّ أَنْ نَصْنَعَ بِنَبِيِّنَا.

فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُمْ كَذَبُوا عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ كَمَا حَرَّفُوا كِتَابَهُمْ، لَوْ أَمَرْتُ أَحَدَاً أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ، لَأَمَرْتُ المَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا مِنْ عَظِيمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا، وَلَا تَجِدُ امْرَأَةٌ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا، وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى ظَهْرِ قَتَبٍ (أَيْ: وَهِيَ تَسِيرُ عَلَى ظَهْرِ بَعِيرٍ)».

وروى الإمام أحمد عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ مِحْصَنٍ، أَنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ، فَفَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا.

فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟».

قَالَتْ: نَعَمْ.

قَالَ: «كَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟».

قَالَتْ: مَا آلُوهُ إِلَّا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ (أَيْ: لَا أُقَصِّرُ وَلَا أَتْرُكُ مِنْ بِرِّهِ إِلَّا مَا لَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَلَا أَسْتَطِيعُهُ).

قَالَ: «فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ».

وروى الحاكم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ النَّاسِ أَعْظَمُ حَقَّاً عَلَى المَرْأَةِ؟

قَالَ: «زَوْجُهَا».

قُلْتُ: فَأَيُّ النَّاسِ أَعْظَمُ حَقَّاً عَلَى الرَّجُلِ؟

قَالَ: «أُمُّهُ».

وَذَكَرَ الفُقَهَاءُ بِنَاءً على هَذِهِ الأَحَادِيثِ الشَّرِيفَةِ أَنَّ طَاعَةَ الزَّوْجِ وَاجِبَةٌ على الزَّوْجَةِ، وَلِقَوْلِهِ تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾.

يَقُولُ الإِمَامُ القُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: قِيَامُ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ هُوَ عَلَى هَذَا الحَدِّ، وَهُوَ أَنْ يَقُومَ بِتَدْبِيرِهَا وَتَأْدِيبِهَا وَإِمْسَاكِهَا فِي بَيْتِهَا وَمَنْعِهَا مِنَ البُرُوزِ، وَأَنَّ عَلَيْهَا طَاعَتَهُ وَقَبُولَ أَمْرِهِ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً.

وَيَقُولُ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في امْرَأَةٍ لَهَا زَوْجٌ وَأُمٌّ مَرِيضَةٌ: طَاعَةُ زَوْجِهَا أَوْجَبُ عَلَيْهَا مِنْ أُمِّهَا إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهَا.

وَجَاءَ في الإِنْصَافِ: لَا يَلْزَمُهَا طَاعَةُ أَبَوَيْهَا فِي فِرَاقِ زَوْجِهَا، وَلَا زِيَارَةٍ وَنَحْوِهَا؛ بَلْ طَاعَةُ زَوْجِهَا أَحَقُّ.

وبناء على ذلك:

فَإِذَا تَعَارَضَ أَمْرُ الزَّوْجِ مَعَ أَمْرِ الوَالِدَيْنِ، فَيَجِبُ على الزَّوْجَةِ أَنْ تُقَدِّمَ طَاعَةَ زَوْجِهَا على أَمْرِ وَالِدَيْهَا، وَخَاصَّةً إِذَا لَمْ يَكُنْ أَمْرُ الزَّوْجِ في مَعْصِيَةٍ للهِ تعالى، وَعَلَى الأَبَوَيْنِ أَنْ يَكُونَا عَوْنَاً لابْنَتِهِمْ في طَاعَةِ زَوْجِهَا، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتِ الجَنَّةَ» رواه الحاكم والترمذي عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
723 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  بر الوالدين وصلة الأرحام

 السؤال :
 2025-03-15
 131
إِنْسَانٌ يُسِيءُ الأَدَبَ مَعَ وَالِدَيْهِ وَإِخْوَتِهِ، فَهَلْ مِنْ نَصِيحَةٍ لَهُ؟
 السؤال :
 2022-12-25
 766
رَجُلٌ أُصِيبَ وَالِدُهُ بِمَرَضِ الإِيدز، وَهُوَ خَائِفٌ عَلَيْهِ مِنْ سُوءِ الخَاتِمَةِ، فَمَاذَا يَصْنَعُ مَعَ وَالِدِهِ؟
 السؤال :
 2020-07-16
 3048
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الإِنْسَانِ أَنْ يَصِلَ خَالَتَهُ، وَأَنْ يُحْسِنَ إِلَيْهَا، وَهَلْ يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ لَهَا؟
 السؤال :
 2020-07-02
 994
مَا حُكْمُ مُنَادَةِ الوَالِدِ: يَا حَاج، وَكَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ للأُمِّ؟
 السؤال :
 2019-05-23
 4899
هل هناك علاقة بين وصل الرحم والرزق؟
 السؤال :
 2019-03-22
 21789
ما هو الواجب عليَّ وعلى إخوتي وأخواتي تجاه زوجة أبي؟ وهل هي من الأرحام التي يجب صلتها؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3235
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424808490
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :