الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ رَوَى الحاكم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِجِنَازَةٍ عِنْدَ قَبْرٍ فَقَالَ: «قَبْرُ مَنْ هَذَا؟»
فَقَالُوا: فُلَانٌ الْحَبَشِيُّ يَا رَسُولَ اللهِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، سِيقَ مِنْ أَرْضِهِ وَسَمَائِهِ إِلَى تُرْبَتِهِ الَّتِي مِنْهَا خُلِقَ». وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.
وروى الخطيب البغدادي عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلا وَفِي سُرَّتِهِ مِنْ تُرْبَتِهِ الَّتِي يُولَدُ مِنْهَا، فَإِذَا رُدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ رُدَّ إِلَى تُرْبَتِهِ الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا حَتَّى يُدْفَنَ فيها، وَأَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ خُلِقْنَا مِنْ تُرْبَةٍ وَاحِدَةٍ، وَفِيهَا نُدْفَنُ» وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.
وروى عبد الرزاق عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: يُدْفَنُ كُلُّ إِنْسَانٍ في التُّرْبَةِ التي خُلِقَ مِنْهَا.
وروى الطَّبَرَانِيُّ في الأَوْسَطِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: مَرَّ بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَحْفِرُ قَبْرَاً.
فَقَالَ: «مَا تَصْنَعُونَ؟».
قُلْنَا: نَحْفِرُ قَبْرَاً لِهَذَا الْأَسْوَدِ.
فَقَالَ: «جَاءَتْ بِهِ مَنِيَّتُهُ إِلَى تُرْبَتِهِ».
قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: تَدْرُونَ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ لِمَ حَدَّثْتُكُمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ؟ لَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ خُلِقَا مِنْ تُرْبَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.
وبناء على ذلك:
فَكُلُّ إِنْسَانٍ يَمُوتُ في الأَرْضِ التي خُلِقَ مِنْهَا، فَإِذَا أَرَادَ اللهُ تعالى مَوْتَ عَبْدٍ في الأَرْضِ التي خُلِقَ مِنْهَا، جَعَلَ لَهُ إِلَيْهَا حَاجَةً لِيَمُوتَ فِيهَا تَنْفِيذَاً لِمَا قَدَّرَهُ اللهُ تعالى أَزَلَاً، روى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا جَعَلَ اللهُ مَنِيَّةَ عَبْدٍ بِأَرْضٍ إِلَّا جَعَلَ لَهُ فِيهَا حَاجَةً». هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |