الفوائد الربوية للوالدين

8792 - الفوائد الربوية للوالدين

01-04-2018 10315 مشاهدة
 السؤال :
هل يجوز إعطاء والديَّ الفقيرين الفوائد الربوية التي حصلت عليها من إيداعي لأموالي في البنوك؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8792
 2018-04-01

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: إِيدَاعُ الأَمْوَالِ في البُنُوكِ الرِّبَوِيَّةِ لَا يَجُوزُ شَرْعَاً، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾. وَإِذَا تَمَّ إِيدَاعُ الأَمْوَالِ فِيهَا فَيَجِبُ أَخْذُهَا مُبَاشَرَةً مَعَ اسْتِحْضَارِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾.

وَذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إلى تَحْرِيمِ أَخْذِ الفَوَائِدِ الرِّبَوِيَّةِ، لِأَنَّهَا كَسْبٌ غَيْرُ مَـشْرُوعٍ، وَلَا يَسُوغُ أَخْذُهَا بِحُجَّةِ دَفْعِهَا للفُقَرَاءِ، لِأَنَّ تَحْرِيمَ الرِّبَا عَلَى الآخِذِ وَالمُعْطِي.

روى الإمام مسلم عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ».

وَهُنَاكَ بَعْضُ الفُقَهَاءِ المُعَاصِرِينَ قَالُوا بِجَوَازِ أَخْذِ الفَوَائِدِ الرِّبَوِيَّةِ وَصَرْفِهَا للفُقَرَاءِ وَالجِهَاتِ العَامَّةِ، مَا عَدَا المَسَاجِدِ وَشِرَاءِ المَصَاحِفِ.

ثانياً: النَّفَقَةُ عَلَى الأَبَوَيْنِ وَاجِبَةٌ عَلَى الوَلَدِ إِذَا كَانَ الأَبَوَانِ فَقِيرَيْنِ، روى الترمذي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ».

وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» رواه ابن ماجه عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وبناء على ذلك:

فَإِذَا كَانَ وَالِدَاكَ فَقِيرَيْنِ فَالنَّفَقَةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْكَ نَحْوَهُمَا شَرْعَاً.

وَعَارٌ عَلَى الوَلَدِ أَنْ يُفَكِّرَ في أَنْ يُطْعِمَ وَالِدَيْهِ لُقْمَةَ الحَرَامِ، وَعَارٌ عَلَيْهِ أَن يُودِعَ أَمْوَالَهُ في البُنُوكِ الرِّبَوِيَّةِ، وَلَا يُنْفِقَهَا عَلَى وَالِدَيْهِ تَقَرُّبَاً إلى اللهِ تعالى الذي وَعَدَ بِالخَلَفِ ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾.

هَلَّا تَقَرَّبْتَ إلى اللهِ تعالى بِالإِنْفَاقِ عَلَى وَالِدَيْكَ، وَأَنْتَ تَسْتَحْضِرُ قَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَمِنْ أَعْظَمِ الصَّدَقَاتِ أَجْرَاً أَنْ تُكَافِئَ وَالِدَيْكَ عَلَى مَا قَدَّمَاهُ لَكَ وَأَنْتَ صَغِيرٌ فَقِيرٌ.

هَلَّا جَعَلْتَ لِنَفْسِكَ رَصِيدَاً عِنْدَ اللهِ تعالى، وَذَلِكَ بِأَنْ تُغنِيَ وَالِدَيْكَ عَنِ المَسْأَلَةِ وَعَنِ الحَاجَةِ؟

أَمَا تَعْلَمُ بِأَنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبَاً؟

أَنْصَحُكَ بِالاسْتِغْفَارِ مِنَ الخَاطِرِ الذي خَطَرَ عَلَى قَلْبِكَ، كَمَا أَنْصَحُكَ بِسَحْبِ أَمْوَالِكَ مِنَ البُنُوكِ الرِّبَوِيَّةِ، مَعَ كَثْرَةِ الاسْتِغْفَارِ عَمَّا اقْتَرَفَتْ يَدَاكَ، وَاسْتَحْضِرُ قَوْلَهُ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
10315 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل متفرقة في الحظر والإباحة

 السؤال :
 2023-12-29
 0
زَوْجَتِي صَاحِبَةُ دِينٍ وَخُلُقٍ، إِلَّا أَنَّهَا عِنْدَمَا تَتَحَدَّثُ مَعَ زُمَلَائِهَا في العَمَلِ تُمَازِحُهُمْ، وَتَضْحَكُ إِلَيْهِمْ، وَقَدْ قَدَّمْتُ لَهَا النُّصْحَ، وَلَكِنْ بِدُونِ جَدْوَى، فَمَاذَا أَفْعَلُ؟
 السؤال :
 2023-12-29
 680
بِسَبَبِ الظُّرُوفِ القَاهِرَةِ في بَلَدِنَا، اضْطُرِرْنَا للسَّفَرِ خَارِجَ القُطْرِ مَعَ زَوْجِي وَأَخِيهِ وَزَوْجَتِهِ، فَمَا الحُكْمُ الشَّرْعِيُّ في السَّكَنِ سَوِيَّةً في مَنْزِلٍ وَاحِدٍ؟
 السؤال :
 2023-12-29
 345
أَنَا أَهْوَى الرَّسْمَ، وَأَعْلَمُ أَنَّ رَسْمَ ذِي رُوحٍ لَا يَجُوزُ، وَلَكِنْ هَلْ يَجُوزُ أَنْ أَرْسُمَ صُورَةَ إِنْسَانٍ مِنْ خَلْفِهِ؟
 السؤال :
 2023-12-29
 205
مَا حُكْمُ الشَّرْعِ في إِقَامَةِ المَرْأَةِ المُسْلِمَةِ في البِلَادِ الغَرْبِيَّةِ؟
 السؤال :
 2023-03-25
 658
مَا الحُكْمُ الشَّرْعِيُّ في تَعْلِيقِ الخَرَزَةِ الزَّرْقَاءِ، المَرْسُومِ عَلَيْهَا عَيْنٌ، مِنْ أَجْلِ الوِقَايَةِ مِنْ عَيْنِ الحَاسِدِ؟
 السؤال :
 2023-03-10
 858
مَا الحُكْمُ الشَّرْعِيُّ بِتَبَرُّعِ الأَعْضَاءِ بِدُونِ مُقَابِلٍ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3161
المكتبة الصوتية 4797
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414282607
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :