﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ﴾

8735 - ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ﴾

11-03-2018 3194 مشاهدة
 السؤال :
ما معنى قول الله تعالى: ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8735
 2018-03-11

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَقُولُ بَعْضُ العُلَمَاءِ: أَخْوَفُ آيَةٍ في كِتَابِ اللهِ تعالى، هِيَ قَوْلُهُ تعالى: ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ﴾.

وَيَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ﴾: هَذَا وَعِيدٌ مِنَ اللهِ لِعِبَادِهِ، وَلَيْسَ بِاللهِ شُغُلٌ.

وَقَالَ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ: أَيْ سَنَقْصِدُ لِعُقُوبَتِكُمْ، وَنُحْكِمُ جَزَاءَكُمْ.

وروى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا في الرّقَّةِ وَالبُكَاءِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ ذَكْوَانَ قَالَ: كَانَ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ إِنْ دَخَلَ بَيْتَهُ بَكَى، وَإِنْ شَهِدَ جِنَازَةً بَكَى، وَإِنْ جَلَسَ إِلَيْهِ إِخْوَانُهُ بَكَى وَأَبْكَاهُمْ.

فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ يَوْمَاً: يَا أَبَهْ كَمْ تَبْكِي؟ وَاللهِ لَوْ كَانَتِ النَّارُ خُلِقَتْ لَكَ مَا زِدْتَ عَلَى هَذَا الْبُكَاءِ.

فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا بُنَيَّ، وَهَلْ خُلِقَتِ النَّارُ إِلَّا لِي، وَلِأَصْحَابِي، وَلِإِخْوَانِنَا مِنَ الْجِنِّ، أَمَا تَقْرَأُ يَا بُنَيَّ: ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ﴾؟ أَمَا تَقْرَأُ يَا بُنَيَّ: ﴿يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٍ فَلَا تَنْتَصِرَانِ﴾؟ فَجَعَلَ يَقْرَأُ عَلَيْهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى: ﴿يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ﴾.

قَالَ: فَجَعَلَ يَجُولُ فِي الدَّارِ وَيَصْرُخُ وَيَبْكِي، حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ.

فَقَالَتْ لِلْفَتَى أُمُّهُ: يَا بُنَيَّ، مَا أَرَدْتَ إِلَى هَذَا مِنْ أَبِيكَ؟

فَقَالَ: وَاللهِ إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أُهَوِّنَ عَلَيْهِ، لَمْ أُرِدْ أَنْ أَزِيدَهُ حَتَّى يَقْتُلَ نَفْسَهُ.

وبناء على ذلك:

فَاللهُ تعالى يَتَوَعَّدُ عَالَمَ الإِنْسِ وَالجِنِّ بِقَوْلِهِ: ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ﴾. مَعَ أَنَّهُ تَبَارَكَ وتعالى لَيْسَ مَشْغُولَاً بِأَمْرٍ حَتَّى يَفْرَغَ لَهُمْ، لِأَنَّ أَمْرَهُ بِكَلِمَةِ كُنْ.

وَالحَقِيقَةُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ لَا يَشْغَلُهُ سَمْعٌ عَنْ سَمْعٍ، وَلَا تُغْلِطُهُ المَسَائِلُ، وَلَا يَتَبَرَّمُ بِإِلْحَاحِ المُلِحِّينَ.

فَهَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ المَقْصُودُ بِهَا الوَعِيدُ، كَمَا يَقُولُ القَائِلُ لِمَنْ يَتَوَعَّدُهُ: سَأَتَفَرَّغُ لَكَ.

وَلَيْسَ المَعْنَى أَنَّ اللهَ تعالى يَشْغَلُهُ شَأْنٌ عَنْ شَأْنٍ، ثُمَّ يَفْرُغُ مِنْ هَذَا وَيَأْتِي هَذَا، فَاللهُ تعالى يُدِيرُ كُلَّ شَيْءٍ في آنٍ وَاحِدٍ في مَشَارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا، وَفِي السَّمَاوَاتِ، يُدِيرُهُ كُلَّ ذَلِكَ في آنٍ وَاحِدٍ، وَلَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ في الأَرْضِ وَلَا في السَّمَاءِ ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3194 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 256
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1449
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 635
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1693
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1439
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 963
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3162
المكتبة الصوتية 4798
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414467183
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :