لا تكثر اللوم على الولد

8812 - لا تكثر اللوم على الولد

13-04-2018 2039 مشاهدة
 السؤال :
عندي ولد أتعبني كثيراً في سلوكه وأخلاقه، عاتبته كثيراً، ولكن بدون جدوى، فماذا أفعل؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8812
 2018-04-13

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَإِنَّ تَرْبِيَةَ الوَلَدِ مَهَمَّةٌ صَعْبَةٌ وَصَعْبَةٌ جِدَّاً، وَخَاصَّةً في هَذِهِ الآوِنَةِ، حَيْثُ انْفَتَحَ الوَلَدُ عَلَى العَالَمِ أَجْمَعَ مِنْ خِلَالِ التَّوَاصُل عَنْ طَرِيقِ الأَجْهِزَةِ الحَدِيثَةِ، وَمَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ الاجْتِمَاعِيِّ.

لِذَا أَنْصَحُ نَفْسِي وَالسَّائِلَ وَالسَّامِعَ، عَلَيَّ وَعَلَيْكُمْ بِمُتَابَعَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في تَرْبِيَةِ الأَطْفَالِ، سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ يُكْثِرُ العِتَابَ عَلَى تَصَرُّفَاتِ وَأَفْعَالِ الطِّفْلِ.

وَمَا كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَلْجَأُ إلى أُسْلُوبِ التَّوْبِيخِ وَالتَّحْقِيرِ وَالتَّأْنِيبِ.

روى الإمام أحمد عَنِ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَدَمْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ، لَا وَاللهِ مَا سَبَّنِي سَبَّةً قَطُّ، وَلَا قَالَ لِي: أُفٍّ قَطُّ، وَلَا قَالَ لِشَيْءٍ فَعَلْتُهُ: لِمَ فَعَلْتَهُ، وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَفْعَلْهُ: أَلَّا فَعَلْتَهُ.

وروى أَيْضَاً عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ، فَمَا أَمَرَنِي بِأَمْرٍ فَتَوَانَيْتُ عَنْهُ، أَوْ ضَيَّعْتُهُ فَلَامَنِي، فَإِنْ لَامَنِي أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ إِلَّا قَالَ: «دَعُوهُ، فَلَوْ قُدِّرَ ـ أَوْ قَالَ: لَوْ قُضِيَ ـ أَنْ يَكُونَ كَانَ».

هَذَا هُوَ أُسْلُوبُ المُرَبِّي الكَبِيرِ العَظِيمِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حَيْثُ كَانَ يَزْرَعُ في نَفْسِ سَيِّدِنَا أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهُوَ طِفْلٌ دِقَّةَ المُلَاحَظَةِ، وَرُوحَ الحَيَاءِ.

بَلْ كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُوَجِّهُ الآبَاءَ وَالأُمَّهَاتِ إلى الابْتِعَادِ عَنِ اللَّوْمِ وَالعِتَابِ، وَإِظْهَارِ عُيُوبِ الطِّفْلِ بِكَثْرَةٍ.

روى عَبْدُ الرَّزَّاقِ في المُصَنَّفِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَو قَالَ أَبُو بَكْرٍ، أَو قَالَ عُمَرُ: لِرَجُلٍ عَابَ عَلَى ابْنِهِ شَيْئَاً مَنَعَهُ: «ابْنُكَ سَهْمٌ مِنْ كِنَانَتِكَ».

فَمَنْ عَابَ عَلَى وَلَدِهِ عَابَ عَلَى نَفْسِهِ، لِأَنَّهُ هُوَ الذي خَرَّجَ وَرَبَّى هَذَا الوَلَدَ.

وبناء على ذلك:

فَلَا تُكْثِرِ اللَّوْمَ عَلَى وَلَدِكَ في كُلِّ وَقْتٍ، لِأَنَّ كَثْرَةَ المَلَامَةِ تُهَوِّنُ عَلَيْهِ المَلَامَةَ، حَتَّى يَرَاهَا كَأَنَّهَا لَا شَيْءَ، وَهَذَا يَدْفَعُهُ في نِهَايَةِ المَطَافِ إلى ارْتِكَابِ القَبَائِحِ.

عَلَيْكَ بِالنُّصْحِ، وَلَكِنْ قَبْلَ النُّصْحِ قَدِّمِ الثَّنَاءَ وَالمَدْحَ بِمَا تَعْلَمُهُ مِنْ وَلَدِكَ مِنْ صِفَاتٍ حَسَنَةٍ، ثُمَّ انْصَحْ.

هَذَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ نُصْحَ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، مِنْ أَجْلِ القِيَامِ بِاللَّيْلِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ».

قَالَ سَالِمٌ: فَكَانَ عَبْدُ اللهِ بَعْدَ ذَلِكَ، لَا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلَاً. رواه الشيخان. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2039 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2023-12-29
 1486
اتَّصَلَتِ امْرَأَةٌ بِمُدِيرِهَا تُبَارِكُ لَهُ بِمَوْلُودٍ جَاءَهُ، فَرَدَّ عَلَيْهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ يُحِبُّهَا مُنْذُ أَنْ عَرَفَهَا، وَطَلَبَ مِنْهَا أَنْ يَزُورَهَا في زِيَارَةً خَاصَّةً، فَمَاذَا تَفْعَلُ، وَهِيَ امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ وَمُحَافِظَةٌ؟
رقم الفتوى : 12878
 السؤال :
 2023-12-29
 311
لَقَدْ دَعَانَا الإِسْلَامُ إلى العَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ المُسِيءِ، أَلَا تَرَى في ذَلِكَ ضَيَاعًا لِكَرَامَةِ الإِنْسَانِ؟
رقم الفتوى : 12876
 السؤال :
 2023-12-11
 698
أَنَا طَالِبُ عِلْمٍ، وَأَدْرُسُ الشَّرِيعَةَ، وَلَكِنَّ نَظْرَةَ المُجْتَمَعِ وَالأَقَارِبِ نَظْرَةٌ دُونِيَّةٌ، وَيَقُولُونَ: إِنَّنِي إِنْسَانٌ مُتَخَلِّفٌ، وَيُسْمِعُونِي كَلَامًا جَارِحًا، وَوَالِدِي مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، يَرَى الأَخْطَاءَ، فَأَقُولُ لَهُ: قَدِّمِ النُّصْحَ لَهُمْ، فَيَقُولُ: لَا شَأْنَ لَنَا مَعَ أَحَدٍ، فَبِمَ تَنْصَحُنِي؟
رقم الفتوى : 12849
 السؤال :
 2023-07-13
 2999
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ مُعَلِمَ الصِّبْيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟
رقم الفتوى : 12644
 السؤال :
 2023-07-13
 1344
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ المَحْرُومَ مِنَ الوَلَدِ إِذَا لَازَمَ الاسْتِغْفَارَ يُكْرِمُهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِذُرِّيَّةٍ صَالِحَةٍ؟
رقم الفتوى : 12642
 السؤال :
 2023-03-25
 7746
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ، ارْتَكَبَتْ جَرِيمَةَ الزِّنَا، وَتُرِيدُ أَنْ تَتُوبَ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ الطَّلَاقَ مِنْ زَوْجِهَا، وَتَتَزَوَّجَ مِنَ الزَّانِي بِهَا، لَعَلَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُ تَوْبَتَهَا؟
رقم الفتوى : 12474

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3165
المكتبة الصوتية 4802
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414912686
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :