الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ رَوَى أبو داود عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَأْكُلُ الْبِطِّيخَ بِالرُّطَبِ فَيَقُولُ: نَكْسِرُ حَرَّ هَذَا بِبَرْدِ هَذَا، وَبَرْدَ هَذَا بِحَرِّ هَذَا».
وَأَمَّا هَذِهِ الأَحَادِيثُ التي تَذْكُرُ فَوَائِدَ البِطِّيخِ، فَلَا صِحَّةَ لَهَا، وَلَا أَصْلَ لَهَا في كُتُبِ السُّنَّةِ، وَقَدْ تَكُونُ هَذِهِ الفَوَائِدُ وَضَعَهَا زَارِعُ البِطِيخِ لِفَائِدَتِهِ، أَو التَّاجِرُ المُرَوِجُ لِسِلْعَتِهِ، وَلَا يَخْشَى مِنَ ادِّعَائِهِ أَنَّ مَاءَهَا مِنَ الكَوْثَرِ، وَلَحْمَهَا مِنَ الفِرْدَوْسِ، وَلَذَّتَهَا مِنَ الجَنَّةِ، وَأَكْلَهَا مِنَ العِبَادَةِ، فَهُوَ يُشَرِّعُ عِبَادَةً لَمْ تُشَرَّعْ، وَيَتَحَدَّثُ عَنْ أُمُورٍ غَيْبِيَّةٍ تَوْقِيفِيَّةٍ لَا يَحِقُّ لِأَحَدٍ الحَدِيثُ فِيهَا بِغَيْرِ الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ لَهَا.
وَقَدْ تَكُونُ للبِطِّيخِ بَعْضُ الفَوَائِدِ التي ذُكِرَتْ إِلَّا مَا كَانَ مِنَ الإِخْبَارِ عَنْ أُمُورٍ غَيْبِيَّةٍ تَوْقِيفِيَّةٍ لَا يَجُوزُ ذِكْرُهَا إِلَّا بِالدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ؛ وَاللهُ أَعْلَمُ.
وبناء على ذلك:
فَالأَحَادِيثُ لَا صِحَّةَ لَهَا وَلَا أَصْلَ، وَلَا تَجُوزُ رِوَايَتُهَا إِلَّا لِبَيَانِ وَضْعِهَا. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |