والده لا يوافق على زواجه

9416 - والده لا يوافق على زواجه

24-01-2019 582 مشاهدة
 السؤال :
شاب جامعي، يعمل بمحل للأجهزة الخليوية، أحب فتاة متحجبة كانت من زبائنه، وأراد الزواج منها، ووافق والدها على ذلك، أما والده فرفض الأمر كلياً، وذهب مع والدته وخطبها، والوالد يرفض أشد الرفض. والسؤال: هل يقدم على عقد زواجه منها بدون رضا والده، أم ماذا يفعل، وقد مضى على هذه القضية عامان؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9416
 2019-01-24

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: يَقُولُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ العَظِيمِ: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرَاً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتَاً * وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرَاً عَظِيمَاً * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطَاً مُسْتَقِيمَاً﴾.

أَلَمْ يَقُلْ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾؟

لَقَدْ أَمَرَنَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِغَضِّ البَصَرِ حَتَّى لَا يَتَعَلَّقَ القَلْبُ بِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ، لِأَنَّهُ إِذَا تَعَلَّقَ القَلْبُ انْقَادَتْ جَمِيعُ الجَوَارِحِ إِلَيْهِ، وَقَدْ تَقَعُ الجَوَارِحُ في الكَبَائِرِ مِنْ حَيْثُ يَدْرِي العَبْدُ، وَمِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي، وَإِذَا انْطَمَسَ نُورُ القَلْبِ لَا قَدَّرَ اللهُ تعالى، صَارَ صَاحِبُهُ يَرَى الحَقَّ بَاطِلَاً وَالبَاطِلَ حَقَّاً، وَيَجْتَرِئُ عَلَى ارْتِكَابِ الكَبَائِرِ، وَالتي مِنْ جُمْلَتِهَا عُقُوقُ الوَالِدَيْنِ.

أَلَمْ يَقُلْ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَلِيُّ، لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لَكَ الأُولَى، وَلَيْسَتْ لَكَ الآخِرَةُ»؟ رواه الحاكم وأبو داود والترمذي والإمام أحمد عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ.

أَلَمْ يَقُلْ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَنْظُرُ إِلَى مَحَاسِنِ امْرَأَةٍ أَوَّلَ مَرَّةٍ، ثُمَّ يَغُضُّ بَصَرَهُ إِلَّا أَحْدَثَ اللهُ لَهُ عِبَادَةً يَجِدُ حَلَاوَتَهَا»؟ رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

أَلَمْ يَقُلْ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ النَّظْرَةَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسَ مَسْمُومٌ، مَنْ تَرَكَهَا مَخَافَتِي أَبْدَلْتُهُ إِيمَانَاً يَجِدُ حَلَاوَتَهُ فِي قَلْبِهِ»؟ رواه الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

أَلَمْ يَقُلْ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾؟

أَلَمْ يَقُلْ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾؟

ثانياً: إِنَّ زَوَاجَكَ مِنْ هَذِهِ الفَتَاةِ لَيْسَ فَرْضَاً وَلَا وَاجِبَاً عَلَيْكَ، بَلْ هُوَ أَمْرٌ مُبَاحٌ، وَأَمَّا طَاعَتُكَ لِوَالِدِكَ فَفَرْضٌ عَلَيْكَ في غَيْرِ مَعْصِيَةٍ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَلَا تَتْرُكِ الفَرْضَ لِأَمْرٍ مُبَاحٍ.

لِأَنَّكَ إِنْ تَزَوَّجْتَ بِغَيْرِ رِضَا الوَالِدِ، فَإِنَّ ضَمِيرَكَ يُعَذِّبُكَ، وَخَاصَّةً إِذَا غَضِبَ الوَالِدُ عَلَيْكَ ـ لَا قَدَّرَ اللهُ تعالى ـ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَأَقُولُ لَكَ: سَامَحَكَ اللهُ تعالى عَلَى مَا اقْتَرَفَتْ يَدَاكَ، لَقَدْ أَتْعَبْتَ قَلْبَكَ، وَأَتْعَبْتَ الفَتَاةَ، وَأَتْعَبْتَ أَهْلَكَ؛ وَرَحِمَ اللهُ تعالى مَنْ قَالَ:

كُـلُّ الحَـوَادِثِ مَـبْـدَاهَا مِنَ النَّظَرِ    ***   وَمُعْظَمُ النَّارِ مِنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ

كَمْ نَظْرَةٍ فَتَكَتْ في قَلْبِ صَـاحِبِهَا    ***   فَتْكَ السِّهَامِ بِلَا قَـوْسٍ وَلَا وَتَــرٍ

وَالمَرْءُ مَا دَامَ ذَا عَـيْــنٍ يُـقَـلِّـبُـهَـا    ***   في أَعْيُنِ الغِيدِ مَوْقُوفٌ عَلَى الخَطَرِ

يَسُرُّ مُقْلَتَهُ مَا ضَـرَّ مُـهْـجَـتَــــــهُ   ***   لَا مَـرْحَـبَـاً بِـسُرُورٍ جَاءَ بِالضَّرَرِ

وَعَلَى كُلِّ حَالٍ: حَاوِلْ أَنْ تُقْنِعَ وَالِدَكَ إِنْ كَانَتِ الفَتَاةُ صَاحِبَةَ دِينٍ وَخُلُقٍ، فَإِنْ لَمْ تُفْلِحْ، فَوَجِّهْ إِلَيْهِ مَنْ يَقْبَلُ مِنْهُ النُّصْحَ، فَإِذَا تَعَذَّرَ الأَمْرُ عَلَيْكَ، أَقُولُ لَكَ: عَلَيْكَ بِبِرِّ وَالِدِكَ، وَمَنْ تَرَكَ شَيْئَاً للهِ عَوَّضَهُ اللهُ خَيْرَاً مِنْهُ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَلَا تَعْجَزْ.

وَفِي الخِتَامِ أَقُولُ: زَوِّجُوا مَنْ لَا زَوْجَ لَهُ مِنْ أَبْنَائِكُمْ وَبَنَاتِكُمْ، ارْحَمُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يُعَذَّبُوا، ثُمَّ تَتْعَبُوا مَعَهُمْ.

أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ  يُصْلِحَ الأَبْنَاءَ وَالآبَاءَ، وَأَنْ يُعِينَنَا جَمِيعَاً عَلَى غَضِّ الـبَصَرِ وَحِفْظِ الفَرْجِ وَاللِّسَانِ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
582 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مشكلات الشباب

 السؤال :
 2023-12-29
 104
هَلْ مِنْ حَرَجٍ في حَدِيثِ الشَّبَابِ مَعَ الشَّابَّاتِ عَلَى أَجْهِزَةِ التَّوَاصُلِ الاجْتِمَاعِيِّ كِتَابَةً فَقَطْ، دُونَ صَوْتٍ وَصُورَةٍ؟
رقم الفتوى : 12881
 السؤال :
 2023-07-13
 461
أَنَا شَابٌّ في العِشْرِينَاتِ مِنْ عُمُرِي، أَعْمَلُ في مُؤَسَّسَةٍ، تَعَرَّفْتُ عَلَى فَتَاةٍ مُتَزَوِّجَةٍ، حَتَّى أَصْبَحْنَا لَا نَسْتَطِيعُ فِرَاقَ بَعْضِنَا، وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ عَامٌ كَامِلٌ، وَأَكَادُ أَنْ أَفْقِدَ عَقْلِي مِنْ هَذِهِ الجَرِيمَةِ التي وَقَعْتُ فِيهَا، فَمَاذَا أَصْنَعُ؟
رقم الفتوى : 12643
 السؤال :
 2023-02-02
 666
أَنَا شَابٌّ أَعْمَلُ في الجَامِعَةِ، وَأَكْرَمَنِي اللهُ تعالى بِحُسْنِ الهَيْئَةِ، وَعَمَلِي فِيهِ اخْتِلَاطٌ مَعَ النِّسَاءِ، وَأَخْشَى مِنَ العَلَاقَاتِ غَيْرِ الشَّرْعِيَّةِ، فَمَا الحِيلَةُ؟
رقم الفتوى : 12377
 السؤال :
 2022-08-22
 476
أَنَا شَابٌّ ابْتُلِيتُ بِالعَادَةِ السِّرِّيَّةِ، وَأُرِيدُ أَنْ أَتَخَلَّصَ مِنْهَا، وَأَتُوبَ إلى اللهِ تعالى، لِأَنَّهَا أَصْبَحَتْ وَبَالًا عَلَيَّ، فَمَاذَا أَفْعَلُ؟
رقم الفتوى : 12136
 السؤال :
 2021-08-29
 1590
فَتَاةٌ تَعَرَّفَ عَلَيْهَا شَابٌّ وَتَعَلَّقَ بِهَا تَعَلُّقًا شَدِيدًا، وَشَعَرَتِ الفَتَاةُ بِالخَطَأِ الفَاحِشِ التي ارَتَكَبَتْهُ مِنْ خِلَالِ صِلَتِهَا بِهِ، فَقَطَعَتِ الصِّلَةَ مَعَهُ، فَهَدَّدَهَا إِنْ لَمْ تَرْجِعْ إِلَيْهِ فَسَوْفَ يَنْتَحِرُ، لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ العَيْشَ بِدُونِهَا، فَمَاذَا تَفْعَلُ؟
رقم الفتوى : 11451
 السؤال :
 2021-08-12
 843
لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْكُمْ مِنْ أَسْبَابِ الخُشُوعِ في الصَّلَاةِ غَضُّ البَصَرِ، كَيْفَ أَفْعَلُ في زَمَنٍ كَثُرَتْ فِيهِ الكَاسِيَاتُ العَارِيَاتُ في الشَّوَارِعِ؟
رقم الفتوى : 11412

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412853780
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :