الرؤيا الصالحة جزء من أجزاء النبوة

10833 - الرؤيا الصالحة جزء من أجزاء النبوة

25-12-2020 1119 مشاهدة
 السؤال :
مَا تَفْسِيرُ حَدِيثِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «رُؤْيَا المُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ»؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10833
 2020-12-25

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

 فَالحَدِيثُ الشَّرِيفُ رواه الإمام البخاريُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ».

قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ» تَقْيِيدٌ بِالرَّجُلِ الصَّالِحِ، فَرُؤْيَا الصَّالِحِ هِيَ التي تُنْسَبُ إلى أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ، وَمَعْنَى صَلَاحِهَا انْتِظَامُهَا وَاسْتِقَامَتُهَا؛ فَرُؤْيَا الفَاسِقِ لَا تُعَدُّ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ، وَأَمَّا رُؤْيَا الكَافِرِ فَلَا تُعَدُّ أَصْلًا؛ وَلَو صَدَقَتْ رُؤْيَاهُمْ كَمَا يَصْدُقُ الكَذُوبُ.

وَهَذَا القَيْدُ جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام البخاري رَحِمَهُ اللهُ تعالى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الرُّؤْيَا الحَسَنَةُ، مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ، جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ». هَذَا أولًا.

ثانيًا: يَقُولُ الإِمَامُ الغَزَالِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: لَا تَظُنَّ أَنَّ تَقْدِيرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ كَيْفَمَا اتَّفَقَ، بَلْ لَا يَنْطِقُ إِلَّا بِحَقِيقَةِ الحَقِّ، فَقَوْلُهُ: «رُؤْيَا المُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ» تَقْدِيرٌ تَحَقَّقَ، لَكِنْ لَيْسَ في قُوَّةِ غَيْرِهِ أَنْ يَعْرِفَ عِلَّةَ تِلْكَ النِّسْبَةِ إِلَّا بِتَخْمِينٍ، لِأَنَّ النُّبُوَّةَ عِبَارَةٌ عَمَّا يَخْتَصُّ بِهِ النَّبِيُّ وَيُفَارِقُ بِهِ غَيْرَهُ، وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الخَوَاصِّ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يُمْكِنُ انْقِسَامُهُ إلى أَقْسَامٍ، بِحَيْثُ يُمْكِنُنَا أَنْ نُقَسِّمَهَا إلى سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا، بِحَيْثُ تَقَعُ الرُّؤْيَا الصَّحِيحَةُ جُزْءًا مِنْ جُمْلَتِهَا، لَكِنَّهُ لَا يَرْجِعُ إِلَّا إلى الظَّنِّ وَالتَّخْمِينِ، لَا إِنَّهُ الذي أَرَادَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَقِيقَةً.

وَيَقُولُ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ العَرَبِيُّ: إِنَّ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ الصَّالِحِ هِيَ الَّتِي تُنْسَبُ إِلَى أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ، لِصَلَاحِهَا وَاسْتِقَامَتِهَا، بِخِلَافِ رُؤْيَا الْفَاسِقِ، فَإِنَّهَا لَا تُعَدُّ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ، وَقِيلَ: تُعَدُّ مِنْ أَقْصَى الأَجْزَاءِ؛ وَأَمَّا رُؤْيَا الْكَافِرِ فَلَا تُعَدُّ أَصْلًا.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ مُبَشِّرُ خَيْرٍ لَهُ بِإِذْنِ اللهِ تعالى، وَأَمَّا المَقْصُودُ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ». اللهُ تعالى أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ.

أَمَّا رُؤْيَا الفَاسِقِ فَلَا تُعَدُّ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ؛ وَأَمَّا رُؤْيَا الكَافِرِ فَلَا تُعَدُّ أَصْلًا، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ حَدَّثَ عَنْ غَيْبٍ يَكُونُ خَبَرُهُ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ كَالكَاهِنِ وَالمُنَجِّمِ.

وَقَدْ وَقَعَتِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ مِنْ بَعْضِ الكُفَّارِ، كَمَا في رُؤْيَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ مَعَ سَيِّدِنَا يُوسُفَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَرُؤْيَا مَلِكِهِمَا. هذا، والله تعالى أعلم.

1119 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  فتاوى متعلقة بالحديث الشريف

 السؤال :
 2025-02-27
 162
جَاءَ فِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَفَعَهُ: «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلاَ مَرَضٍ، لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ». مَاذَا يُفِيدُ هَذَا الحَدِيثُ الشَّرِيفُ؟
 السؤال :
 2025-02-27
 191
رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قُومُوا نَسْتَغِيثُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَا يُسْتَغَاثُ بِي، إِنَّمَا يُسْتَغَاثُ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ». أَلَيْسَ فِي هَذَا الحَدِيثِ دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ الاسْتِغَاثَةِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
 السؤال :
 2025-02-22
 190
رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَجُلَانِ فَكَلَّمَاهُ بِشَيْءٍ، لَا أَدْرِي مَا هُوَ فَأَغْضَبَاهُ، فَلَعَنَهُمَا، وَسَبَّهُمَا، فَلَمَّا خَرَجَا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ أَصَابَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا، مَا أَصَابَهُ هَذَانِ، قَالَ: «وَمَا ذَاكِ» قَالَتْ: قُلْتُ: لَعَنْتَهُمَا وَسَبَبْتَهُمَا، قَالَ: «أَوَ مَا عَلِمْتِ مَا شَارَطْتُ عَلَيْهِ رَبِّي؟ قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ لَعَنْتُهُ، أَوْ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا». وَرَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا، وَلَا لَعَّانًا، وَلَا سَبَّابًا، كَانَ يَقُولُ عِنْدَ المَعْتَبَةِ: «مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُهُ». فَكَيْفَ نُوَفِّقُ بَيْنَ هَذَيْنِ الحَدِيثَيْنِ؟
 السؤال :
 2025-02-22
 283
مَا شَرْحُ الحَدِيثِ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ»؟
 السؤال :
 2024-08-08
 992
مَا مَعْنَى الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا»؟
 السؤال :
 2023-11-23
 38
مَا صِحَّةُ حَدِيثِ: (أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا اثْنَانِ: امْرَأَةٌ عَصَتْ زَوْجَهَا، وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ)؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5679
المقالات 3209
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 422661592
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :