الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى ضمان ما تفسده الماشية من الزرع والشجر إذا وقعت في الليل، وكانت وحدها إذا لم تكن يد لأحد عليها.
وأما إذا وقعت في النهار، ولم تكن يد لأحد عليها، فلا ضمان فيه، للحديث الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود عَنْ حَرَامِ بْنِ مُحَيِّصَةَ عَنْ أَبِيهِ (أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ دَخَلَتْ حَائِطَ رَجُلٍ فَأَفْسَدَتْهُ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عَلَى أَهْلِ الأَمْوَالِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ، وَعَلَى أَهْلِ المَوَاشِي حِفْظَهَا بِاللَّيْلِ).
ويقول ابن قدامة: العَادَةَ مِنْ أَهْلِ المَوَاشِي إِرْسَالُهَا فِي النَّهَارِ لِلرَّعْيِ وَحِفْظُهَا لَيْلاً، وَعَادَةُ أَهْلِ الحَوَائِطِ (البَسَاتِينِ) وَالزُّرُوعِ حِفْظُهَا نَهَارًا دُونَ اللَّيْلِ، فَإِذَا ذَهَبَتْ لَيْلاً كَانَ التَّفْرِيطُ مِنْ أَهْلِهَا بِتَرْكِهِمْ حِفْظَهَا فِي وَقْتِ عَادَةِ الحِفْظِ.
وإن أتلفت نهاراً، كان التفريط من أهل الزرع، فكان عليهم.
والقاعدة الفقهية تقول: المباشر ضامن وإن لم يتعدَّ، والمتسبِّب لا يضمن إلا بالتعدِّي.
وبناء على ذلك:
فإذا كان الراعي خرج بأغنامه إلى المرعى العام، أو مرعاه الخاص في النهار لا يكون ضامناً إلا بالتعدِّي أو التقصير، والذي أراه أنه بنومه كان مقصِّراً في حفظ أغنامه عندما وقعت في الأرض المزروعة، وعليه ضمان ما أفسدته ماشيته. هذا، والله تعالى أعلم.
