الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فمن شروط الصلاة الطهارة عن الحدَثَين، ويتفرَّع عنها طهارة الثوب والبدن والمكان، وذكر فقهاء الحنفية: أن المصلي إذا حمل صبياً صغيراً عليه نجاسة، إن لم يستمسك بنفسه بطلت صلاته، لأنه يعدُّ حاملاً للنجاسة.
أما إذا كان الصبي يستمسك بنفسه، وليس عليه نجاسة ظاهرة، فإن صلاة المصلي صحيحة، لأنه لا يعدُّ حاملاً للنجاسة.
وقال الشافعية: لا يضرُّ حملُ الصبيِّ الذي لا تظهر عليه نجاسة، فلو حمل صبياً يستمسك بنفسه وصلى فصلاته صحيحة؛ لما روى الإمام أحمد وأبو داود عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: (بَيْنَا نَحْنُ فِي المَسْجِدِ جُلُوسٌ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَحْمِلُ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي العَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ ـ وَأُمُّهَا زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ وَهِيَ صَبِيَّةٌ، يَحْمِلُهَا عَلَى عَاتِقِهِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ عَلَى عَاتِقِهِ، يَضَعُهَا إِذَا رَكَعَ، وَيُعِيدُهَا إِذَا قَامَ، حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِهَا).
وبناء على ذلك:
فإذا علا الصبيُّ ظهرَ المصلي، وكان الصبيُّ يستمسك بنفسه، ولم يظهر عليه أثر النجاسة، فصلاته صحيحة، وأما إذا كانت النجاسة ظاهرة فصلاته باطلة. هذا، والله تعالى أعلم.
