الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَدُعَاءُ الاسْتِفْتَاحِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، لِمَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَالَ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ».
وَخَالَفَ في ذَلِكَ السَّادَةُ المَالِكِيَّةُ، فَلَمْ يَعْتَبِرُوا دُعَاءَ الاسْتِفْتَاحِ سُنَّةً، لِمَا رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلَاةَ بِـ ﴿الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ﴾.
يَقُولُ الإِمَامُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: وَمَنْ كَانَ وَرَاءَ الْإِمَامِ وَمَنْ هُوَ وَحْدَهُ وَمَنْ كَانَ إمَامًا فَلَا يَقُلْ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلَا إلَهَ غَيْرُكَ، وَلَكِنْ يُكَبِّرُونَ ثُمَّ يُبْتَدَؤُونَ بِالْقِرَاءَةِ.
وَقَدْ صَرَّحَ فُقَهَاءُ المَالِكِيَّةِ بِأَنَّ الحُكْمَ كَرَاهَةُ الفَصْلِ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالقِرَاءَةِ بِدُعَاءٍ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَالاسْتِفْتَاحُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ في صَلَاةِ الفَرْضِ وَالوَاجِبِ وَالسُّنَّةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، عَدَا السَّادَةِ المَالِكِيَّةِ، وَلَكِنَّ الإِمَامَ مَالِكًا رَحِمَهُ اللهُ تعالى قَالَ: يُنْدَبُ الاسْتِفْتَاحُ قَبْلَ تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ. هذا، والله تعالى أعلم.