الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَأَقُولُ لَكَ يَا أَخِي الكَرِيمَ: اسْمَعْ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَمِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو، فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ».
وَقَالَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: «وَأَنَّكَ إِنْ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي، تَكِلْنِي إِلَى ضَعْفٍ وَعَوْرَةٍ وَذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ، وَإِنِّي لَا أَثِقُ إِلَّا بِرَحْمَتِكَ» رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإِيمَانِ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، إِنِّي أَعْهَدُ إِلَيْكَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، فَإِنَّكَ إِنْ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي، تُقَرِّبْنِي مِنَ الشَّرِّ، وَتُبَاعِدْنِي مِنَ الْخَيْرِ، وَإِنِّي لَا أَثِقُ إِلَّا بِرَحْمَتِكَ، فَاجْعَلْ لِي عِنْدَكَ عَهْدًا، تُوَفِّينِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ.
ثِقْ تَمَامًا يَا أَخِي بِأَنَّ الخَيْرَ كُلَّ الخَيْرِ فِيمَا اخْتَارَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَكَ، وَاسْتَقْبِلْ هَذَا القَدَرَ بِالرِّضَا، لِأَنَّ اللهَ تعالى يَقُولُ: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.
رُبَّمَا يَا أَخِي أَنْ يَكُونَ الَّذِي كَانَ فِي ذِهْنِكَ مِنْ مُوَاصَفَاتٍ سَبَبًا فِي فِتْنَتِكَ فِي دِينِكَ، وَتَذَكَّرْ قَوْلَ بَعْضِ الصَّالِحِينَ: تَدْبِيرِي تَدْمِيرِي، وَتَدْبِيرُهُ تَعْمِيرِي، وَاتْرُكْ مُرَادَكَ لِمُرَادِ اللهِ تعالى.
وَأُذَكِّرُكَ يَا أَخِي بِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾.
لَا تَدْرِي مَا خَبَّأَ اللهُ لَكَ فِي الغَيْبِ، وَتَذَكَّرْ حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «سَوْدَاءُ وَلُودٌ خَيْرٌ مِنْ حَسْنَاءَ لَا تَلِدُ، إِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيرِ.
فَالحَمْدُ للهِ الَّذِي رَزَقَكَ امْرَأَةً وَلُودًا، وَتَذَكَّرِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ لَكَ: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ. أَيْ: لَا يَبْغَضْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً.
بِاللهِ عَلَيْكَ يَا أَخي أَلَا تَرَى هَذِهِ الزَّوْجَةَ عَفِيفَةً طَاهِرَةَ الذَّيْلِ، تَحْفَظُكَ فِي نَفْسِهَا وَمَالِكَ، وَاللهِ هَذَا يَكْفِيكَ، وَعَلَيْكَ بِغَضِّ البَصَرِ.
وَأَخِيرًا: لَا أَنْصَحُكَ بِالزَّوَاج مِنِ امْرَأَةٍ ثَانِيَةٍ، وَذَلِكَ حِفَاظًا عَلَى أُسْرَتِكَ، وَعَلَى رَاحَتِكَ أَنْتَ بِالذَّاتِ.
أَكْثِرْ يَا أَخِي مِنَ الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ إِلَى اللهِ تعالى مَعَ غَضِّ البَصَرِ، وَعَدَمِ الحَدِيثِ عَنِ النِّسَاءِ فِي مَجَالِسِكَ مَعَ أَصْحَابِكَ.
أَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكَ الاسْتِقْرَارَ، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا بِكَثْرَةِ ذِكْرِ اللهِ تعالى، قَالَ تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾.
اللَّهُمَّ أَكْرِمْنَا بِذَلِكَ. هذا، والله تعالى أعلم.