هل يجوز أن يقدم نفسه لقتله فداء لغيره؟

5163 - هل يجوز أن يقدم نفسه لقتله فداء لغيره؟

12-05-2012 46211 مشاهدة
 السؤال :
هل يجوز للإنسان المؤمن أن يقدِّم نفسه فداءً لرجلٍ مسلمٍ إذا رأى أحداً من المسلمين يريد قتل هذا الرجل؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5163
 2012-05-12

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: الدِّفاعُ عن النَّفسِ بالقتالِ واجبٌ شرعيٌّ إذا كان المعتدي كافراً، لقوله تعالى: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}. ولقوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ}.

أما إذا كان المعتدي مسلماً مَحقونَ الدَّمِ فالدِّفاعُ عن النَّفسِ ليسَ واجباً، بل هوَ مندوبٌ، بشرطِ أن لا يترتَّبَ على هذا الاستسلامِ مفاسدُ أخرى، خاصَّةً بالحريمِ والأطفالِ، وإلا صارَ واجباً.

يقول الله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ المُتَّقِين * لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ العَالَمِين * إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِين * فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الخَاسِرِين}.

وجاء في سنن أبي داود عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، القَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ القَائِمِ، وَالمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، فَكَسِّرُوا قِسِيَّكُمْ، وَقَطِّعُوا أَوْتَارَكُمْ، وَاضْرِبُوا سُيُوفَكُمْ بِالحِجَارَةِ، فَإِنْ دُخِلَ ـ يَعْنِي عَلَى أَحَدٍ مِنْكُمْ ـ فَلْيَكُنْ كَخَيْرِ ابْنَيْ آدَمَ).

ثانياً: عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: (انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِماً أَوْ مَظْلُوماً، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُوماً، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِماً؟ قَالَ: تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ) رواه الإمام البخاري. ويقول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ) رواه الإمام مسلم عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ. ويقول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى البرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}.

وبناء على ذلك:

 فيجبُ الدِّفاعُ عن الغيرِ ـ إذا كان المعتدي مسلماً ـ بكلِّ ما أوتيَ من قوَّةٍ، بشرطِ أن يأمنَ المدافعُ على نفسِهِ من الهلاكِ، لأنَّ الدِّفاعَ عن الغيرِ من بابِ رفعِ المنكرِ، ولولا التَّعاونُ لذهبت أموالُ الناسِ وأنفُسُهم.

نعم، يحبُ على كلِّ مسلمٍ أن ينصُرَ أخاهُ إذا رآهُ مظلوماً وأن يُدافعَ عنه، فإن قُتِلَ وهوَ يُدافعُ عن أخيهِ فهوَ شهيدٌ إن شاءَ الله تعالى، أما أن يقدِّمَ نفسَهُ للقتلِ فداءً لغيرِهِ فهذا لا يجوز. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
46211 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل متفرقة في الحظر والإباحة

 السؤال :
 2023-12-29
 90
زَوْجَتِي صَاحِبَةُ دِينٍ وَخُلُقٍ، إِلَّا أَنَّهَا عِنْدَمَا تَتَحَدَّثُ مَعَ زُمَلَائِهَا في العَمَلِ تُمَازِحُهُمْ، وَتَضْحَكُ إِلَيْهِمْ، وَقَدْ قَدَّمْتُ لَهَا النُّصْحَ، وَلَكِنْ بِدُونِ جَدْوَى، فَمَاذَا أَفْعَلُ؟
 السؤال :
 2023-12-29
 609
بِسَبَبِ الظُّرُوفِ القَاهِرَةِ في بَلَدِنَا، اضْطُرِرْنَا للسَّفَرِ خَارِجَ القُطْرِ مَعَ زَوْجِي وَأَخِيهِ وَزَوْجَتِهِ، فَمَا الحُكْمُ الشَّرْعِيُّ في السَّكَنِ سَوِيَّةً في مَنْزِلٍ وَاحِدٍ؟
 السؤال :
 2023-12-29
 306
أَنَا أَهْوَى الرَّسْمَ، وَأَعْلَمُ أَنَّ رَسْمَ ذِي رُوحٍ لَا يَجُوزُ، وَلَكِنْ هَلْ يَجُوزُ أَنْ أَرْسُمَ صُورَةَ إِنْسَانٍ مِنْ خَلْفِهِ؟
 السؤال :
 2023-12-29
 170
مَا حُكْمُ الشَّرْعِ في إِقَامَةِ المَرْأَةِ المُسْلِمَةِ في البِلَادِ الغَرْبِيَّةِ؟
 السؤال :
 2023-03-25
 625
مَا الحُكْمُ الشَّرْعِيُّ في تَعْلِيقِ الخَرَزَةِ الزَّرْقَاءِ، المَرْسُومِ عَلَيْهَا عَيْنٌ، مِنْ أَجْلِ الوِقَايَةِ مِنْ عَيْنِ الحَاسِدِ؟
 السؤال :
 2023-03-10
 842
مَا الحُكْمُ الشَّرْعِيُّ بِتَبَرُّعِ الأَعْضَاءِ بِدُونِ مُقَابِلٍ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3159
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412602184
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :