كيف يعرف الإنسان ذاته؟

528 - كيف يعرف الإنسان ذاته؟

07-10-2007 30 مشاهدة
 السؤال :
كَيْفَ يَسْتَطِيعُ الإِنْسَانُ أَنْ يَعْرِفَ ذَاتَهُ وَمَا يَدُورُ بِهَا؟ كَيْفَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَضْبِطَهَا؟ وَكَيْفَ يُرْزَقُ الحِكْمَةَ وَيُوصِلُ الكَلِمَةَ لِأَعْمَاقِ المُتَلَقِّي؟ كَيْفَ نَقْرَأُ مَا بِأَنْفُسِنَا وَرُدُودِ أَفْعَالِنَا وَغَايَاتِهَا؟ بِدَاخِلِي صِرَاعٌ شَدِيدٌ بَيْنَ الخَيْرِ وَالشَّرِّ، أُرِيدُ أَنْ أَنْغَمِسَ فِي المَعَاصِي، أُرِيدُ أَنْ أَسْتَسْلِمَ لِكَسَلِ نَفْسِي، وَبِنَفْسِ الوَقْتِ أُرِيدُ أَنْ أَكُونَ عَلَى خَطٍّ مُسْتَقِيمٍ أَنْ أُرْزَقَ الحِكْمَةَ وَأَنْ يَعْلُوَ شَأْنِي، أُرِيدُ أَنْ أَتَعَلَّمَ التَّعَامُلَ مَعَ مَنْ حَوْلِي وَلَكِنْ لَا أَسْتَطِيعُ، وَخَاصَّةً عُمَّالِي. كَيْفَ يَصِلُ الوَاحِدُ مِنَّا لِلثِّقَةِ بِنَفْسِهِ دُونَ أَنْ يَظْلِمَ أَوْ يُظْلَمَ؟ كَيْفَ يَرُدُّ الظُّلْمَ عَنْ نَفْسِهِ؟ رَزَقَنِي رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ، لَا أَسْتَطِيعُ التَّصَرُّفَ بِأَيِّ شَيْءٍ، مَعَ أَنَّ وَالِدِي تُوُفِّيَ وَعُمُرِي سَبْعَةَ عَشَرَ عَامًا، وَأَصْبَحَ عَلَى عَاتِقِي مَسْؤُولِيَّةُ كُلِّ شَيْءٍ، رَغْمَ كُلِّ هَذَا فَإِنِّي ضَعِيفٌ وَأَشْعُرُ بِضَعْفِي مَعَ كُلِّ مَنْ حَوْلِي. أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ مُمَيَّزًا، أُحِبُّ أَنْ أَتَلَفَّظَ بِمَنْطِقٍ يُسْمَعُ وَكَلِمَتِي تَصِلُ لِأَعْمَاقِ مَنْ حَوْلِي. أَكْتُبُ إِلَيْكَ وَأَنَا لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْرَأَ مَا بِنَفْسِي، مَا بِدَاخِلِهَا، ظَاهِرُ أَمْرِي بَسِيطٌ، وَلَكِنِّي مُتْعَبٌ مِنْهُ وَمُنْهَكٌ مِنَ التَّعَبِ، عِنْدَمَا تَحْدُثُ مُشْكِلَةٌ مَعَ أَيِّ شَخْصٍ أَتْعَبُ وَأُفَكِّرُ وَأُحَاوِلُ أَنْ أُسَلِّمَ أَمْرِي لِرَبِّي وَلَكِنْ لَا جَدْوَى؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 528
 2007-10-07

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَإِنَّ خَيْرَ مَا يُعَرِّفُكَ عَلَى ذَاتِكَ هُوَ القُرْآنُ الكَرِيمُ، فَعَلَيْكَ أَنْ تَقْرَأَ القُرْآنَ الكَرِيمَ بِتَدَبُّرٍ، وَخَاصَّةً عِنْدَمَا يُحَدِّثُكَ عَنْ ذَاتِ الإِنْسَانِ، مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا﴾. وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ: ﴿وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ﴾. وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ: ﴿إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي﴾ وَهَكَذَا.

وَضَبْطُ النَّفْسِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِلِجَامِ الشَّرِيعَةِ، فَأَحَلَّ الحَلَالَ وَحَرَّمَ الحَرَامَ، فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِجِوَارِحِكَ الظَّاهِرَةِ وَالبَاطِنَةِ.

وَيُرْزَقُ الإِنْسَانُ الحِكْمَةَ مِنْ خِلَالِ كَثْرَةِ تِلَاوَةِ القُرْآنِ الكَرِيمِ، وَقِرَاءَةِ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ، وَالاطِّلَاعِ عَلَى سِيرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَالتَّأَسِّي بِسِيرَتِهِ العَطِرَةِ، جَعَلَ اللهُ رُوحَنَا فِدَاءً لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَالصِّرَاعُ بَيْنَ النَّفْسِ الأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ وَالوَازِعِ الإِيمَانِيِّ المَوْجُودِ في القَلْبِ لَا يَتَوَقَّفُ، وَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾. فَهَذَا الصِّرَاعُ تَارَةً تَتَغَلَّبُ فِيهِ النَّفْسُ وَتَارَةً يَتَغَلَّبُ فِيهِ الوَازِعُ الإِيمَانِيُّ، وَكُلَّمَا قَوِيَ الإِيمَانُ تَغَلَّبَ الوَازِعُ الإِيمَانِيُّ عَلَى النَّفْسِ الأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ، فَأَكْثِرْ مِنَ الأَسْبَابِ الَّتِي تُقَوِّي إِيمَانَكَ، وَالَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا: تِلَاوَةُ القُرْآنِ، وَالذِّكْرُ، وَمُجَالَسَةُ الصَّالِحِينَ.

وَلَا يَعْلُو شَأْنُ العَبْدِ المُؤْمِنِ إِلَّا بِالتَّحَقُّقِ بِالعُبُودِيَّةِ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَاقْرَأْ في القُرْآنِ الكَرِيمِ صِفَاتِ عِبَادِهِ المُتَّقِيِن، وَصِفَاتِ عِبَادِ الرَّحْمَنِ، وَصِفَاتِ الأَبْرَارِ، وَالمُقَرَّبِينَ، وَأُولِي الأَلْبَابِ، وَتَحَقَّقْ بِصِفَاتِهِمْ يَعْلُو شَأْنُكَ، وَاصْبِرْ عَلَى إِيذَاءِ النَّاسِ يَزِدْكَ اللهُ عِزًّا، كَمَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

تَعَامَلْ مَعَ خَلْقِ اللهِ كُلِّهِمْ وَأَنْتَ تَرَى نَفْسَكَ فِي نَفْسِكَ صَغِيرًا، وَتَحَقَّقْ بِوَصْفِكَ الَّذِي وَصَفَكَ بِهِ رَبُّنَا في القُرْآنِ العَظِيمِ، فَأَنْتَ فِي بِدَايَتِكَ ضَعِيفٌ، وَفِي نِهَايَتِكَ ضَعِيفٌ، فَلَا تَغْتَرَّ بِمَا بَيْنَ المَرْحَلَتَيْنِ مِنْ قُوَّةٍ، فَهِيَ صِفَةٌ عَارِضَةٌ فِيكَ وَلَيْسَتْ أَصِيلَةً.

وَمَنِ الْتَزَمَ شَرْعَ اللهِ تعالى لَا يَظْلِمُ، وَيَتَعَلَّمُ مِنْ شَرْعِ اللهِ الحِلْمَ، فَكُنْ حَلِيمًا حَتَّى تَقْدِرَ، فَإِذَا قَدَرْتَ فَاعْفُ، وَكُنْ عَبْدًا مُتَمَيِّزًا بِالاتِّبَاعِ لِنَبِيِّكَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَانْفِ عَنْ نَفْسِكَ التَّعَبَ بِقُوَّةِ الإِيمَانِ وَكَثْرَةِ العَمَلِ الصَّالِحِ، قَالَ تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾.

أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَتَوَلَّانَا جَمِيعًا. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
30 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مشكلات الشباب

 السؤال :
 2023-12-29
 1164
هَلْ مِنْ حَرَجٍ في حَدِيثِ الشَّبَابِ مَعَ الشَّابَّاتِ عَلَى أَجْهِزَةِ التَّوَاصُلِ الاجْتِمَاعِيِّ كِتَابَةً فَقَطْ، دُونَ صَوْتٍ وَصُورَةٍ؟
رقم الفتوى : 12881
 السؤال :
 2023-07-13
 1045
أَنَا شَابٌّ في العِشْرِينَاتِ مِنْ عُمُرِي، أَعْمَلُ في مُؤَسَّسَةٍ، تَعَرَّفْتُ عَلَى فَتَاةٍ مُتَزَوِّجَةٍ، حَتَّى أَصْبَحْنَا لَا نَسْتَطِيعُ فِرَاقَ بَعْضِنَا، وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ عَامٌ كَامِلٌ، وَأَكَادُ أَنْ أَفْقِدَ عَقْلِي مِنْ هَذِهِ الجَرِيمَةِ التي وَقَعْتُ فِيهَا، فَمَاذَا أَصْنَعُ؟
رقم الفتوى : 12643
 السؤال :
 2023-02-02
 1030
أَنَا شَابٌّ أَعْمَلُ في الجَامِعَةِ، وَأَكْرَمَنِي اللهُ تعالى بِحُسْنِ الهَيْئَةِ، وَعَمَلِي فِيهِ اخْتِلَاطٌ مَعَ النِّسَاءِ، وَأَخْشَى مِنَ العَلَاقَاتِ غَيْرِ الشَّرْعِيَّةِ، فَمَا الحِيلَةُ؟
رقم الفتوى : 12377
 السؤال :
 2022-08-22
 1156
أَنَا شَابٌّ ابْتُلِيتُ بِالعَادَةِ السِّرِّيَّةِ، وَأُرِيدُ أَنْ أَتَخَلَّصَ مِنْهَا، وَأَتُوبَ إلى اللهِ تعالى، لِأَنَّهَا أَصْبَحَتْ وَبَالًا عَلَيَّ، فَمَاذَا أَفْعَلُ؟
رقم الفتوى : 12136
 السؤال :
 2021-08-29
 2076
فَتَاةٌ تَعَرَّفَ عَلَيْهَا شَابٌّ وَتَعَلَّقَ بِهَا تَعَلُّقًا شَدِيدًا، وَشَعَرَتِ الفَتَاةُ بِالخَطَأِ الفَاحِشِ التي ارَتَكَبَتْهُ مِنْ خِلَالِ صِلَتِهَا بِهِ، فَقَطَعَتِ الصِّلَةَ مَعَهُ، فَهَدَّدَهَا إِنْ لَمْ تَرْجِعْ إِلَيْهِ فَسَوْفَ يَنْتَحِرُ، لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ العَيْشَ بِدُونِهَا، فَمَاذَا تَفْعَلُ؟
رقم الفتوى : 11451
 السؤال :
 2021-08-12
 1267
لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْكُمْ مِنْ أَسْبَابِ الخُشُوعِ في الصَّلَاةِ غَضُّ البَصَرِ، كَيْفَ أَفْعَلُ في زَمَنٍ كَثُرَتْ فِيهِ الكَاسِيَاتُ العَارِيَاتُ في الشَّوَارِعِ؟
رقم الفتوى : 11412

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5638
المقالات 3202
المكتبة الصوتية 4873
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 420838468
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :