الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد جاءَ في الموسوعَةِ الفِقهِيَّةِ الكويتِيَّةِ ـ مصطلح: إحياءُ اللَّيلِ ـ الوقتُ الواقِعُ بَينَ المغرِبِ والعِشاءِ من الأوقاتِ الفَاضِلَةِ، ولذلكَ شُرِعَ إحياؤُهُ بالطَّاعاتِ، من صَلاةٍ ـ وهيَ الأفضَلُ ـ أو تِلاوَةِ قُرآنٍ، أو ذِكرٍ لله تعالى من تَسبيحٍ وتَهليلٍ ونَحوِ ذلكَ.
وقد كانَ يُحييهِ عَدَدٌ من الصَّحابَةِ والتَّابِعينَ، وكَثيرٌ من السَّلَفِ الصَّالِحِ.
كما نُقِلَ إحياؤُهُ عن الأئِمَّةِ الأربَعَةِ.
ثمَّ جاءَ فيها: وتُسَمَّى هذهِ الصَّلاةُ بِصَلاةِ الأوَّابينَ، وتُسَمَّى صَلاةَ الغَفلَةِ.
وقد وَرَدَ فيها أحاديثُ شَريفَةٌ، فيها الضَّعيفُ والصَّحيحُ، من جملةِ ذلكَ:
ما رواه الترمذي وابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى بَعْدَ الْمَغْرِبِ سِتَّ رَكَعَاتٍ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيمَا بَيْنَهُنَّ بِسُوءٍ عُدِلْنَ لَهُ بِعِبَادَةِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً». وهوَ حديثٌ ضَعيفٌ.
وفي روايةٍ للترمذي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَلَّى بَعْدَ الْمَغْرِبِ عِشْرِينَ رَكْعَةً بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ». وهوَ حديثٌ ضَعيفٌ.
وما رواه الطبراني في الأوسط عن محمد بن عمار بن ياسر رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: رَأيتُ عَمَّارَ بنَ ياسر صَلَّى بَعدَ المغرِبِ سِتَّ رَكَعاتٍ، فَقُلتُ: يا أبَتِ، ما هذهِ الصَّلاةُ؟
قال: رَأيتُ حَبيبي رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بَعدَ المغرِبِ سِتَّ رَكَعاتٍ، وقال: «مَن صَلَّى بَعدَ المغرِبِ سِتَّ رَكَعاتٍ غُفِرَت لهُ ذُنوبُهُ وإن كانَت مِثلَ زَبَدِ البَحرِ». وهوَ حديثٌ ضَعيفٌ.
وما رواه الطبراني في الكبير عن الأَسْوَدِ بن يَزِيدَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الله بنُ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ: نِعمَ سَاعَةُ الْغَفْلَةِ. يَعْنِي الصَّلاةَ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. وهوَ حديثٌ ضَعيفٌ.
وما رواه الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ﴾. نَزَلَتْ فِي انْتِظَارِ الصَّلَاةِ الَّتِي تُدْعَى الْعَتَمَةَ. وهذا حديثٌ صَحيحٌ.
وفي روايةٍ عن كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ الْمَغْرِبَ، فَقَامَ نَاسٌ يَتَنَفَّلُونَ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ فِي الْبُيُوتِ».
وما رواه النسائي بإسنادٍ جيِّدٍ عن حُذَيفَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: أتَيتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّيتُ مَعَهُ المغرِبَ، فَصَلَّى إلى العِشاءِ. وهوَ حديثٌ صَحيحٌ.
وبناء على ذلك:
فَصَلاةُ الغَفلَةِ هيَ صَلاةُ الأوَّابينَ بَينَ المغرِبِ والعِشاءِ، وهيَ غَيرُ سُنَّةِ المغرِبِ، فَحافِظ على سِتِّ رَكَعاتٍ، وصَلِّ بَينَ الحينِ والآخَرِ عِشرينَ رَكعَةً، وصَلِّ بَينَ الفَترَةِ والأُخرى بَعدَ صَلاةِ سُنَّةِ المغرِبِ إلى العِشاءِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |