حقيقة الروح

6168 - حقيقة الروح

19-02-2014 22910 مشاهدة
 السؤال :
قال الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا} فما هي حقيقة هذه الروح؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6168
 2014-02-19

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد جاءَ في الصَّحِيحَينِ عَنْ عَبْدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي حَرْثٍ ـ مَوضِعُ الزَّرعِ ـ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَسِيبٍ ـ جَريدَةُ النَّخلِ ـ، إِذْ مَرَّ بِنَفَرٍ مِن الْيَهُودِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سَلُوهُ عَن الرُّوحِ.

فَقَالُوا: مَا رَابَكُمْ إِلَيْهِ ـ مَا دَعاكُم إلى سُؤَالِهِ أو مَا دَعَاكُم إلى سُؤَالٍ تَخشَونَ سُوءَ عُقبَاهُ ـ، لَا يَسْتَقْبِلُكُمْ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ.

فَقَالُوا: سَلُوهُ؛ فَقَامَ إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ، فَسَأَلَهُ عَن الرُّوحِ.

قَالَ: فَسَكَتَ عنه النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئاً، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ.

قَالَ: فَقُمْتُ مَكَانِي، فَلَمَّا نَزَلَ الْوَحْيُ قَالَ: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَن الرُّوحِ قُل الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِن الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً﴾.

ورَبُّنا عزَّ وجلَّ يَقولُ في كِتابِهِ العَظيمِ: ﴿وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا﴾. وحَقيقَةُ الرُّوحِ وإدراكُ كُنهِهِ من هذا القَبيلِ.

فالرُّوحُ في عَقيدَةِ المُؤمِنينَ هيَ شَيءٌ غَيرُ الجَسَدِ، وهيَ ذاتُ وُجودٍ وخُلودٍ، وحَقيقَةٌ مَجهولَةٌ، وقد استَأثَرَ اللهُ تعالى بِعِلْمِهَا.

ويَقولُ الإمامُ الشَّعرانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: لم يَبْلُغْنا عن رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أنَّهُ تَكَلَّمَ عن حَقيقَةِ الرُّوحِ، مَعَ أنَّهُ سُئِلَ عنهُ، فَتَمَسَّكَ عن الحَديثِ عنها أدَباً.

ويَقولُ الإمامُ الجُنَيدُ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: إنَّ الرُّوحَ شَيءٌ استَأثَرَ اللهُ تعالى بِعِلْمِهِ، ولا يَجوزُ لأحَدٍ البَحثُ عنها أكثَرَ من أنَّها مَوجودَةٌ.

وبناء على ذلك:

فقد أخبَرَ اللهُ تعالى الخَلقَ بذلكَ، وعَرَّفَهُم عَجْزَهُم عن عِلْمِ ما لا يُدرِكونَهُ حتَّى يُضطَرَّهُم إلى رَدِّ العِلْمِ إلَيهِ، فالعَبدُ لم يَعلَمْ حَقيقَةَ الرُّوحِ مَعَ القَطْعِ بِوُجودِهِا، فأنَّى لَهُ أن يُدرِكَ حَقيقَةَ مَولاهُ تعالى؟

وقل لمن يَدَّعي في العِلْمِ مَعرِفَةً   ***   عَرَفتَ شَيئاً وغابَت عنكَ أشياءُ

لذلكَ لا يَليقُ بالعَاقِلِ أن يَخوضَ في حَديثٍ لن يَصِلَ إلى حَقيقَتِهِ، ولو اشتَغَلَ بالعِلْمِ الذي يُصَحِّحُ فيهَ عَقيدَتَهُ وعِبادَتَهُ وأخلاقَهُ لَكانَ أَولَى. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
22910 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 307
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1468
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 664
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1731
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1456
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 984
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3165
المكتبة الصوتية 4802
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414945537
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :