الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد أجمَعَ العُلَماءُ على أنَّ من شَكَّ في كُفرِ الكَافِرِ فهوَ كَافِرٌ، ويَقولُ القَاضِي عِياضٌ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: ولهذا نُكَفِّرُ من لم يُكَفِّرْ من دَانَ بِغَيرِ مِلَّةِ المُسلِمينَ من المِلَلِ، أو وَقَفَ فِيهِم، أو شَكَّ، أو صَحَّحَ مَذهَبَهُم، وإن أَظهَرَ مَعَ ذلكَ الإسلامَ واعتَقَدَهُ.
فمن شَكَّ في كُفرِ اليَهودِ والنَّصَارَى فهوَ كَافِرٌ، لأنَّ الشَّكَّ يَتَضَمَّنُ تَكذِيبَ القُرآنِ الكَريمِ والسُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ.
وبناء على ذلك:
فإذا عُرِفَ إنسانٌ بأنَّهُ كَافِرٌ أو مُشرِكٌ، وظَهَرَت أَدِلَّةُ كُفرِهِ ظُهوراً جَلِيَّاً، فإنَّهُ يُحكَمُ بِكُفرِهِ بِدُونِ شَكٍّ أو تَرَدُّدٍ، كمن أنكَرَ وُجُودَ الله تعالى، أو أنكَرَ رِسَالَةَ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أو أنكَرَ القُرآنَ العَظيمَ، أو أنكَرَ البَعثَ، أو أحَلَّ ما حَرَّمَ اللهُ تعالى، أو حَرَّمَ ما أَحَلَّ اللهُ تعالى، فمن لم يَعتَقِدْ بأنَّهُ كَافِرٌ صَارَ كَافِراً.
ولَيسَ من شُروطِ تَكفِيرِهِ مُصَارَحَتُهُ بأن يُقَالَ لَهُ: يا كَافِر، أو أنتَ كَافِرٌ، لأنَّ هذا لَيسَ من هَدْيِ سَيِّدِنا رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ونُعَامِلُهُ مُعَامَلَةَ الإنسانِ الذِّمِّيِّ أو المُعَاهَدِ والمُستَأمَنِ ما دَامَ في دِيَارِ المُسلِمينَ.
وأمَّا الحُكمُ عَلَيهِ بأنَّهُ من أهلِ النَّارِ فَلَيسَ هذا للعَبدِ، إلا إذا تَحَقَّقَ أنَّهُ مَاتَ على الكُفرِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |
