الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد جَاءَ في كِتَابِ الأُمِّ للإمامِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: ولا نُحِبُّ مُبَايَعَةَ من أَكثَرُ مَالِهِ الرِّبَا، أو ثَمَنُ المُحَرَّمِ ما كَانَ، أو اكِتِسَابُ المَالِ من الغَصْبِ والمُحَرَّمِ كُلِّهِ، وإن بَايَعَ رَجُلٌ رَجُلاً من هؤلاءِ لم أَفسَخِ البَيعَ، لأنَّ هؤلاءِ قَد يَملِكُونَ حَلَالاً، فلا يُفسَخُ البَيعُ، ولا نُحَرِّمُ حَرَامَاً بَينَنَا، إلا أن يَشتَرِيَ الرَّجُلُ حَرَامَاً يَعرِفُهُ، أو بِثَمَنِ حَرَامٍ يَعرِفُهُ؛ وسَوَاءٌ في هذا الُمسلِمُ والذِّمِّيُّ والحَربِيُّ.
وبناء على ذلك:
فإذا كَانَ مَالُ المُشتَرِي كُلُّهُ من حَرَامٍ، أو ثَمَنُ السِّلعَةِ التي يَشتَرِيهَا من عَينِ المَالِ الحَرَامِ فَيَحرُمُ البَيعُ لَهُ.
أمَّا إذا كَانَ مَالُهُ فِيهِ الحَلالُ والحَرَامُ فَيُكرَهُ، لِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِن النَّاسِ، فَمَن اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمىً، أَلَا إِنَّ حِمَى اللهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ» رواه الإمام البخاري عن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |