العبر المستفادة من قصة سيدنا يوسف عليه السلام

652 - العبر المستفادة من قصة سيدنا يوسف عليه السلام

15-11-2007 93985 مشاهدة
 السؤال :
يقول الله تعالى في سورة سيدنا يوسف عليه السلام: {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثاً يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون}. فما هي العبرة التي يمكن أن نستفيد منها في قصة سيدنا يوسف عليه السلام؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 652
 2007-11-15

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فَإِنَّ العِبَرَ الكَثِيرَةَ في قِصَّةِ سَيِّدِنَا يُوسُفَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، يَسْتَفِيدُ مِنْهَا الأَبْنَاءُ وَيَسْتَفِيدُ مِنْهَا الدُّعَاةُ إلى اللهِ تعالى، وَيَسْتَفِيدُ مِنْهَا أَهْلُ الوَظِيفَةِ وَأَصْحَابُ الأَعْمَالِ، وَيَسْتَفِيدُ مِنْهَا المَظْلُومُ، وَيَسْتَفِيدُ مِنْهَا كُلُّ مَنْ رَامَ الأَخْلَاقَ السَّامِيَةَ العَالِيَةَ المَجِيدَةَ الحَمِيدَةَ؛ وَمِنْ هَذِهِ العِبَرُ:

1ـ لَا يَسْتَطِيعُ الحَاسِدُ أَنْ يُحَوِّلَ نِعْمَةَ اللهِ عَنِ المَحْسُودِ، وَالمَحْسُودُ عَلَيْهِ بِالصَّبْرِ، فَإِنْ صَبَرَ عَلَى أَذَى الحَاسِدِ وَاتَّقَى اللهَ فِيهِ زَادَهُ اللُه تعالى مِنْ فَضْلِهِ.

2ـ أَنْ يَرْفَعَ العَبْدُ المُصَابُ شَكْوَاهُ إلى اللهِ تعالى: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾.

3ـ أَنْ يَتَعَلَّم الشَّابُّ العِفَّةَ وَالطَّهَارَةَ في المُجْتَمَعِ، وَلَو عَرَّضَهُ المُجْتَمَعُ للفِتَنِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَحْتَمِيَ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَنْ يَذْكُرَ أَنَّ أَعْرَاضَ النَّاسِ كَعِرْضِهِ فَيُحْسِنَ إِلَيْهِ، وَأَنْ يَعْلَمَ بِأَنَّ الظَّالِمَ لَا يُفْلِحُ: ﴿قَالَ مَعَاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾.

4ـ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ حَبْلَ الكَذِبِ قَصِيرٌ، فَلَا يَلِيقُ بِالعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ كَذَّابَاً، لِأَنَّهُ في نِهَايَةِ المَطَافِ سَيَظْهَرُ الحَقُّ وَيَنْدَحِرُ الكَذِبُ: ﴿قُلْنَ حَاشَ للهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾.

5ـ أَنْ يَعْلَمَ العَبْدُ بِأَنَّ العِلْمَ مِنْ دُونِ عَمَلٍ لَا يَنْفِي عَنِ العَبْدِ صِفَةَ الجَهَالَةِ: ﴿وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾. فَعِلْمٌ بِدُونِ عَمَلٍ جُنُونٌ، وَعَمَلٌ بِدُونِ عِلْمٍ لَا يَكُونُ.

6ـ أَنْ يَعْلَمَ العَبْدُ بِأَنَّ المِحَنَ وَالمَصَائِبَ لَا تُشْغِلُ الدَّاعِيَ عَنْ دَعْوَتِهِ إلى اللهِ تعالى، فَهُوَ في أَحْلَكِ الظُّرُوفِ دَاعٍ إلى اللهِ تعالى: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الوَاحِدُ القَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا للهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

7ـ أَنْ يَعْلَمَ العَبْدُ بِأَنَّ العَبْدَ المُحْسِنَ الصَّالِحَ هُوَ دَاعٍ إلى اللهِ بِحَالِهِ قَبْلَ قَالِهِ، لِأَنَّ أَفْعَالَهُ مُطَابِقَةٌ لِأَقْوَالِهِ: ﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ المُحْسِنِينَ﴾.

8ـ المَظْلُومُ إِذَا قَدَرَ عَفَا، وَيَتَلَطَّفُ مَعَ الظَّالِمِ بَعْدَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ: ﴿ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ﴾. المَظْلُومُ إِنْ صَبَرَ فَإِنَّ ظَالِمَهُ هُوَ الذي سَيُبَرِّؤُهُ: ﴿قُلْنَ حَاشَ للهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ﴾.

9ـ أَنْ يَتَعَلَّمَ العَبْدُ المُوَظَّفُ القَائِمُ عَلَى الأُمُورِ العَامَّةِ كَيْفَ تَكُونُ الأَمَانَةُ وَكَيْفَ يَكُونُ حِفْظُهَا: ﴿اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾.

10ـ أَنْ يَتَعَلَّمَ العَبْدُ صَاحِبُ السُّلْطَةِ وَالنُّفُوذِ الصَّبْرَ وَحُسْنَ الخُلُقِ إِذَا أُسِيءَ إِلَيْهِ: ﴿قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ﴾.

11ـ أَنْ يَتَعَلَّمَ صَاحِبُ الابْتِلَاءَاتِ بِأَنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرَاً، وَأَنَّ اللهَ يَأْتِي بِالفَرَجِ مِنْ قَلْبِ الضِّيقِ: ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾.

12ـ أَنْ يَتَعَلَّمَ المَظْلُومُ كَيْفَ يُعَاتِبُ الظَّالِمَ: ﴿قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾.

13ـ أَنْ يَتَعَلَّمَ العَبْدُ كَيْفِيَّةَ البِرِّ للوَالِدَيْنِ: ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ﴾.

14ـ أَنْ يَتَعَلَّمَ العَبْدُ كَيْفَ يَكُونُ العِتَابُ بَيْنَ الإِخْوَةِ إِذَا اخْتَلَفُوا، وَخَاصَّةً أَمَامَ الأَبَوَيْنِ ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ البَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ﴾. لَمْ يَذْكُرْ قِصَّةَ الجُبِّ، بَلْ ذَكَرَ السِّجْنَ الذي حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِخْوَتِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ بِسَبَبِ الشَّيْطَانِ.

نَسْأَلُ اللهَ العِبْرَةَ مِنْ قَصَصِ سَادَةِ الخَلْقِ أَسْيَادِنَا الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
93985 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 307
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1468
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 664
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1731
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1456
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 984
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3165
المكتبة الصوتية 4802
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414945536
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :