الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد جَاءَ في صَحِيحِ الإمام البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْعَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَتُوُلِّيَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أَتَاهُ مَلَكَانِ فَأَقْعَدَاهُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ.
فَيُقَالُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِن النَّارِ، أَبْدَلَكَ اللهُ بِهِ مَقْعَداً مِن الْجَنَّةِ؛ فَيَرَاهُمَا جَمِيعاً.
وَأَمَّا الْكَافِرُ أَو الْمُنَافِقُ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ.
فَيُقَالُ: لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ، ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ».
من فَضْلِ اللهِ تعالى على عَبدِهِ المُؤمِنِ أَنَّهُ يَقُولُ في حَقِّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَهُ تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ﴾ فَيَشْهَدُ بِشَهَادَةِ الحَقِّ.
وأمَّا العَبدُ الكَافِرُ والمُنَافِقُ، فَإِنَّهُ يَقُولُ في حَقِّ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ يَقُولُهُ النَّاسُ، لا مَا قَالَهُ اللهُ تعالى في حَقِّهِ، يَقُولُ عَنهُ سَاحِرٌ، أو كَذَّابٌ، أو مَا شَاكَلَ تِلكَ الكَلِمَاتِ والعِيَاذُ باللهِ تعالى، فإذا قَالَ للمَلَكَينِ: لَا أَدْرِي، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ.
فَيُقَالُ لَهُ: «لَا دَرَيْتَ» أيْ: مَا عَلِمْتَ، ولا حَقَّقْتَ بِنَفْسِكَ أَمْرَ هذا الدِّينِ، ومَا أَعْمَلْتَ عَقْلَكَ حَتَّى تَصِلَ إلى الحَقِّ «وَلَا تَلَيْتَ» أيْ : ولا اتَّبَعْتَ مَن يَدْرِي، ولا قَلَّدْتَ مَن يَعْلَمُ حَتَّى تَكُونَ مُتَّبِعَاً للحَقِّ.
وبناء على ذلك:
فَقَولُهُ: «لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ» دُعَاءٌ عَلَيهِ أن لا يَعْلَمَ بِنَفْسِهِ، ولا يَتَّبِعَ مَن عَلِمَ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |
