الأدلة على ما يحرم على المعتدة

6798 - الأدلة على ما يحرم على المعتدة

09-03-2015 7257 مشاهدة
 السؤال :
ماذا يحرم على المرأة المعتدة، مع ذكر الأدلة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6798
 2015-03-09

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَحْرُمُ على المَرأَةِ المُعْتَدَّةِ أُمُورٌ، أَهَمُّهَا:

أولاً: الخِطْبَةُ، اِتَّفَقَ الفُقَهَاءُ على أنَّ التَّصْرِيحَ بِخِطْبَةِ مُعْتَدَّةِ الغَيْرِ حَرَامٌ، وذلكَ لِعُمُومِ قَولِهِ تعالى: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرَّاً إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفَاً وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾.

كَمَا اتَّفَقُوا على أَنَّهُ يَجُوزُ التَّعْرِيضُ بِخِطْبَةِ المُعْتَدَّةِ المُتَوَفَّى عَنهَا زَوجُهَا، لِقَولِهِ تعالى: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾. وهيَ وَارِدَةٌ في عِدَّةِ الوَفَاةِ، ولأنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَهِىَ مُتَأَيِّمَةٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ فَقَالَ: «لَقَدْ عَلِمْتِ أَنِّي رَسُولُ اللهِ وَخِيرَتُهُ، وَمَوْضِعِي فِي قَوْمِي». فَكَانَتْ تِلْكَ خِطْبَتَهُ. رواه الدَّارَقُطْنِيُّ.

ثانياً: عَدَمُ الخُرُوجِ من بَيتِ الزَّوجِيَّةِ، وذلكَ لِقَولِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرَاً﴾. ونَصَّ الفُقَهَاءُ على أَنَّهُ يَجِبُ على المُعْتَدَّةِ من طَلاقٍ    أو فَسْخٍ أو مَوْتٍ مُلازَمَةُ السَّكَنِ في العِدَّةِ، فلا تَخْرُجُ مِنهُ إلا لِحَاجَةٍ أو عُذْرٍ، وإلا كَانَتْ آثِمَةً.

ثالثاً: تَرْكُ الزِّينَةِ، في حَقِّ المُتَوَفَّى عَنهَا زَوجُهَا، والمُطَلَّقَةِ طَلاقَاً بَائِنَاً، روى الإمام البخاري عن أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها قَالَت: جَاءَت امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَد اشْتَكَتْ عَيْنَهَا، أَفَتَكْحُلُهَا؟

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثاً، كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ: «لَا».

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ».

قَالَ حُمَيْدٌ: فَقُلْتُ لِزَيْنَبَ: وَمَا تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ؟

فَقَالَتْ زَيْنَبُ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، دَخَلَتْ حِفْشَاً، وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا، وَلَمْ تَمَسَّ طِيبَاً، حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ، ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَائِرٍ، فَتَفْتَضُّ بِهِ، فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ إِلَّا مَاتَ، ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعَرَةً فَتَرْمِي، ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ.

سُئِلَ مَالِكٌ: مَا تَفْتَضُّ بِهِ؟

قَالَ: تَمْسَحُ بِهِ جِلْدَهَا.

وروى أبو داود عن أُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ أَسِيدٍ عَنْ أُمِّهَا، أَنَّ زَوْجَهَا تُوُفِّيَ وَكَانَتْ تَشْتَكِي عَيْنَيْهَا، فَتَكْتَحِلُ بِالْجِلَاءِ ـ قَالَ أَحْمَدُ: الصَّوَابُ بِكُحْلِ الْجِلَاءِ ـ فَأَرْسَلَتْ مَوْلَاةً لَهَا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَسَأَلَتْهَا عَنْ كُحْلِ الْجِلَاءِ.

فَقَالَتْ: لَا تَكْتَحِلِي بِهِ إِلَّا مِنْ أَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ يَشْتَدُّ عَلَيْكِ، فَتَكْتَحِلِينَ بِاللَّيْلِ، وَتَمْسَحِينَهُ بِالنَّهَارِ.

ثُمَّ قَالَتْ عِنْدَ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ، وَقَدْ جَعَلْتُ عَلَى عَيْنِي صَبْرَاً.

فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ؟».

فَقُلْتُ: إِنَّمَا هُوَ صَبْرٌ يَا رَسُولَ اللهِ، لَيْسَ فِيهِ طِيبٌ.

قَالَ: «إِنَّهُ يَشُبُّ الْوَجْهَ، فَلَا تَجْعَلِيهِ إِلَّا بِاللَّيْلِ، وَتَنْزَعِينَهُ بِالنَّهَارِ، وَلَا تَمْتَشِطِي بِالطِّيبِ، وَلَا بِالْحِنَّاءِ، فَإِنَّهُ خِضَابٌ».

قَالَتْ: قُلْتُ: بِأَيِّ شَيْءٍ أَمْتَشِطُ يَا رَسُولَ اللهِ؟

قَالَ: «بِالسِّدْرِ، تُغَلِّفِينَ بِهِ رَأْسَكِ».

وروى الشيخان عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنها قَالَتْ: كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرَاً، وَلَا نَكْتَحِلُ، وَلَا نَتَطَيَّبُ، وَلَا نَلْبَسُ ثَوْبَاً مَصْبُوغَاً.

وروى أبو داود عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِن الثِّيَابِ، وَلَا الْمُمَشَّقَةَ، وَلَا الْحُلِيَّ، وَلَا تَخْتَضِبُ، وَلَا تَكْتَحِلُ».

وبناء على ذلك:

فَأَهَمُّ مَا يَحْرُمُ على المَرأَةِ المُعْتَدَّةِ أَثنَاءَ قَضَاءِ عِدَّتِهَا، الخِطْبَةُ، الخُرُوجُ من البَيتِ، الزِّينَةُ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
7257 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  أحكام العدة

 السؤال :
 2022-12-25
 1449
رَجُلٌ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ، فَطَرَدَهَا مِنَ البَيْتِ، وَرَفَضَ أَنْ تَقْضِيَ عِدَّتَهَا في بَيْتِهِ، فَالإِثْمُ عَلَى مَنْ؟
رقم الفتوى : 12337
 السؤال :
 2022-12-25
 600
مَا هِيَ عِدَّةُ المُطَلَّقَةِ عَلَى مَذْهَبِ السَّادَةِ الشَّافِعِيَّةِ، وَمَذْهَبِ السَّادَةِ الحَنَفِيَّةِ؟
رقم الفتوى : 12336
 السؤال :
 2019-08-10
 8636
امْرَأَةٌ بَلَغَتْ مِنَ العُمُرِ سِتِّينَ عَامَاً، وَانْقَطَعَ حَيْضُهَا، وَالآنَ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهَا العِدَّةُ، وَمَا مِقْدَارُ عِدَّتِهَا؟
رقم الفتوى : 9880
 السؤال :
 2019-03-22
 5595
كيف تقضي المرأة الآيسة عدتها من الطلاق إذا جاءها الدم؟
رقم الفتوى : 9569
 السؤال :
 2018-08-29
 21886
هل يجوز للمرأة المعتدة التي مات عنها زوجها أن تصبغ شعرها من أجل تغيير الشيب؟
رقم الفتوى : 9121
 السؤال :
 2018-07-08
 5238
طلق رجل زوجته، وأخرجها من بيت الزوجية، فهل يجب عليها أن تعتد في بيت أهلها، أم سقطت عنها عدتها؟
رقم الفتوى : 9020

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412873224
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :