{وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ}

6866 - {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ}

04-05-2015 3234 مشاهدة
 السؤال :
ما تفسير قول الله تعالى: {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ}؟ وهل أنزل الله تعالى السحر على الملكين هاروت وماروت؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6866
 2015-05-04

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

يَقُولُ المُفَسِّرُ الكَبِيرُ الإِمَامُ القُرْطِبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى عِنْدَ قَولِهِ تعالى: ﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ﴾ ﴿مَا﴾ نَفْيٌ، والوَاوُ للعَطْفِ على قَولِهِ: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ﴾. وذلكَ أَنَّ اليَهُودَ قَالُوا: إِنَّ اللهَ أَنْزَلَ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ بالسِّحْرِ، فَنَفَى اللُه ذلكَ.

وفي الكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، التَّقْدِيرُ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ، وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ، وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ، فَهَارُوتُ وَمَارُوتُ بَدَلٌ من الشَّيَاطِينِ في قَوْلِهِ: ﴿وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا﴾.

هذا أَوْلَى مَا حُمَلَتْ عَلَيهِ الآيَةُ من التَّأْوِيلِ، وَأَصَحُّ مَا قِيلَ فِيهَا، ولا يُلْتَفَتُ إلى سِوَاهُ، فَالسِّحْرُ من اسْتِخْرَاجِ الشَّيَاطِينِ لِلَطَافَةِ جَوْهَرِهِم، وَدِقَّةِ أَفْهَامِهِم، وَأَكْثَرُ مَا يَتَعَاطَاهُ من الإِنْسِ النِّسَاءِ وَخَاصَّةً في حَالِ طَمْثِهِنَّ، قَالَ اللهُ تعالى: ﴿وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ﴾.

وبناء على ذلك:

فَقَوْلُهُ تعالى: ﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ﴾ ﴿مَا﴾ نَافِيَةٌ، والجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ على قَولِهِ تعالى: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ﴾. فَيَكُونُ المَعنَى:مَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ، ومَا أَنْزَلَ اللهُ تعالى السِّحْرَ على الملَكَيْنِ، لأَنَّ اليَهُودَ كانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّ السِّحْرَ نَزَلَ بِهِ جِبْرِيلُ ومِيكَائِيلُ، فَكَذَّبَهُمُ اللهُ تعالى.

وأَمَّا هَارُوتُ وَمَارُوتُ هُمَا بَشَرٌ، كَانَا يُعَلِّمَانِ النَّاسَ السِّحْرَ، واتَّبَعُوا في تَعْلِيمِ السِّحْرِ الإِنْذَارَ والتَّحْذِيرَ، فلا يُعَلِّمَانِ أَحَدَاً من النَّاسِ حَتَّى يَقُولا لَهُ: إِنَّمَا نَحنُ فِتْنَةٌ واخْتِبَارٌ وابْتِلاءٌ من اللهِ عزَّ وجلَّ، فلا تَعْمَلْ بالسِّحْرِ، ولا تَعْتَقِدْ تَأْثِيرَهُ، وإلا كُنْتَ كَافِرَاً، أَمَّا إِذا تَعَلَّمْتَهُ لِتُعَلِّمَهُ فَقَط، دُونَ اعْتِقَادٍ بِحَقِيقَتِهِ، ولا تَأْثِيرٍ لَهُ، ولا عَمَلٍ بِهِ، فلا ضَرَرَ، وكَانَا يَقُولانِ ذلكَ حِفَاظَاً على حُسْنِ اعْتِقَادِ النَّاسِ فِيهِمَا.

وأَطْلَقَ النَّاسُ عَلَيهِمَا مَلَكَيْنِ من بَابِ الشَّبَهِ، لأَنَّهُمَا كَانَا في الظَّاهِرِ صَالِحَيْنِ. هذا، واللهُ تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3234 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 307
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1468
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 664
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1731
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1456
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 984
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3165
المكتبة الصوتية 4802
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414944302
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :