رفض السماوات والأرض والجبال حمل الأمانة

6869 - رفض السماوات والأرض والجبال حمل الأمانة

04-05-2015 2824 مشاهدة
 السؤال :
في قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومَاً جَهُولاً}. فهل يعتبر عصياناً؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6869
 2015-05-04

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: المَقْصُودُ بالأَمَانَةِ التَّكَالِيفُ الشَّرْعِيَّةُ، وأَعْظَمُهَا الإِيمَانُ، والتي يُجَازَى عَلَيهَا العَبدُ ثَوَابَاً أو عِقَابَاً.

ويُؤَيِّدُ هذا، ما رواه البيهقي عَن ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ مَرْفُوعَاً قَالَ: الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللهِ يُكَفِّرُ الذُّنُوبَ كُلَّهَا إلَّا الْأَمَانَةَ.

قَالَ: يُؤْتَى بِالْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقَالُ: أَدِّ أَمَانَتَك.

فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، كَيْفَ وَقَدْ ذَهَبَت الدُّنْيَا؟

قَالَ: فَيُقَالُ: انْطَلِقُوا بِهِ إلَى الْهَاوِيَةِ، فَيَنْطَلِقُونَ بِهِ إلَى الْهَاوِيَةِ، وَتُمَثَّلُ لَهُ أَمَانَتُهُ كَهَيْئَتِهَا يَوْمَ دُفِعَتْ إلَيْهِ، فَيَرَاهَا فَيَعْرِفُهَا، فَيَهْوِي فِي أَثَرِهَا حَتَّى يُدْرِكَهَا، فَيَحْمِلَهَا عَلَى مَنْكِبَيْهِ حَتَّى إذَا ظَنَّ أَنَّهُ خَارِجٌ زَلَّتْ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَهُوَ يَهْوِي فِي إِثْرِهَا أَبَدَ الْآبِدِينَ.

ثُمَّ قَالَ: الصَّلَاةُ أَمَانَةٌ، وَالْوُضُوءُ أَمَانَةٌ، وَالْوَزْنُ أَمَانَةٌ، وَالْكَيْلُ أَمَانَةٌ، وَأَشْيَاءُ عَدَّدَهَا، وَأَشَدُّ ذَلِكَ الْوَدَائِعُ.

فَأَتَيْت الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ قُلْت: أَلَا تَرَى إلَى مَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ؟

قَالَ: كَذَا، قَالَ: كَذَا؟

قَالَ: صَدَقَ، أَمَا سَمِعْت اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿إنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا﴾.

وروى الترمذي الحكيم عَن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ قَالَ: «قَالَ اللهُ لآدَمَ: يَا آدَمُ، إِنِّي عَرَضْتُ الأَمَانَةَ على السَّمَوَاتِ والأَرْضِ والجِبَالِ فَلَمْ يُطِقْنَهَا، فَهَل أَنْتَ حَامِلُهَا بِمَا فِيهَا؟

قَالَ: وَمَا فِيهَا يَا رَبِّ؟

قَالَ: إِنْ حَمَلْتَهَا أُجِرْتَ، وَإِنْ ضَيَّعْتَهَا عُذِّبْتَ.

قَالَ: فَأَنَا أَحْمِلُهَا بِمَا فِيهَا.

قَالَ: فَلَمْ يَلْبَثْ في الجَنَّةِ إلا قَدْرَ مَا بَيْنَ صَلاةِ الأُولَى إلى العَصْرِ، حَتَّى أَخْرَجَهُ الشَّيْطَانُ مِنهَا».

ثانياً: السَّمَاوَتُ والأَرضُ والجِبَالُ لا يُمْكِنُهُمُ العِصْيَانُ، قَالَ تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعَاً أَوْ كَرْهَاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾.

واللهُ تَبَارَكَ وتعالى عَرَضَ طَاعَتَهُ على السَّمَاوَتِ والأَرضِ والجِبَالِ على أَنَّهَا إِنْ أَحْسَنَتْ أُثِيبَتْ وجُزِيِتَ، وإِنْ ضَيَّعَتْ عُوقِبَتْ، فَأَبَتْ حَمْلَهَا شَفَقَةً مِنهَا أَنْ لا تَقُومَ بالوَاجِبِ الذي عَلَيهَا، وقُلْنَ: لا، نَحنُ مُسَخَّرَاتٌ لأَمْرِكَ، لا نُرِيدُ ثَوَابَاً ولا عِقَابَاً.

وبناء على ذلك:

 

فالأَمَانَةُ هيَ التَّكَالِيفُ الشَّرْعِيَّةُ وعلى رَأْسِهَا الإِيمَانُ، ولا تُعْتَبَرُ السَّمَاوَتُ والأَرضُ والجِبَالُ رَفَضْنَ أَمْرَ اللهِ تعالى، وَوَقَعْنَ في العِصْيَانِ، لأَنَّ اللهَ تعالى عَرَضَ عَلَيهِنَّ عَرْضَاً، فَاعْتَذَرْنَ، ولَكِنْ عِنْدَمَا أَمَرَهُنَّ بِقَولِهِ: ﴿ائْتِيَا طَوْعَاً أَوْ كَرْهَاً﴾ فَأَجَابَتَا: ﴿أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾. هذا، واللهُ تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2824 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 307
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1468
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 664
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1731
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1456
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 984
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3165
المكتبة الصوتية 4802
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414945191
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :