الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَد روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ بَعَثَنِي رَحْمَةً وَهُدَىً لِلْعَالَمِينَ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَمْحَقَ الْـمَزَامِيرَ وَالْكَبَارَاتِ» (يَعْنِي الْبَرَابِطَ وَالْـمَعَازِفَ، وَقِيلَ: الكَبَرُ: الطَّبْلُ الكَبِيرُ).
وروى الإمام أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْخَمْرَ وَالْـمَيْسِرَ وَالْكُوبَةَ (هِيَ: الطَّبْلُ الصَّغِيرُ) وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ».
وَجَاءَ في كَنْزِ العُمَّالِ: «أُمِرْتُ بِهَدْمِ الطَّبْلِ وَالمِزْمَارِ» رواه الديلمي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا مَرْفُوعَاً.
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إلى عَدَمِ جَوَازِ الاسْتِمَاعِ لِآلَاتِ اللَّهْوِ.
وبناء على ذلك:
فَلَا يَجُوزُ العَزْفُ على الآلَاتِ المُوسِيقِيَّةِ؛ قَالَ القُرْطُبِيُّ: أَمَّا الْـمَزَامِيرُ وَالْأَوْتَارُ وَالْكُوبَةُ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي تَحْرِيمِ اسْتِمَاعِهَا، وَلَمْ أَسْمَعْ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ مِنَ السَّلَفِ وَأَئِمَّةِ الْخَلَفِ مَنْ يُبِيحُ ذَلِكَ، وَكَيْفَ لَا يَحْرُمُ وَهُوَ شِعَارُ أَهْلِ الْخُمُورِ وَالْفُسُوقِ، وَمُهَيِّجُ الشَّهَوَاتِ وَالْفَسَادِ وَالْـمُجُونِ؟ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُشَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ، وَلَا تَفْسِيقِ فَاعِلِهِ وَتَأْثِيمِهِ. هذا، والله تعالى أعلم.