«تَأْتُونَ بِهِمْ فِي السَّلاسِلِ»

7359 - «تَأْتُونَ بِهِمْ فِي السَّلاسِلِ»

20-06-2016 3082 مشاهدة
 السؤال :
ما معنى حديث: خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ تَأْتُونَ بِهِمْ فِي السَّلاسِلِ فِي أَعْنَاقِهِمْ، حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الإِسْلامِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7359
 2016-06-20

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَهَذَا الحَدِيثُ رواه الإمام البخاري في صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾. قَالَ: خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ، تَأْتُونَ بِهِمْ فِي السَّلَاسِلِ فِي أَعْنَاقِهِمْ، حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الإِسْلَامِ.

وَمَعْنَاهُ: أَنَّ الأُسَارَى الذينَ يُؤْتَى بِهِمْ إلى بِلَادِ الإِسْلَامِ وَهُمْ مُقَيَّدُونَ بِالسَّلَاسِلِ، يَمُنُّ اللهُ تعالى عَلَيْهِمْ بِدُخُولِهِمْ في الإِسْلَامِ، فَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ.

وَيَكُونُ دُخُولُهُمْ في الإِسْلَامِ طَوَاعِيَةً وَاخْتِيَارَاً بَعْدَمَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ الحَقُّ، فَمَا حَصَلَ لَهُمْ مِنَ الأَسْرِ بَعْدَ قِتَالِهِمْ للمُسْلِمِينَ كَانَ سَبَبَاً لِتَحْقِيقِ الخَيْرِ لَهُمْ، وَهَؤُلَاءِ يَنْطَبِقُ عَلَيْهِمْ قَوْلُ اللهِ تعالى: ﴿فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئَاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرَاً كَثِيرَاً﴾. وَقَوْلُ اللهِ تعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾.

وبناء على ذلك:

فَالحَدِيثُ صَحِيحٌ، وَمَعْنَاهُ بِأَنَّ العَبْدَ الكَافِرَ الذي كَانَ يُقَاتِلُ المُسْلِمِينَ عِنْدَمَا يَقَعُ في الأَسْرِ، وَيُقَادُ بِالسَّلَاسِلِ، يَرَى حُسْنَ مُعَامَلَةِ المُسْلِمينَ لِأَسْرَاهُمْ، فَـيَنْشَرِحُ صَدْرُهُ للإِسْلَامِ فَيَدْخُلُ فِيهِ، كَمَا وَقَعَ هَذَا في حَيَاةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّ الكَثِيرَ مِنَ الأَسْرَى مَنَّ اللهُ تعالى عَلَيْهِمْ فَشَرَحَ صُدُورَهُمْ للإِسْلَامِ، وَحَبَّبَ إلى قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ.

فَالإِسْلَامُ مَا جَاءَ لِيُكْرِهَ النَّاسَ على الدُّخُولِ فِيهِ، قَالَ تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعَاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾.

وَلَكِنْ هَؤُلَاءِ وَقَعُوا في الأَسْرِ، وَلَمْ يَقْتُلْهُمُ المُسْلِمُونَ مَعَ أَنَّهُمْ مُقَاتِلُونَ، وَأَحْسَنُوا مُعَامَلَتَهُمْ، وَذَلِكَ بِتَوْجِيهِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي أَمَرَ بِدَعْوَةِ النَّاسِ إلى الإِسْلَامِ بِالأَخْلَاقِ، فَعَشِقُوا الإِسْلَامَ مِنْ خِلَالِ مُعَامَلَةِ المُسْلِمِينَ لَهُم، فَدَخَلُوا الإِسْلَامَ؛ فَكَانَتِ البَدَايَةُ سَلَاسِلَ الأَسْرِ لِأَنَّهُمْ مُقَاتِلُونَ، وَصَارَتِ النِّهَايَةُ شَرْحَ صُدُورِهِمْ للإِسْلَامِ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3082 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  فتاوى متعلقة بالحديث الشريف

 السؤال :
 2023-11-23
 5221
مَا صِحَّةُ حَدِيثِ: (أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا اثْنَانِ: امْرَأَةٌ عَصَتْ زَوْجَهَا، وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ)؟
 السؤال :
 2023-09-17
 4567
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ سَيِّدَنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَفَضَ إِحْضَارَ كِتَابٍ أَرَادَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ فِيهِ للأُمَّةِ، حَتَّى لَا يَضِلُّوا مِنْ بَعْدِهِ؟
 السؤال :
 2023-08-07
 3634
مَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الجَنَّةِ»؟
 السؤال :
 2023-02-25
 3619
مَا صِحَّةُ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ»؟ وَمَا مَعْنَاهُ؟
 السؤال :
 2023-02-25
 2032
لَقَدِ انْتَشَرَتْ في صُفُوفِ النِّسَاءِ الأَحَادِيثُ المَكْذُوبَةُ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مِنْ قِبَلِ بَعْضِ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي يَتَظَاهَرْنَ بِأَنَّهُنَّ دَاعِيَاتٌ إلى اللهِ تعالى، فَمَا حُكْمُ ذَلِكَ؟
 السؤال :
 2022-09-09
 3793
هُنَاكَ بَعْضُ المُشَكِّكِينَ في دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، يَقُولُونَ: أَيْنَ المُسَاوَاةُ في دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، مِنْ خِلَالِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إِلَّا الْحُدُودَ»؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3165
المكتبة الصوتية 4802
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414915895
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :