الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فالاجتماع لذكر الله تعالى رغب فيه النبي صلى الله عليه وسلم، لما فيه من تقوية عزيمة الذاكرين على ذكر الله تعالى، ولما فيه من ثمرات مرجوة من فضل الله عز وجل، أخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده). أربع فضائل ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، كل واحدة منها تكفي لترغيب المؤمن بذكر الله تعالى.
وأخرج الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ لله مَلائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ الله تَنَادَوْا هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ، قَالَ: فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا قَالَ: فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ: مَا يَقُولُ عِبَادِي؟ قَالُوا: يَقُولُونَ يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ، قَالَ: فَيَقُولُ: هَلْ رَأَوْنِي؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: لا والله مَا رَأَوْكَ، قَالَ: فَيَقُولُ: وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا وَتَحْمِيدًا وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا. قَالَ: يَقُولُ: فَمَا يَسْأَلُونِي؟ قَالَ: يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ، قَالَ: يَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لا والله يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا، قَالَ: يَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً. قَالَ: فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ؟ قَالَ: يَقُولُونَ مِنْ النَّارِ، قَالَ: يَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لا والله يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا، قَالَ: يَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً، قَالَ: فَيَقُولُ: فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، قَالَ: يَقُولُ مَلَكٌ مِنْ الْمَلائِكَةِ: فِيهِمْ فُلَانٌ لَيْسَ مِنْهُمْ إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ، قَالَ: هُمْ الْجُلَسَاءُ لا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ).
ويكفي ترغيباً للاجتماع لذكر الله تعالى ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه فقال: (ما أجلسكم)؟ قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام ومنَّ به علينا، قال: (آلله ما أجلسكم إلا ذاك)؟ قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك، قال: (أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، ولكنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة).
وأما النطق بالذكر بصوت واحد من قبل الذاكرين فلا مانع منه، فهو أمر مباح شرعاً، لأنه ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر به ولا النهي عنه، ومن المعلوم بأن الأمر المسكوت عنه أمر مباح ولا يمنع عنه.
وبناء على ذلك:
أولاً: الاجتماع لذكر الله تعالى من أقرب القربات عند الله تعالى، وهو مندرج تحت قوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى}. إضافة إلى ترغيب النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
ثانياً: الذكر الجماعي، وهو نطق الذاكرين بصوت واحد لا مانع منه، ولكن بشروط:
أ ـ ألا يعتقد بأن الذكر الجماعي سنة أو واجب.
ب ـ ألا يعتقد بأن تركه حرام.
ج ـ ألا يكون في الذكر الجماعي تشويش على مصلٍّ أو تالٍّ للقرآن الكريم.
د ـ أن يراقب الذاكر الله تعالى، وأن يخلص في ذكره، ويتنبه إلى مداخل الشيطان ووسوسة النفس الأمارة بالسوء، خشية أن يقع في الرياء. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |