الكلام على الطعام

9408 - الكلام على الطعام

22-01-2019 3067 مشاهدة
 السؤال :
هل صحيح أن الكلام على الطعام لا يجوز شرعاً؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9408
 2019-01-22

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَإِنَّ مِنْ أَطْوَلِ الأَحَادِيثِ التي وَرَدَتْ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَلَى مَائِدَةِ الطَّعَامِ.

روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَاً بِلَحْمٍ، فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً فَقَالَ: «أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَلْ تَدْرُونَ بِمَ ذَاكَ؟ يَجْمَعُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، وَيَنْفُذُهُمُ البَصَرُ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الغَمِّ وَالكَرْبِ مَا لَا يُطِيقُونَ، وَمَا لَا يَحْتَمِلُونَ، فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: أَلَا تَرَوْنَ مَا أَنْتُمْ فِيهِ؟ أَلَا تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ؟ أَلَا تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ؟ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: ائْتُوا آدَمَ، فَيَأْتُونَ آدَمَ، فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ، أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ، خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ المَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلَا تَرَى إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ آدَمُ: إِنَّ رَبِّي غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبَاً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ نَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ؛ نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ».

ثُمَّ يُحَدِّثُهُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُمْ يَذْهَبُونَ إلى نُوحٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَيَعْتَذِرُ، وَيَذْهَبُونَ إلى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَيَعْتَذِرُ، وَيَذْهَبُونَ إلى مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَيَعْتَذِرُ، وَيَذْهَبُونَ إلى عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَيَعْتَذِرُ، وَيًقُولُ لَهُمْ: «اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّدٍ، فَيَأْتُونِّي فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ رَسُولُ اللهِ، وَخَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ، وَغَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ، وَمَا تَأَخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلَا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَأَنْطَلِقُ، فَآتِي تَحْتَ الْعَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدَاً لِرَبِّي، ثُمَّ يَفْتَحُ اللهُ عَلَيَّ وَيُلْهِمُنِي مِنْ مَحَامِدِهِ، وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئَاً لَمْ يَفْتَحْهُ لِأَحَدٍ قَبْلِي، ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهْ، اشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، أَدْخِلْ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِ مِنَ البَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنَّ مَا بَيْنَ المِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الجَنَّةِ لَكَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَرَ، أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى».

فَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الحَدِيثُ أَثْنَاءَ الطَّعَامِ.

وَيَقُولُ ابْنُ الجَوْزِيِّ: مِنْ آدَابِ الأَكْلِ أَنْ لَا يَسْكُتُوا عَلَى الطَّعَامِ، بَل يَتَكَلَّمُونَ بِالمَعْرُوفِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُبَاسِطَ الإِخْوَانَ بِالحَدِيثِ الطَّيِّبِ عِنْدَ الأَكْلِ وَالحِكَايَاتِ الَّتِي تَلِيقُ بِالحَالِ إِذَا كَانُوا مُنْقَبِضِينَ لِيَحْصُلَ لَهُمُ الانْبِسَاطُ وَيَطُولَ جُلُوسُهُمْ.

وَقَالَ الحَنَفِيَّةُ: وَلَا يَتَكَلَّمُ بِمَا يُسْتَقْذَرُ، بَل يَذْكُرُ نَحْوَ حِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ، فَإِنَّ مِنْ آدَابِ الأَكْلِ الكَلاَمَ عَلَى الطَّعَامِ، وَلَا يَسْكُتُ عَنِ الكَلَامِ، فَإِنَّ السُّكُوتَ المَحْضَ مِنْ سِيَرِ الأَعَاجِمِ، بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَتَحَدَّثَ بِالمُبَاحِ وَحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ، وَمِنْ هَذَا قِيلَ: الصَّمْتُ عَلَى الطَّعَامِ، مِنْ سِيرَةِ الجُهَلَاءِ وَاللِّئَامِ، لَا مِنْ سِيرَةِ العُلَمَاءِ الكِرَامِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: يُسَنُّ الحَدِيثُ غَيْرُ المُحَرَّمِ كَحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ عَلَى الطَّعَامِ؛ وَتَقْلِيلُ الكَلَامِ أَوْلَى.

وَقَالَ الحَنَابِلَةُ: يُكْرَهُ لِمَنْ يَأْكُلُ مَعَ غَيْرِهِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِمَا يُسْتَقْذَرُ أَوْ بِمَا يُضْحِكُهُمْ أَوْ يُخْزِيهِمْ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالحَدِيثِ الطَّيِّبِ أَثْنَاءَ الطَّعَامِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَمِنَ السُّنَّةِ الحَدِيثُ عَلَى الطَّعَامِ، وَأَمَّا مَا يَذْكُرُهُ النَّاسُ: تَحَدَّثُوا عَلَى الطَّعَامِ وَلَو عَلَى حِسَابِ أَسْلِحَتِكُمْ؛ فَلَيْسَ صَحِيحَاً. هذا، والله تعالى أعلم.

 

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3067 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  سنن وآداب نبوية

 السؤال :
 2022-10-10
 556
إِذَا رَأَيْتُ صَدِيقًا لِي عَلَيْهِ ثِيَابٌ جَدِيدَةٌ، فَهَلْ مِنْ دُعَاءٍ مَسْنُونٍ أَقُولُهُ لَهُ؟
رقم الفتوى : 12228
 السؤال :
 2020-04-22
 4875
هَلْ صَحِيحُ بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ دَفْنُ أَظْفَارِ الإِنْسَانِ بَعْدَ قَصِّهَا؟
رقم الفتوى : 10322
 السؤال :
 2019-01-22
 1204
ما هي آداب الطعام التي دعانا إليها سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
رقم الفتوى : 9409
 السؤال :
 2018-07-28
 17349
هل صحيح بأنه من السنة إعادة السلام ثانية، إذا خرج الإنسان من المجلس وعاد إليه، أو حال بين الرجلين جذع شجرة؟
رقم الفتوى : 9051
 السؤال :
 2018-01-28
 8127
ورد في الحديث الـشريف أن نتف شعر الإبط من سنن الفطرة، والفقهاء يقولون: إنه يصح الحلق؛ ألا يستفاد من الأحاديث أن إزالة شعر الإبط حـصراً يجب أن يكون بالنتف؟
رقم الفتوى : 8639
 السؤال :
 2017-12-17
 8115
هل صحيح بأنه يجب دفن شعر العانة، لأنه لا يجوز النظر إليه؟
رقم الفتوى : 8564

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3152
المكتبة الصوتية 4740
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 411764912
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :