عرض الأعمال على سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

7893 - عرض الأعمال على سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

13-03-2017 20139 مشاهدة
 السؤال :
هل تعرض الأعمال على سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وهو في عالم البرزخ؟ فإن كان الجواب: نعم. فكيف نوفق بين عرض الأعمال عليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وهو في قبره الشريف، وبين قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ»؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7893
 2017-03-13

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: روى البزار عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «حَيَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ، تُحَدِّثُونَ وَنُحَدِّثُ لَكُمْ، وَوَفَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ، تُعْرَضُ عَلَيَّ أَعْمَالُكُمْ، فَمَا رَأَيْتُ مِنَ خَيْرٍ حَمِدْتُ اللهَ عَلَيْهِ، وَمَا رَأَيْتُ مِنَ شَرٍّ اسْتَغْفَرْتُ اللهَ لَكُمْ».

قَالَ الهَيْثَمِيُّ في مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ: رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ. اهـ. وَصَحَّحَهُ السُّيُوطِيُّ؛ وَقَالَ العِرَاقِيُّ في تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الإِحْيَاءِ: وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ اهـ. وَضَعَّفَهُ آخَرُونَ.

وروى الإمام أحمد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَى أَقَارِبِكُمْ وَعَشَائِرِكُمْ مِنَ الْأَمْوَاتِ، فَإِنْ كَانَ خَيْرَاً اسْتَبْشَرُوا بِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُمْ، حَتَّى تَهْدِيَهُمْ كَمَا هَدَيْتَنَا».

وروى الحكيم الترمذي في نوادر الأصول: وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ يَوْمَ الإثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ عَلَى اللهِ تَعَالَى، وَتُعْرَضُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَعَلَى الْآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيَفْرَحُونَ بِحَسَنَاتِهِمْ، وَتَزْدَادُ وُجُوهُهُمْ بَيَاضَاً وَإِشْرَاقَاً؛ فَاتَّقُوا اللهَ وَلَا تُؤْذُوا مَوْتَاكُمْ» وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.

وروى الحاكم عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَلَا إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مِثْلُ الذُّبَابِ تَمُورُ فِي جَوِّهَا، فَاللهَ اللهَ فِي إِخْوَانِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْقُبُورِ، فَإِنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَيْهِمْ».

ثانياً: روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا، فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الْأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ، وَوَجَدْتُ فِي مَسَاوِي أَعْمَالِهَا النُّخَاعَةَ تَكُونُ فِي المَسْجِدِ، لَا تُدْفَنُ».

ثالثاً: يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالمُؤْمِنُونَ﴾.

وبناء على ذلك:

فَإِنَّ عَرْضَ أَعْمَالِ الأُمَّةِ عَلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ مُحَقَّقٌ وَمِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ، للآيَةِ الصَّرِيحَةِ وَالحَدِيثِ الصَّحِيحِ.

أَمَّا عَرْضُ الأَعْمَالِ عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ في قَبْرِهِ الـشَّرِيفِ فَلَيْسَ مُسْتَبْعَدَاً عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ الأَحَادِيثِ التي ذَكَرْنَاهَا أَوَّلَاً، وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً، غَيْرَ أَنَّهُ يُسْتَأْنَسُ بِهَا في عَرْضِ الأَعْمَالِ عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ هَذِهِ الأَحَادِيثِ، وَالحَدِيثِ الصَّحِيحِ الثَّابِتِ في الصَّحِيحَيْنِ: «إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ».

فَالذينَ تُعْرَضُ أَعْمَالُهُمْ عَلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ في قَبْرِهِ الشَّرِيفِ، هُمُ المُؤْمِنُونَ الصَّادِقُونَ الأَتْقِيَاءُ الذينَ اسْتَجَابُوا للهِ تعالى وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يغَيِّرُوا وَلَم يُبَدِّلُوا، هَؤُلَاءِ الذينَ يَحْمَدُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ مِنْ خَيْرٍ، وَيَسْتَغْفِرُ لَهُمْ لِمَا يَقَعُونَ فِيهِ مِنْ شَرٍّ، لِأَنَّهُمْ: ﴿وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.

وَأَمَّا الذينَ غَيَّرُوا وَبَدَّلُوا في العَقَائِدِ وَالإِيمَانِ مِنَ الفِرَقِ الضَّالَّةِ التي فَسَدَتْ عَقَائِدُهَا وَانْحَرَفَتْ أَفْكَارُهَا عَنْ مَنْهَجِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ انْحِرَافَاً خَطِيرَاً حَيْثُ غَيَّرُوا وَبَدَّلُوا، وَلَمْ يَكُونُوا على مَا كَانَ عَلَيْهِ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَهَؤُلَاءِ لَا تُعْرَضُ عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَعْمَالُهُمْ، لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ مِنْ عَرْضِ الأَعْمَالِ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَنْ يَسْتَغْفِرَ اللهَ تعالى لَهُمْ، وَهُمُ الفِرَقُ الضَّالَّةُ الذينَ أَشَارَ إِلَيْهِمْ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى أَوِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَافْتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى إِحْدَى أَوِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً» رواه الحاكم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

فَالفِرَقُ الضَّالَّةُ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ لَا تُعْرَضُ أَعْمَالُهُمْ عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في عَالَمِ البَرْزَخِ، وَلَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُمْ.

وَأَمَّا في الآخِرَةِ، فَيَقُولُ في حَقِّهِمْ: «سُحْقَاً سُحْقَاً لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِي» رواه الشيخان عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَجْعَلَنَا مِمَّنْ يَسْتَغْفِرُ لَهُمْ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ في قَبْرِهِ الشَّرِيفِ وَيَوْمَ القِيَامَةِ، وَأَنْ نَكُونَ مِنَ الرِّجَالِ الذينَ ﴿صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلَاً﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
20139 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  فتاوى متعلقة بالحديث الشريف

 السؤال :
 2023-11-23
 4994
مَا صِحَّةُ حَدِيثِ: (أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا اثْنَانِ: امْرَأَةٌ عَصَتْ زَوْجَهَا، وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ)؟
 السؤال :
 2023-09-17
 4383
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ سَيِّدَنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَفَضَ إِحْضَارَ كِتَابٍ أَرَادَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ فِيهِ للأُمَّةِ، حَتَّى لَا يَضِلُّوا مِنْ بَعْدِهِ؟
 السؤال :
 2023-08-07
 3523
مَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الجَنَّةِ»؟
 السؤال :
 2023-02-25
 3579
مَا صِحَّةُ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ»؟ وَمَا مَعْنَاهُ؟
 السؤال :
 2023-02-25
 2005
لَقَدِ انْتَشَرَتْ في صُفُوفِ النِّسَاءِ الأَحَادِيثُ المَكْذُوبَةُ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مِنْ قِبَلِ بَعْضِ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي يَتَظَاهَرْنَ بِأَنَّهُنَّ دَاعِيَاتٌ إلى اللهِ تعالى، فَمَا حُكْمُ ذَلِكَ؟
 السؤال :
 2022-09-09
 3759
هُنَاكَ بَعْضُ المُشَكِّكِينَ في دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، يَقُولُونَ: أَيْنَ المُسَاوَاةُ في دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، مِنْ خِلَالِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إِلَّا الْحُدُودَ»؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3162
المكتبة الصوتية 4798
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414455165
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :