الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَلَمْ يَثْبُتْ في الأَحَادِيثِ الشَّرِيفَةِ: بَشِّرِ القَاتِلَ بِالقَتْلِ، وَالزَّانِيَ بِالفَقْرِ.
وَلَكِنَّ المَعْنَى صَحِيحٌ، فَالقَاتِلُ إِذَا لَمْ يَعْفُ عَنْهُ أَوْلِيَاءُ المَقْتُولِ، وَرُفِعَ أَمْرُهُ إلى القَاضِي، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ حَدَّاً، وَإِنْ لَمْ تُطَبَّقِ الحُدُودُ قَدْ يُسَلِّطُ اللهُ تعالى عَلَيْهِ مَنْ يَقْتُلُهُ، لِأَنَّ الجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ العَمَلِ.
أَمَّا بِالنِّسْبَةِ: وَالزَّانِيَ بِالفَقْرِ؛ فَالمَعْنَى صَحِيحٌ كَذَلِكَ، لِأَنَّ الذُّنُوبَ وَالمَعَاصِيَ لَا تَأْتِي إِلَّا بِالسُّوءِ وَالمَصَائِبِ، قَالَ تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾. وَبِسَبَبِ الذُّنُوبِ قَدْ يُحْرَمُ العَبْدُ مِنَ الرِّزْقِ، وَتُرْفْعُ البَرَكَةُ عَمَّا رَزَقَهُ اللهُ تعالى.
وبناء على ذلك:
فَهَذَا لَيْسَ بِحَدِيثٍ شَرِيفٍ، وَلَكِنْ قَدْ يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى مَعْصِيَةِ القَتْلِ بِالقَتْلِ إِذَا أُقِيمَتْ حُدُودُ اللهِ تعالى، لِأَنَّ الجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ العَمَلِ.
وَمَنِ ابْتُلِيَ بِالزِّنَا وَلَمْ يَتُبْ إلى اللهِ تعالى فَقَدْ يُبْتَلَى بِالفَقْرِ وَالعَنَا؛ وَعَلَى كُلِّ الأَحْوَالِ ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلَاً صَالِحَاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورَاً رَحِيمَاً * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحَاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتَابَاً﴾.
أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَرْزُقَنَا جَمِيعَاً التَّوْبَةَ الصَّادِقَةَ النَّصُوحَ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |
